القاهرة (رويترز): ظل الكاتب المسرحي المصري علي سالم يعاني من العزلة في أوساط النخبة المثقفة في مصر طوال عشر سنوات بسبب تأييده لقيام علاقات طبيعية مع إسرائيل. أما الآن فيشعر سالم بأنه لم يعد وحيدا في البرية. زار سالم إسرائيل في يناير كانون الثاني الماضي للمرة الأولى منذ خمسة أعوام مدركا أن اتفاقا تجاريا أبرم في الآونة الاخيرة بين مصر واسرائيل والولايات المتحدة يتيح فرصة نادرة لبناء جسر بين المصريين والاسرائيليين. قال سالم البالغ من العمر 69 عاما "العنصر الاكثر حسما هو وجود رجال أعمال مصريين وإسرائيليين. الآن يمكن صنع التاريخ على أيدي التجار. فهم سيدافعون عن أعمالهم ويتيحون فرصا للجانبين."
وقعت مصر وإسرائيل معاهدة سلام في 1979. لكن 25 عاما من السلام بين البلدين لم تؤد إلى تراجع يذكر في الاحساس بعدم الثقة تجاه الدولة العبرية بين المصريين الذين يرفضون احتلالها الاراضي الفلسطينية وما تقوم به هناك من أنشطة استيطانية وما يرونه انتهاكا من جانبها للحقوق العربية. وساعد التراجع الأخير في أعمال العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين في تحسن العلاقات الرسمية بين إسرائيل ومصر التي ربطت قيام علاقات كاملة مع الدولة اليهودية بالتحرك تجاه السلام في الشرق الاوسط. ويرى سالم أن الوقت قد حان للتحرك. وقال "يجب أن أواجه الحقائق. فلا أتحدث عن حقوق تاريخية لأنها لن تقودني إلى شيء ولن تحل مشكلة. لا أريد أن نهزم في السلام كما هزمنا في الحرب." ويقول سالم إن كثيرا من المصريين بدأوا التركيز على كيفية الاستفادة من التعامل مع إسرائيل بدلا من مقاطعتها. وقال سالم إن مظاهرات عمال مصانع الملابس المصريين تأييدا لاتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة هي مؤشر على توجه جديد. وتابع "قبل عشرة أعوام لم أكن أجرؤ على القول أنني أمثل شخصا ما. اعتدت أن أقول انني أمثل نفسي وبعض اصدقائي. "الان أشعر بأنني أتحدث إلى آخرين يستمعون إلي."

زار سالم إسرائيل لاول مرة في 1994 متأثرا بما اعتبره تقدما باتجاه السلام في الشرق الاوسط بعد اتفاقيات اوسلو عام 1993 بين إسرائيل والفلسطينيين. وأصدر كتابا بعنوان "رحلة إلى إسرائيل." يحكي فيه عن رحلته للدولة اليهودية. قال سالم إن الهدف من الزيارة كان الاجابة على سؤالين هما "من هؤلاء الناس وماذا يفعلون" وخلص إلى "أنهم يريدون مثل أي شعب آخر العيش في سلام." لكن رحلته هذه إلى اسرائيل أثارت انتقادات قوية من كتاب آخرين. وطرد سالم من اتحاد الكتاب المصري عام 2001 لتأييده التطبيع. واستقال سالم من الاتحاد بعد حصوله على حكم قضائي بالغاء قرار الاتحاد بفصله. وقال "طوال عشرة أعوام كنت أقول الشيء نفسه رغم كل الهجوم علي." وفي الآونة الاخيرة تعرض لحملة جديدة بسبب زيارته لإسرائيل في يناير الماضي. وكتب سمير فريد الناقد السينمائي في جريدة (المصري اليوم) المستقلة يقول إن هذا الموقف من جانب سالم الذي يأتي باسم السلام لا يخدم السلام.
وكتب سالم احدى أشهر المسرحيات المصرية في السبعينات وهي (مدرسة المشاغبين) التي شارك في تمثيلها عادل إمام واحمد زكي وسعيد صالح وغيرهم من النجوم المصريين. إلا أنه لم تعرض لسالم مسرحية واحدة منذ 1995. وقال سالم "المنتجون يخشون التعامل معي حتى لا يتعرضوا للهجوم." وهو يقول إن نفوذ الفكر القومي العربي في مصر يعوق الجدل العام بشأن امكانية تواصل المصريين مع إسرائيل. وتابع "صنعت وسائل الاعلام شبحا ثم بدأوا يؤمنون به. إنه شبح التطبيع. إنهم يحاربون شبحا. "إنهم ينتمون للماضي ومن الصعب جعلهم ينتمون للغد."
وأضاف سالم أن الاصولية الاسلامية ألقت بظلالها على الجدل الدائر مشيرا إلى برنامج تلفزيوني وجد نفسه فيه مؤخرا وجها لوجه مع أحد الاصوليين. وقال سالم "لقد بدأ بقوله هل تنفي أنهم قتلة الانبياء. فقلت أنا هنا لمناقشة السياسة لا الدين... لا أستطيع أن أخوض جدلا مع هؤلاء. استمرار هذه المشكلة سيؤجج نار التعصب. أود مناقشة هذه الامور على أسس سياسية."