ترايسي أبي أنطون: مع تبلور صورة الحركة السياسية الجديدة بعد الانتخابات النيابية الشهر الماضي في لبنان، وانقلاب المشهد العام عما اعتاده اللبنانيون خلال الاعوام القليلة الماضية، يبدو ان قطعة واحدة من التركيبة الجديدة لا تزال ناقصة حتى الآن.
فبعد مصالحة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط مع خصوم الامس في المعارضة بدءًا من الوزير طلال ارسلان ومن ثم quot;حزب اللهquot; وquot;حركة أملquot; بالاضافة إلى آخرين كالوزير السابق وئام وهاب، بقي رئيس quot;التيار الوطني الحرquot; العماد ميشال عون الغائب الوحيد عن مروحة المصالحة الجنبلاطية على الرغممن تأكيد جنبلاط نفسه في وقت سابق أن quot;لا مانع من اللقاء بينه وبين الجنرالquot;، متحدثًا عن quot;درس بعض التفاصيلquot; ، فضلا عن اعلانه أن الحوار يبقى البديل الاوحد عن التشنج.

وتبقى عملية quot;درس بعض التفاصيلquot; هذه، القطبة المخفية التي تحول دون حصول اللقاء حتى هذه الساعة رغم الاجواء الايجابية التي يبديها الطرفان، خصوصًا الوزيران جبران باسيل ووائل ابو فاعور اللذان يعملان على انجاح اللقاء المرتقب،وقد آثرا السكوت في ما يتعلق بهذا الملف وعدم تناوله لا ايجابًا ولا سلبًا.
إلا أن مصادر quot;عونيةquot; مطلعة على الحركة المكوكية بين باسيل وابو فاعور أعتبرت أن اللقاء بين النائبين ميشال عون ووليد جنبلاط وإن كان سيحقق إيجابيات كبيرة على المصالحة اللبنانية عمومًا، يفترض أولا quot;الاتفاق على الحد الادنى من التفاهم السياسيquot; وعدم الاكتفاء باللقاء من اجل quot;التقاط الصور البروتوكوليةquot;. واشارت إلى أن التقارب قد يترجم في quot;ورقة سياسية عملية لا تزال اليوم قيد البحثquot;.

وفيما عبرت هذه المصادر عن quot;رغبتهاquot; في حصول اللقاء قبل اعلان الحكومة، فهي لم تخف أن المفاوضات الاولية بين quot;الوسيطينquot; باسيل وابو فاعور اصطدمت باشكالات حول مكان اللقاء والمواضيع التي سيتطرق إليها وبلورة مستقبل العلاقة بين quot;جنرال الرابيةquot; وquot;بيك المختارةquot;.

عن هذه العلاقة يقول عضو تكتل quot;التغيير والاصلاحquot; الذي يترأسه عون، النائب حكمت ديب لـquot;إيلاف ان أي لقاء مستقبلي مع النائب جنبلاط يجب ان يستند إلى اسس واضحة. والجنرال عون بحبذ في جميع لقاءاته، quot;مع غير الحلفاء بالطبعquot;، الابتعاد قدر الامكان عن المجاملة البروتوكولية في التعامل، والركون إلى جدول أعمال quot;مفصل وواضحquot; وبالاخص quot;متفق عليه مسبقاquot; بما يضمن التوصل إلى اكبر قدر من التفاهم والنتائج الايجابية التي قد تتمخض عن اللقاء.

ويرى ديب ان البند الاهم في اللقاء سيكون ملف المهجرين، إذا لا quot;يمكن الاجتماع مع النائب جنبلاط من دون إثارة هذا الملفquot; فهذه القضية quot;تشكل موقعًا متقدمًا في طرح التيار الوطني الحرquot; ويحمل quot;أهمية خاصةquot; لدى العماد عون، الذي انشا مكتبا متفرغا لمعالجة هذه القضية، خصوصًا بعدما تبين ان أعداد العائدين إلى قراهم انخفضت بشكل كبير عن نسبة 17% التي تحدث عنها quot;التيارquot; في الفترة الاخيرة.

وعند سؤاله عن دور جنبلاط في هذا الموضوع، خصوصا الحل يجب ان يكون بيد الحكومة، يؤكد نائب بعبدا أن quot;الصلاحيات التي وضعت في يد وزارة المهجرين وصندوق المهجرينquot; تبرز مسؤولية النائب جنبلاط عما جرى فيهما خلال العقدين الاخيرين، وان الاموال التي رصدت لاعادة المهجرين quot;تأثرت الى حد كبير بالاهواء السياسية لجنبلاطquot;، فهو كان مهيمنا على quot;المال والسياسةquot; في الشوف وبعض قرى قضاء بعبدا التي حرمت من ابسط quot;مقومات العودةquot; كالكهرباء والهاتف والمياه.

وعدا ملف المهجرين، لا يرى ديب أي عائق امام تطور العلاقة مع النائب جنبلاط quot;فالتيار منفتح دائما على الحوارquot; خصوصا اذا كان مع quot;زعماء الطوائف الاخرىquot; سيما بعد quot; اعادة التموضع الاخيرةquot; للنائب وليد جنبلاط واطلاقه مواقفه الاخيرة التي لا تثير أي اعتراض لدى عند quot;التيار الوطني الحرquot;. غير ان ديب لا يخفي تساؤله إلى متى سيستمر جنبلاط بموقفه الجديد وما اذا كان quot;سينقلب عليه كما جرت العادةquot;، إلا انه بضحكة جازمة يختم حديثه ليؤكد أن quot;التفاؤل موجودquot;.