شطحات:
الزمان: حيث الليل يفرض سطوته.
المكان: طرقات عانقتها مياه.
الوضع: أجواء سوداوية اللون شفافة اللمعان سريعة الحركة والضوضاء.

في تلك البرهة بعد هروب النهار، ساقتني ساقاي في طرقات المدينة، لون اسود يخنق المكان، تيقنت انه الظلام الذي يحيط بها، يفرض سطوته عليها، مستسلمة لقدرها، تنتظر زمن المعجزات علها تغير واقعا، خيوط ذهبية تخترق السطوة معلنة رفضها الواقع، تتسلل خلسة لتضيء المكان، تجابه بجبروت مظلم تغلغلت قبضته في المكان ليفرض وضعا حالكا ببضع ساعات بعيد غياب الشمس.
لون الغربة والحزن.....
خيوط فضية تعانق الصفراء ليشكلا جسما واحدا للتغلب على المكان... بل على حلكته.
في هذا الصراع الثلاثي من اجل البقاء، أتوسطه ناظرا لأطرافه، متمعنا.... مفسرا...
تسحرني الخيوط الفضية المتقطعة في مساراتها، فيها حياة للأرض وفضائها، تحاول مع تشتتها قتل الظلام بعكسها الإشعاعات الصفراء في الأثير المحيط مانعة السواد من وأدها.
دفاع المستميت... انتابني لمنظرها، ازدادت عناصر الظلام قوة وبطشا، قلت أعدادها بمرور الوقت، حتى هذا يبدو متآمرا عليها، تحاول جاهدة قتل فراغ المكان وبعث نشوته، لكن... هل بامكان المقطع تقطيع القاطع؟؟!!.
ذرات فضية تنثرها جسيمات من عل، يتلقفها الفضاء بتواليها على الأرض، طالما اشتهت مداعبتها، فرحة بنزولها، مسرعة لتعانق ثرا ظمآن لعناق طال انتظاره في عتمة الليل.
رشقات من أشعة صفراء هنا وهناك، متباعدة، تراقب عناق عاشقين، متلهفة لظلمة شديدة، قوية، تطارحها الحب، لا حب اللقاء، تغازلها على مرأى الآخرين، لا مغازلة أحباء، كل يغازل على طريقته.... وعلى ليله يغني.
أشخاص مبعثرون في المكان، غير مكترثين، يهمسون، ينزعون فرحة اللقاء.... يتجسسون دون إخبار.... يخبرون دون إيصال.... يفعلون... لا يفعلون.... إلى مآربهم يذهبون.
أضواء تغزو المكان مسرعة، تذهب تاركة خلفها لقاء مكشوف الأسرار، منزوع الحرارة.
مكان ضوضائي، حرارة اللقاء مقتولة على قارعة الطريق،هكذا خلتها، رومانسية مغتصبة تأن تحت أوجاعها، نفحات من ضوء ازرق هادىء، مريح، تطرق صمت اللاصمت.
ظلام يلملم قامته ويغادر، وجهه جائع وشعره منفوش.
ذرات فضية في عرق الجبل تهدر بين الرطوبة والحرارة السوداء.
تراب وجهه قمحي فيه أخاديد عميقة قاسية كمن تعود العيش في البرد والشمس.
أشعة صفراء تحاول أن تقرأ في بياض الورقة حكايتها التي لا تعرف روايتها، ولغتها التي لا تعرف كتابتها، وذاكرتها التي لا تعرف استنباطها.

ليلة مظلمة تخترقها قطرات.

هناك كان.

[email protected]