تركز جولة الصحف، الخميس، على الحالة السورية بعد سقوط حكم الأسد، والموقف الإسرائيلي من الحكام الجديد في دمشق وأكراد سوريا، والوضع السياسي للبلاد بعد أكثر من نصف قرن من حكم عائلة الأسد.

حاول إيلان بيرمان في مجلة نيوزويك الأمريكية، تحليل الموقف الإسرائيلي من سوريا بعد سقوط حكم بشار الأسد، وذلك في مقال عنوانه "إسرائيل تواجه إعادة ترتيب استراتيجي في سوريا".

رأى بيرمان أن الانهيار السريع لحكم الأسد أدى إلى صعود تحالف متنوع من الجماعات السنية "المتشددة" التي تهيمن عليها هيئة تحرير الشام، وزعيمها "الكاريزمي أبو محمد الجولاني".

ووفق قراءة بيرمان للمشهد، فإن النظام الجديد قد يبدو مفيداً لإسرائيل للوهلة الأولى، فهو ساعد في الإطاحة بالأسد وبالتالي إزاحة الوجود الإيراني القوي على الحدود الشمالية لإسرائيل، وانقطاع "الجسر البري" بين طهران وبيروت الذي استخدمه النظام الإيراني لسنوات لتزويد حزب الله في لبنان بالأسلحة.

لكنه، يعتقد بالاستناد لفحص دقيق أن التحول في سوريا يمثل تحدياً استراتيجياً عميقاً بالنسبة لإسرائيل.

وقال بيرمان إن إسرائيل تراقب الموقف عن كثب، وتتخذ التدابير اللازمة لتأمين نفسها، مثل نشر وحدات من الجيش الإسرائيلي على مرتفعات الجولان السورية.

وأشار إلى أن الوضع السوري الجديد يشكل تحدياً للحكومة الإسرائيلية، التي قضت العقد الماضي في التركيز بشكل شبه حصري على التهديد المنبثق من إيران ووكلائها المتنوعين.

"بصرف النظر عن الخطاب التصالحي الحالي للجولاني، تتوقع إسرائيل تماماً أن يعود هو ورفاقه إلى نمطهم المتطرف، وربما عاجلاً وليس آجلاً"، يقول الكاتب.

وأشار المقال أيضاً إلى القلق من النفوذ التركي في سوريا الذي يرجح أن يحل مكان الإيراني.

ورأى أن تركيا تعد قوة إقليمية كبرى، وعضو في حلف شمال الأطلسي، ولاعب إسلامي معاد لإسرائيل.

وقال إن إدارة دونالد ترامب المقبلة، تحتاج إلى تحديد الدور الذي تريد أن تلعبه في اللعبة الاستراتيجية الجديدة في الشرق الأوسط، وكيفية دعمها لإسرائيل.

"أمن إسرائيل يكمن في دعم استقلال الأكراد"

أكراد سوريون يلوحون برايات تعرف بـ"علم الثورة السورية" وقوات سوريا الديمقراطية
Getty Images
أكراد سوريون يلوحون برايات تعرف بـ"علم الثورة السورية" وقوات سوريا الديمقراطية

وفي صحيفة "جيروساليم بوست" الإسرائيلية، كتب ميم هوسيدين مقالاً بعنوان: "هل ينبغي لإسرائيل أن تدعم استقلال الأكراد في سوريا؟

قال هوسيدين، إن أمن إسرائيل يكمن في دعم استقلال الأكراد وليس في عقد الصفقات مع تركيا في سوريا.

وتحدث عن تشابه في "الترحيل" الذي عاشه الأكراد واليهود، وتحدث عن وجود تاريخ متشابه.

واعتبر أن الأكراد في طور التحول إلى أمة، والحكم الذاتي للأكراد في شمال العراق ليس في مأمن تام عن التهديدات التركية أو الفارسية، وهو معرض للزوال على يد الأتراك إذا لم يكن هناك دعم من الولايات المتحدة أو إسرائيل.

لكن الكاتب أشار إلى تعاون عسكري تركي إسرائيلي، وحذر من الثقة في الأتراك، وقال إن الدبلوماسية التركية معروفة بالخيانة وبتغيير التحالفات بين القوى العظمى، مستغلة سيطرتها على ممرات البحر الأسود.

