إيلاف من الرباط: تجري الفرق والمجموعات البرلمانية بمجلسي النواب والمستشارين المغربيين ( البرلمان ) تنسيقًا مكثفًا لعقد جلسة عمومية مشتركة، لمناقشة المواضيع الخلافية التي تتضمنها التعديلات المرتقب إدخالها على مدونة الأسرة المغربية.
ويقود هذا التنسيق إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، رغبةً منه في دفع الحكومة نحو فتح نقاش مؤسساتي حول المواضيع الخلافية التي أثارتها التعديلات. وقال السنتيسي في تصريح لـ"إيلاف": "يجب على البرلمان أن يكون منصة للنقاش الشفاف حول كافة القضايا المتعلقة بمدونة الأسرة، بما فيها القضايا الحساسة مثل تعدد الزوجات، والوصية، وتقاسم الممتلكات"، وأضاف: "لذلك طالبت بعقد هذه الجلسة رغبةً منا في نقل النقاش الذي يدور بين المغاربة إلى غرفة البرلمان التي تمثل كافة فئات الشعب المغربي"، معتمدًا في ذلك على الفصل 68 من الدستور المغربي الذي يتيح إمكانية جمع البرلمان في جلسة مشتركة بطلب من رئيسي مجلسي النواب والمستشارين، للاستماع إلى بيانات تتعلق بقضايا تكتسي طابعًا وطنيًا مهما.
واعتبر السنتيسي أن هذه المبادرة تعكس حيوية المؤسسة التشريعية واستجابتها السريعة للقضايا الوطنية. وتتفق الفرق المعارضة للحكومة، المتمثلة في أحزاب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية، مع هذه الدعوة لتسليط الضوء على التعديلات وشرحها للمواطنين في ابتعادٍ تام عن الحسابات السياسية الضيقة، والتركيز على تبديد اللبس قبل إعداد مسودة مشروع قانون تعديلي لمدونة الأسرة، مع تقديم إجابات حاسمة عن التساؤلات التي تشغل بال الرأي العام، وتعزيز الثقة في قدرة البرلمان على ممارسة دوره في الوساطة بين الشعب والحكومة، والتزامه بالاستجابة للتحديات الكبرى التي تواجه البلاد.
وتشكل الجلسة، ليس مجرد نقاش حول تعديل المدونة، بل هي رسالة سياسية تؤكد قوة المؤسسات وقدرتها على التفاعل مع النقاش العام وتفكيك الشكوك بالتحليل، وبالتالي إنتاج قناعات تعكس التطلعات الشعبية، وتكرّس دور البرلمان كركيزة أساسية في المشهد الوطني.
وفي حالة تعذر عقد هذه الجلسة المشتركة، طالب الفريق الحركي بمجلس النواب تخصيص الجلسة العامة المقبلة لمساءلة رئيس الحكومة حول السياسات العمومية لموضوع مدونة الأسرة ، ورهان التعديل الذي سيشمل بعض بنودها.
وعلمت "إيلاف" أن هذا الفريق وجّه رسالة إلى رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، يطالب فيها بتخصيص جلسة للمساءلة الشهرية حول "التوجهات العامة للسياسة الأسرية"، لإتاحة الفرصة لمناقشة عملية مراجعة مدونة الأسرة، التي تعد بحسب حزب الحركة "ليست مجرد تعديل قانوني، بل خطوة استراتيجية لتعزيز استقرار الأسرة وحفظ حقوقها"، مستندةً إلى التوجيهات الملكية الداعية إلى النهوض بالشأن الأسري.
وبسبب الجدل الكبير الذي أثارته بعض التعديلات في الأوساط الاجتماعية والثقافية، حول الأسانيد والمرجعيات التي تم الاستناد إليها في صياغة هذه التعديلات، جدد حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية التزامه بالترافع عن قضايا الأسرة لتحقيق المصلحة الفضلى للأطفال وتعزيز حقوق النساء. كما أكد، في بيان له، أنه سيواصل العمل من أجل تحويل المبادئ الدستورية إلى واقع ملموس يدعم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، باعتبار الأسرة خلية أساسية لإرساء مشروع مجتمعي متقدم.
وعبّر الحزب عن "اعتزازه بإحالة النصوص الدينية المتعلقة بالمدونة على المجلس العلمي الأعلى، باعتباره خطوة تعزز حياد الدين عن الاستغلال السياسي"، مثمنًا "اعتماد اجتهاد فقهي متجدد يعكس هوية مغربية منفتحة، قادرة على التكيف مع التحولات المجتمعية ضمن إطار إسلام تنويري". ودعا الحكومة لصياغة مشروع قانون يُعرض على البرلمان، مؤطَّر بالمرجعيات الدينية والقيم الكونية التي نص عليها الدستور، يكرّس المساواة والعدل داخل الأسرة المغربية.
المعارضة تتهم الحكومة بـ"الغموض" وعدم التواصل
رغم المبادرات البرلمانية، تواجه الحكومة اتهامات بغياب التواصل لتوضيح التعديلات المرتقبة، إذ اتهمت فرق المعارضة بمجلس النواب (الغرفة الاولى في البرلمان) الحكومة بعرض 10 تعديلات فقط من أصل 17 تعديلًا أحالها الملك محمد السادس على المجلس العلمي الأعلى للنقاش، مما أثار تساؤلات حول مصير التعديلات المتبقية وغياب تفسيرها للرأي العام.
وفي ظل الغموض المحيط ببعض الجوانب، ترى المعارضة أن عقد جلسة برلمانية مشتركة يمثل فرصة لخلق نقاش وطني شامل حول مناقشة تعديلات مدونة الأسرة لتعزيز الحوار الوطني، وتحقيق التوافق الذي يعزز استقرار الأسرة المغربية ويستجيب لتطلعات مختلف مكونات المجتمع.
التعليقات