من شجيراتهم
يخصفون الورق
ويغطون اشعارهم
يخلعون على الورد اسماءهم
وعلى الريح انواءهم
وعلى الليل اشذاءهم والعبق
ومن دون ان يندموا
يتركون مزاميرهم
قرب اوجاعهم
ويسيلون فوق بياض الورق
يلاحقهم دائما عسس
يقنصون القصائد من خلفهم
غير ان القصائد مثل النوارس
تخرج من تحت احزمة القانصين مناقيرها
وتبل لياليهم بالارق
اولئك احبابي فجئني بمثلهم
اذا جمعتنا يا رقيب المجامع


**


سوف اقطع هذي الطريق
الى اخر الخوف
ثم ابكي على وطن
قيده على جمل
ظل يمشي جنوبا
والريح تجري شمالا
سوف ابكي على وطن
اوقفوا طيره في نوافذ منسية
واستوحشوا صوته ان هدل
ثم طاروا بما انتزعوا من الريش
الى جزر نجمها افل
وبكوه بلا ادمع مثلها
يبتدي شعراء الطلل
وكنا نقول لهم
للدماء على الورد حق القتيل
للظلال على الارض حق النخيل
للمياه على النهر حق المسيل
للحمام الذي ناح في الوكر حق الهديل
وكانت بلاد تسير الى حتفها
وفي جيدها ياكل النير
على مسمع من شهود الملا
لم نجد صاحب الزنج في بيته
حينما قد ازلنا سباخ القرى
وجعلنا المدامع تغسل ابوابنا
لان مزاليجها امتلات بالصدا
ولذا ما تركنا على الماء اسماءنا
ورحلنا
الى بصرة ثانية
لتورق احلامنا الباقية
فلئن حسدتنا العيون على صبرنا
فلانا نفضنا من الريش اجسادنا
ولبسنا سكون الحجر
ومن قبل كما قدمنا من الريف
وعلى راسنا
مسحة من غبار الشجر
ساومتنا على توتنا دودة القز
لتزجي لنا وطنا من حرير
وكان الهوى مائلا نحونا
قلنا إذن يذبل التوت
ويقضم خضرته يانعا ويموت
وكان ابن فرناس ما بين حين واخر
ياتي الي ويفرد أي في الفضاء جناحين
ليعلمني الطيران
ويقول كفاك البكاء على كربلاء
فاتخذ سفرا نحو باريس
إلا ان باريس اجمل من كربلاء
وابهى سماء واحلى نساء
واقول بلى ان باريس
اجمل من كربلاء
ولكن باريس ليست بلادي
اريد بلادي
هم ضيعوني وهم قد اضاعوا بلادي
واقتسموا ارثنا بين خمر النوادي
وكنت اذا ما نويت الرحيل
اخجلتني من النخل برحيه
فرشت ظلها فوق ارض السواد


**

سابارك هذا النخل الذي
ينحني صوب انهاره
واشير له بالبنان
واهدي نشيد الصباح له
وابقي على شرفتي سعفه بامتنان
له الشدو ومن عاليات الماذن
حينما تستظل البساتين من
حرها تحت قناديله في الجنوب
ويعود الحمام له امنا في الغروب
سلاما على شارع كل احيائه
تستدير الينا وتعرفنا
حينما يترجل في الفجر خطو لنا في زقاق
سلام على صحبة بضياء القناديل
يغدون في الصبح ما بين موتين
ويمسون في الليل ما بين موتين
ويموتون قبل مجيء العراق
وسلام على اول الاشتياق
سلام على اخر الاشتياق
سلام على ام نواس
لم ارها ….. فقد خرجت
منذ دخلت بيتنا الحرب
والقت سواد الغسيل على الحبل
اذ التفتت نحو ابائها
واتشحت بالمنون
بعدها ملات بيتها فتنة
ورشت على الكحل سود العيون
سلام على شاعر ام البساتين
فقد نضبت دجلة الخير
من بعده
فكيف تلوذ الحمائم ما بين ماء وطين
سلام على جدث ناحل
يتحلق من حوله بردى
ليجالس في الليل احلى المسنين
وحين يغادره بردى
ينهض من خلفه بثياب الحداد
ويترك اشعاره في الممر المؤدي لبغداد
سلام عميد المحبين
سلام صديق الوعول الجريحة
جد الأيائل …. نجل النخيل
كان يعبر كثبان تلك البلاد نحيفا
بطاقية لمها من زهور البساتين
واصطفاها على الراس اكليل غار
كان الفراش يعاف جميع الزهور
وياتي ضريرا الى نار أزهارها
يصاحبه وطن
كانت جبال تقلده بالوقوف
وترسمه فوق أحجارها
وطيور الحرائق حين تحط تتاخمه
وتقضي مناسكها عنده
فيغمس نهريه في نارها
ولم يتوسل من الناس بنا لقهوته
ولم يتوسل من الناس تبغا
اذا اتبعته العتابا
او اسهرته نجوم السرى
وكانت على ركبتيه
تنام صغار القرى
ومن غربته تتفتح في صدره
رأيناه في الأرض خاناتها
وقد كان يهجر كل بيوت العراق
ويسكن مئذنة في المغيب
وفوضه الشعر ان يستقر على عرشه
فذاعت لحنطته نكهة في الهلال الخصيب
وكان يخبئه بالعناد المكابر والريش
وما أعجبته طيور بلاد
سوى ما يراه بمرآتها
وكان عصيا على دمعه
ولكنه الان يخرج من لحده
وياتي ظميئا لضفاتها
فهيا بنا ايها الشعراء
ببداهة اهل السواد
نسير حفاة الى قبره
ونحمله هودجا من دمشق لبغداد
وهيا بنا ايها الشعراء
نسير حفاة الى قبره
ونحنوا عليه سهاما مكسرة فوق صدر وفي
ونبكيه … نصنع من ورق السدر
غيما ثقلا على القلب
ثم نمطره ادمعا
فوق وادي الغري
ومن حزن نافذة
خانها صبرها في الغروب
واغتصبتها التباريح
ننش عليه حمام الاصيل
ونلقي باشعارنا عنده
ثم نتركها قصبا للهديل
فقد اكل البعد ما شاء من وروده النجفي
ونحن نجيء به من سني اللظى والرماد
سيسألنا من يراها
وقد رفعته الأيادي على طولها
هل جلبتم من الشام جسرا جديدا لبغداد
وهيا بنا ايها الشعراء
بين جوز الشمال ونخل الجنوب
ورياح التذكر عند الهبوب
نسير حفاة الى قبره
تزاحمنا دجلة الخير
ام البساتين
وهي تدحرج امواجها قبلنا
وتجري بماء الحياء من القلب للعين
ربما افزعته هناك
على وحشة كائنات الظلام
ربما ظل مستيقظا لا ينام
ربما ظل لبغداد في شفتيه كلام
فيا وطنا ظل بيني جبالا على الارض
ثم عاد بلا قمم
ويا وطني ….
يا بلاد الحدائق والمعتبين
والمياه الغزيرة والظامئين
لك الان ان تتذكر
وتجيء له
فقد ظل منتظرا
كل بستان عطر يفوح
على البعد منك يقول لقد جاء
كلما كثرت في الصدور نياشين خائنة
يسال الذبح عن عنق الاصدقاء
هو الان
ما عاد يطلب
غير منام بلا وجل
وشمسا تضيء بلا منه
فدعه يوسد دجلة قيثارة البابلي
دعه يوسد قيثارة البابلي ..
وسلاما عميد المحبين
سلاما صديق الوعول الجريحة
جد الأيائل
نجل العتاق النخيل
سلاما ….. سلاما