وتساءل الكاتب، "إذا كانت تركيا قادرة على إخضاع الأكراد في العراق وسوريا لهيمنتها، إلى جانب دمشق، فلماذا نفترض أنها ستتوقف عند هذا الحد؟"

واعتبر أن التهديد الوجودي لإسرائيل لم يكن أبداً من الشيعة، بل كان دائما من السنة، مضيفاً أن إدارة أردوغان تكن استياءً عميقاً تجاه اليهود وإسرائيل.

على السوريين تعلم "ممارسة السياسة"

شخص يحمل رايتان لما يعرف بـ"علم الثورة السورية" في دمشق في 27 ديسمبر/كانون الأول 2024
Reuters
شخص يحمل رايتان لما يعرف بـ"علم الثورة السورية" في دمشق في 27 ديسمبر/كانون الأول 2024

وكتب بكر صدقي في صحيفة القدس العربي، مقالاً بعنوان "السوريون يتعلمون السياسة في شقها العملي"، ناقش فيها الظروف السياسية الجديدة في سوريا بعد سقوط حكم الأسد.

ولاحظ الكاتب "الغياب شبه التام" للقوى السياسية المعارضة لحكم الأسد من خارج هيئة تحرير الشام والفصائل الحليفة.

وقال صدقي إن الأمر يقتصر على تعبيرات فردية في منصات التواصل الاجتماعي لأشخاص مبعثرين يساهمون في التعليق على الأحداث ويعبرون عن تطلعاتهم للشكل الذي يريدون أن تكون عليه سوريا بعد الأسد، وعن هواجسهم من تفرد المجموعة الحاكمة بالسلطة وخشيتهم من احتمال قيامها بصياغة لشكل الدولة بصورة منفردة مستمدة من خلفيتها الأيديولوجية.

ورأى أن قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع يبدو مستعجلاً لعقد المؤتمر الوطني، وذلك للحصول على ما يكفي من الشرعية للمضي قدماً في مشروعه السياسي الذي يمتنع إلى الآن عن إعلان تفاصيله بوضوح، وفق تعبير الكاتب.

وقال صدقي، إن الشرع يتوقع أن يصدر المؤتمر قرارات كوقف العمل بالدستور وحل مجلس الشعب واختيار وزراء "حكومة انتقالية" تحل محل حكومة تصريف الأعمال القائمة اليوم، على أن تأتي بعد ذلك خطوات صياغة دستور جديد ثم انتخابات برلمانية.

ورأى أنه يمكن ترجمة تلك القرارات على أنها خطة عمل لفترة لا تقل عن أربع سنوات يقود فيها سوريا كحاكم بمساعدة حكومة تنال شرعيتها من مؤتمر يقوم بنفسه بتحديد إطاره التمثيلي وبرنامجه، في حين لا يرى أنه هو نفسه في حاجة إلى شرعية تتجاوز شرعيته الثورية كقائد فوق الحكومة، وفق الكاتب.

وفي ظل الحراك الدبلوماسي الإقليمي والدولي تجاه دمشق، قال الكاتب إن الشرع يولي أهمية كبيرة لنيل الشرعية الدولية بما يفوق اهتمامه بالشرعية الوطنية، ربما لاعتقاده بأنه نالها فعلاً منذ سقوط حكم الأسد.

وتوقع صدقي أن يتمكن الشرع من فرض المؤتمر بالشكل الذي يريده، على رغم أنه سيلقى على الأرجح رفضاً في الرأي العام لا يمكن التكهن بحجمه.

"في غياب أي قوى معارضة منظمة ذات وزن ستبقى الاعتراضات فردية ومبعثرة، مقابل نيل السلطة قبولاً من المكونات التي يراد تمثيلها للتنوع السوري بديلاً عن التمثيل الديمقراطي"، يقول صدقي.

وقال إن سوريا والسوريين دخلوا عالم السياسة بكل تعقيداته، بعد ستين عاماً من حرمانهم من المساهمة في تقرير مصيرهم.

وحث السوريين على تعلم "ممارسة السياسة الآن بدلاً من الاكتفاء بالنق"، وأن تكون لهم كلمتهم في شكل الدولة التي يطمحون إلى تأسيسها، وفي اختيار ممثليهم في السلطة، وفي العمل على نيل حقوقهم بدلاً من انتظار الحاكم ليتكرم بها عليهم أو يمنعها عنهم.