"الى الانسانة الكونية: خالدة،
في ذكرى مروري العابرعلى سطح كوكبها"

مشيت وحيدا في العالم

حين سقطتُ إنهارَ سقف ُ العالم، ولم اتحطم،
لكنني خسرتُ عزلتي.
صار مؤكدا ذلك.
صار مؤكدا أنني قد عُزلت ُ عن العزلة،
لأنها انزلتني من على اكتافها.

انتـُزعتُ مثل ماء من قطرة.
ولمّا دخلوا القطرة، ووجدونى، داخلها، العب مع القطرة،
اغلقوا القطرة.
ادركتُ ان حصّـتي من الفرح قد وصلت آخرها،
فشربتُ القطرة حتى آخر قطرة، وغنيتُ:
كيف تـُفصل القطرة عن الماء؟
اسكرني الرملُ.
اسكرني ايضا اني ماء لايجد في صحنه قطرة، فرقصت ُ.
رقصت ُ طويلا،
حتى فاضت رقصتى عن الرقص، وفار التنور،
فرأيت ُ القطرة قطرات،
وفي كل قطرة انا الماء والقطرة،
لكننى، في ذروة الرقص، سقطتُ، كما فانوس من برج،
ولدى ارتطامي بالليل، سالـتْ ، على الاسفلت، حياتي.
اطبقتُ اجفاني، على اخر قطرة دمع،
لأننى ادركتُ أن خواطري، هي الاخرى، قد انتـُهكت ْ..
ثم
مشيت ُ وحيدا في العالم.


أمثال

كمن يبحث عن عينيه في الظلام.
كمن يسد فوّهة بركان بفلينة.
كمن يستر مَن يشي بوبائه.
كمن هام بحب قاتليه.
كمن هبط، من شاهق عزلته،
ليشتري تاجا،
فعاد بدون رأس.
.....
أنا.

اسرار

كم كان قاسيا
ان المس الجمرة في راحة اليد،
ثم
ادعي انها موجة..
كم كان مؤلما
ان المَّ الصديق الذي تناثر،
وان لايلمنى الا عدوي..
كم كان صعبا
ان لايثمر الصفصاف ابدا..
كم كان..

لقد رأيتُ وكتمتُ، ونسيتُ ما كتمتُ
حتى نسيتُ النسيان.

كم كان جميلا
ان اغسل الذكريات بالدمع لئلا تصدأ،
وان اغمس الاسرار بالاسرار
لئلا تبوح..

عراك

بانتظار ان ينقل الملاكُ والشيطانُ عراكهما الى الخارج،
فاعود نقيا، وقد طردتـُهما من داخلي،
اقف مضطربا، امام بوابة قلقي..
مثل
رجل تحت احدى قدميه كنز،
ولاينحني له،
فتحت القدم الاخرى لغم، اتناثر قبل انفجاره،
ولا يلملمني احدٌ، سوى العراك ذاته،
فاكتبه..
لكنها معجزة لاتحدث، الا وقد صمّمت ُ على ذبحها.

عبثا اكتب ذلك، لاننى سامحوه.
اشطبه، اعبره،
ولااكف عن الالتفات نحوه، فاعود واكتبه.
لااحد مثلي يرش القلق على ما يكتب.
امزقه
ثم اجثو على ركبتيّ باكيا، واجمعه..

قلقي حجر ٌيلعق نفسه،
وريبتى
قنديل ٌ... يخاف انطفاء الريح.

قصيدة الالم

في التكرار
يفقد الالم شخصيته .


ساحة المعركة

خرّبتكِ قدر عنايتي، واعطيتك دور الكتفين،
لكن رأسي كان مخبولا،
فلم يستقر بينهما.
الآن
اكتب قصيدة نسيانكِ،
بعد ان وزّعتُ، بين سطورها، صرختى
مثل بحر
لايؤكد وجوده الا بالانتقال من يدٍ الى يدٍ،
الى ان يصبح قطرة ً.

سأذهبُ خاليا،
كما يذهب الزمن.
وابتعد ُ،
كما يبتعد، عن نفسه ، البعد.
وانسحب ُ،
كما ينسحب الفراغ،
عندما يصطدم باصوات العابرين على بشاشة عزلته،
لكنني ساذكر اسمك ِ، هناك،
حين تدق الساعات في الابد.

كنتِ نورا يبحث ُ عن خيط،
وكنتُ خيطا يبحثُ عن نور،
فاتـّحـدنا، دون ان نتلامس،
لنؤلف شمعة ً.
في الشمعة عرّيتكِ، ولم اتعرَّ، لكننى دخلتُ،
لأنني كنتُ وعرا بمايكفي لأن اكون شبحا.

انتِ ثروتي الاكيدة.
أنتِ كل مانهبتُ من مدينة يرفسها الزلزال بين مرة ومرة.
غير ان الافلاس، غير ان الحروب، غير ان..
آه،
لأنكِ شاسعة، لن يجدك ِ احد،
الا كما يجد الفارس، ساعة سقوطه، ساحة المعركة.

المرة الاخيرة للبحر


وهويتسلل من مسام بدنه، يتجول بين يديه
متخذا
طريقه نحو نفسه.
وهو
يصنع من الشعر كهيئة انسان،
ثم
ينفخ فيه،
فيصير امرأة.
وهو يقول:
ياخالدتي، يامأزقي الفاتن،
يا عصفورتي..


كانت عندما يجوع
تخبز له يديها.
واذا ما حشرج البرق بين اضلاعه،
وهطل المساء،
رتـّبتْ، بانفاسها، اناقة النفير..

وهو يضرب عن الماء، ويخاصم الخلجان:
يتسرب من شقوق اشواقه،
ذاهبا الى الليل،
عائدا
لشعرها، بسلة النجوم.

كانت تقول:
انك تفعل مايُقلق الشيطان،
وكانت تقول..


وهو
ينبش مجرّ ة الشك،
ويطرح السؤال تلو السؤال.
وهو
يتنقل بين الاطوار،
وهويصرخ:
اريني
انظر اليكِ،
تذكـّر انها مـرّ ته الاخيرة، كبحر..

[email protected]
شاعر عراقي مقيم في الناصرية