يعتبر مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي الذي تشرف عليه وزارة الثقافة المصرية، من أهم المهرجانات في الوطن العربي، ومن تراكم الخبرة التنظيمية السنوية للمشرفين عليه، سواء من خلال عدد وتنوع العروض المسرحية العالمية والعربية او من خلال إقامة الندوات، أو المبادرة المهمة غير المسبوقة بطبع العديد من عناوين الكتب التي تشيع الثقافة المسرحية وغيرها من الفعاليات الاخرى، وكل هذا ساهم في ان تكون للمهرجان مكانته الخاصة في المهرجانات المسرحية العالمية. ومن هنا يمتلك المهرجان ضرورته واستمراريته لتطوير المسرح العربي عموما. وفي هذا العام ستقام الدورة السادسة عشر للمهرجان في الفترة مابين 20 ـ 30 سبتمبر 2004. وإحدى أهم الفعاليات الفكرية في المهرجان هي الندوة الرئيسية التي تحمل عنوانا مميزا هو ( المسرح في زمن ما بعد الحداثة ).
وبدعوة من إدارة المهرجان سيساهم د. فاضل سوداني ببحث حول ( النص البصري وتداعيات الذاكرة المطلقة لجسد الممثل في مسرح ما بعد الحداثة ). و ستتم مناقشة صورة الحداثة وما بعد الحداثة في المسرح العالمي والعربي. وما يفترضه د. سوداني هو ان تاريخ المسرح عموما كان ومازال تاريخا للدراما الأدبية التي تكتب وتصاغ وتعرض دائما بوسائل أدبية لها علاقة بقوانين الأدب وليس بالوسائل البصرية التي يتميز بها المسرح البصري، فالمفروض ألا يعتمد المؤلف المسرحي كما هو معتاد الان على أفكار المخرج ليصيغ نصه بصريا.
والدعوة هنا هي أن على المؤلف المسرحي ان يتعود على الرؤية البصرية ويكف عن كتابة نصه بالأساليب الأدبية وخاصة اللغة الأدبية التي لا تخلق ديناميكية العرض بل تخلق نصا أدبيا دراميا مغلقا وتكون مثل هذه اللغة مقحمة على المسرح الذي نشأ من أساسه بصريا. بهذا الوعي يكتب الكثير من المؤلفين نصوصهم البصرية مثل صموئيل بيكت، والالماني هاينر ميللر والامريكي روبرت ولسن وبعض مسرحيات شكسبير وجان جينيه وكذلك كتاب مسرح الطليعة.
ومن هذا المنطلق فان الباحث يطرح ويود مناقشة أهمية وكيفية كتابة النص البصري المفتوح وخاصة في المسرح العربي والذي من المفروض ان يبادر المؤلفين المسرحين لكتابته والتزام تكنيكه،حتى يتناسب المسرح كونه عوالم بصرية تؤثر على جميع حواس المتفرج في زمن الحداثة وما بعد الحداثة. وبالتأكيد فان هذا يحتاج الى تغير أساليب التفكير لدى المؤلف المسرحي عموما وبالذات المؤلف العربي ، والى امتلاك رؤى لها علاقة بديناميكية الحداثة وما بعد الحداثة ولا تمت بأي صلة بالسكونية وثرثرات اللغة الأدبية التي تخلق النص الأدبي المغلق في الفضاء البصري للمسرح. وسيتناول الباحث بعض المفاهيم التي من الممكن أن تثير الكثير من الأسئلة منها:
النص البصري و البعد الرابع للزمن والفضاء في العرض المسرحي

الشك وتأويل التأويل في مسرح ما بعد الحداثة ، ديناميكية اللغة البصرية ،

النص الأدبي والنص البصري ،النص البصري ضد قصديات المؤلف

وسيتناول الباحث قضية أخرى لها علاقة بلذة النص وتذوقه الجمالي والفكري ويعتبره شيئا ضروريا للنص البصري قبل ان يمتلك ضرورته للنص الادبي. ولكن تذوق ولذة النص هنا تتم من خلال مفردات النص البصري المكتوب أيضا وأنساقه البصرية التي هي ليست فقط الكلمة ووسائل اللغة الادبية البصرية ، وإنما لذة النص البصرية تتم من خلال جميع وسائل النص البصري التي سيتطرق لها الباحث، فبدل الاعتماد على الكلمة فقط لتحقيق لذة النص ، أصبت الوسائل البصرية التي تعتمد على مفردات الصورة والتصور والتخيل والبعد الميتافيزيقي لذاكرة الجسد وذاكرة الاشياء والبعد الرابع لفضاء العرض المسرحي و طرح الاسئلة ( بدل الأجوبة ) المصيرية لمماحكة واستفزاز القارئ والمتفرج وغيرها ، أصبحت هي التي تشكل لذة بصرية جديدة للقارئ او المشاهد المتفاعل وتؤثر على جميع حواسه وهو في محيط ديناميكيته التفاعلية عند تلقيه للنص البصري سواء قراءة أم مشاهدة.
وكما يؤكد الباحث بان دعوته لكتابة النص البصري لا تعني إلغاء الكلمة او الوسائل اللغوية الأخرى عموما، وإنما على العكس فان الكلمة تصبح إحدى الوسائل البصرية المهمة لتحقيق النص البصري إذا أحسن انتقائها ، وإذا استطاع المؤلف أن يحولها من كلمة أدبية الى بصرية تصبح جزءا من تحقيق المشهدية البصرية في العرض. وهذا كله يفرض اسس كتابة النص البصري في زمن مابعد الحداثة و يوحي بل يفرض أيضا بعدا رابعا للزمن والفضاء البصري في العرض المسرحي.
وسيدعو الدكتور فاضل سوداني من خلال الندوة الفكرية الرئيسية الى عقد لقاء موسع بين المؤلفين والمخرجين والنقاد المسرحين العرب لمناقشة كيفية تحقيق النص البصري لتطوير اللغة المسرحية عموما والتي غزتها وسائل الإعلام الدعائية مما أدى ذلك الى أن يتخلى المسرح عن وسائله الفنية الحقيقية فاصبح وسيلة مباشرة مما أفقدته لذة الابداع والمعرفة والحلم.

انقر على ما يهمك:
عالم الأدب
الفن السابع
المسرح
شعر
قص

ملف قصيدة النثر
مكتبة إيلاف