1
ارتديت ُبدلتي المنسوجة من العظام والجلد: اسرجتُ الفانوس، وخرجت ُاطلب ُ
مـَن تطلبه نفسي . عند آخر حاجز، تحرسه بومة صادق هـدايت العمياء، انبثقتْ
من الظلام يدٌ، هي تؤام الغصن، قدمـتْ لي وردة، خبأتـُها بين أضلاعي، التي
نخرتها الأُرضة ُ في السجون، وتساءلتُ: كم على عنق الوردة أن يكون غليظا،
ليحتمل رحيقها جر الحبل..؟

2
مربوطة بحبل احلامها، رأيتُ امرأة الوردة ، في ساحة الاعدام، ساعة شنقها، واناس
من اماكن عدة، يتقدمون نحوها بالدَور، ويرجمونها بالحجارة:
ملوك،
جيوش،
جواسيس،
ملحدون ، متدينون : شعراء ، فلاسفة ، علماء ، ساسة و...
لكنها
لم تكن تحرّك ساكنا : ذلك مما كان يزيدها بهاءا وفتنة .

3
موحِـياً بأني صدقتُ ارتكابها الخيانة العظمى ، دخلتُ الموكب من الناس ، ولمـّا صرت ُ
بحضرتها تلعثم الفانوس، فحسبتُ انها قد ماتت، لكنني حين رميتـُها، فجأة، بالوردةِ،
ارتعشت ْ: ... لقد جرحتـَني ايها العاشق.

4
ادخل غرفتي ،
مترعا بحضرة الانسان، فألتحم بعزلتي وبالعالم.
آه،
دائما ثمة مصلوب ، دائما في الطريق وردة:
غنّ..
غنّ ياذا القروح،
غنّ ..ترنـّم،
ترنـّم
بما أنتَ أهلـُه ..


من كتاب " مراسم تشييع شبح "

- البومة العمياء : رواية قصيرة للروائي الايراني المنتحر عام 1956 صادق هدايت.
- عبارة : " لقد جرحتني ايها العاشق " منسوبة ، في احد روايات الصوفية ، الى الحلاج، قالها عندما رماه ابو بكر الشبلي بوردة ، ساعة صلبه.

[email protected]. uk
finjan_2002@ hotmail.com
شاعر عراقي