حاوره عبد الرحمن الماجدي: لم يدر في خلد سلمان الزموري وهو يدخل هولندا اول مرة عام 1984 ان يحمل كاميرا ويعمل كمصور محترف، بعد ان مارس في المغرب التمثيل والغناء وعزف الموسيقى وكتابة الشعر.
عندما جاء لهولندا كانت اللغة تشكل حاجزا بينه وبين الهولنديين. فبدأ يبحث عن وسيلة يتواصل بها مع البلد الذي يستضيفه. فاتجه للتصوير (بأعتباره لغة عالمية لاتحتاج للترجمة او الكتابة ومذاك (1987) كرستُ نفسي كمصور في هولندا حيث انشأت مختبرا لي في المنزل للتصوير بعد أن رحتُ اتابع كل مايتعلق بالتصوير في المجلات العامة والخاصة. ثم انتميت لنادي تصوير في مدينة لونترين وتعرفت على الادوات المتعلقة بالتصوير ومايم للتصوير بصلة من فتحات العدسة الى كمية الضوء المستخدم في كل صورة الى أنواع الكاميرات وميزاتها. ثم دخلت مدرسة التصوير الهولندية في مدينة (ابل دورن) من عام 1987 حتى 1990. وتخرجت فيها كمصور محترف وهي المدرسة الوحيدة في هولندا الخاصة بالتصوير الضوئي للمحترفين. وعملت بعد تخرجي كمصور في الجامعة الزراعية. لكني لم ألتزم بعملي كمصور زراعي بل اخذت اصور الطلبة والاساتذة وماتلتقطه عيني كمادة مناسبة لصورة احترافية. لانتقل بعد ذلك الى التصوير الصحافي كمصور حر اعمل ريبورتاجات صحفية أخص بها عدد من الصحف الهولندية التي تعاملت معها بجنب عملي مع عدد من المؤسسات الثقافية الهولندية مثل مؤسسة (آنا فرانك) التي عملت لها كتابا مصورا. بالاضافة الى اعمال تربوية فوتوغرافية عدة يث ان الصورة تقدم توعية اجتماعية وسياسية وثقافية ربما مثل او اكثر من الكلمة في احيان كثيرة. وتمكنت خلال ذلك من زيارة اكثر من 30 بلدا عملت فيها قصصا فوتوغرافية ضمن سياق عملي. وامتد عملي الى خارج هولندا حيث عملت لوزارة الهجرة المغربية ولمجلتها (ضفاف) ريبورتاجات منوعة لكنهم حتى هذه الساعة لم يدفعوا ماعليهم من مستحقات مالية على العكس من المؤسسات والصحف والمجلات الهولندية التي تولي احتراما واضحا لالتزاماتها المادية.
توقفت بعد ذلك عن التعامل مع الصحف والمجلات واتجه لاقامة المعارض الفوتوغرافية وهو ماانعكس على نوعية ماقدمه من صور. خاصة تجربة حرق النيجاتيف وطباعة ماتبقى منه ، كما في معرضه " القدس المدينة القديمة" عام 1998 الذي صور فيه مدينة القدس بشطريها الشرقي والغربي وقتئذ. وكان للونين الاسود والابيض دلالة واضحة لما يربط الفلسطيني بالاسرائيلي والاسرائيلي بالفسطيني في القدس. وما تزال صور ذلك المعرض يعاد عرضها في اماكن عدة في هولندا وخارجها
( نعم اتجهت بعد ذلك لعمل لوحات فوتوغرافية أعرضها حسب الموضوع الذي أشتغل عليه في معارض شخصية او مشتركة مستفيدا من الثورة التقنية التي حصلت في مجال التصوير فقد بدأت قبل سنوات بعمل ريبورتاجات بطريقة النصف رقمي أي أصور بالكاميرا العادية واشتغل على بعض زوايا الصورة بأن اعبث بالنيجاتيف ثم اعالج ماتبقى بواسطة برنامج الفوتوشوب. ولدي معارض عدة بهذا الجانب).

سطوة الديجيتال
ـ لكنك اتجهت بعد ذلك للتصوير الرقمي. فكيف وجدته خاصة ان ماتقدمه الكاميرا الرقمية من مزايا قد يغني عن المصور المحترف حسب اراء بدأت تروج.
التصوير الرقمي يوفر عليك الكثير من الوقت. كما انك لاتحتاج لمختبر مظلم او مساحة معينة خاصة بعملك، ناهيك عن المخاطر الصحية في المواد الكيميائية التي يتعامل معها المصور في مختبره. ويمكننا أن نقارن بين التصوير العادي والرقمي تماما مثل المقارنة بين الكاتب او الشاعر الذي كان يستخدم الحبر للكتابة والان يستعمل الكمبيوتر في ذلك.ىفالديجيتال سهّل الكثير للمصور المحترف.
لكنه ساهم في توفير اعداد ليست قليلة من العاطلين الذي كانوا يعملون كمصورين صحافيين حيث باتت الكاميرا الرقمية من ضمن عدة الصحافي مستغيا بذلك عن المصور. بالرغم من ان الموهبة والخبرة لايمكن للكاميرا الرقمية تعويضهما فعين المصور المحترف هي التي تتصيد اللقطة التي يمكن توظيفها لصالح الموضوع المطلوب بالاضاففة الى نسبة الضوء ومدى فتحة العدسة. لكن المصور كمهنة باتت مهددة بالانقراض الان بسبب سطوة الديجيتال الذي مكن أي شخص من تصوير وطباعة مايشاء من صور داخل بيته دون الحاجة لمختبر. كما ان التصوير الرقمي مازال يتطور كل يوم مقدما خدمات جديدة تمكن من اظهار الصور في أي مكان).
ـ واين سيذهب المصور المهني؟
(على هذا المصور ان يفتش له عن مهنة اخرى. فقد كان في الصحافة شيء اسمه الرسم الصحفي الذي حل مكانه التصوير الصحفي الذي جاء التصوير الرقمي ليلحقه بالرسم الصحفي حيث وفر على الصحيفة او المجلة ماكانت تدفعه للمصور الصحفي.
وبات التصوير الضوئي يتكرس الان كفن مثل الرسم مع الاستفادة من التقنيات الحديثة. واكرر القول ان التصوير كمهنة تشهد موتها الان في هولندا وسيعم ذلك كل العالم قريبا. وسيبقى تصوير الاعلانات لفترة وجيزة على الاقل).

التصوير عربيا
ـ عايشت التصوير في اوربا والعالم العربي فما الفرق الكبير الذي لمسته؟
( التصوير مثله مثل معظم المقارنات الاخرى بين اوربا والعالم العربي. وأستطيع القول ان هناك تخلفا كبيرا في التصوير عربيا وقد لمست ذلك من لال تعاملي مع عدد من جمعيات التصوير العربية في المغرب والاردن ومصر وسورية وغيرها. وارى ان سبب التخلف يتاتى من غياب الحرية التي هي شرط الابداع الحقيقي ومن قلة الامكانيات لدى المصور العربي فما يقدم في هذا الجانب لايكاد يذكرعربيا، الامر الذي سبب هذه الهوة الواسعة بين المصور العربي والاوربي. ناهيك عن تكريس معظم فن التصوير عربيا للجانب السياسي حيث يحظى ملوك ورؤساء الدول العربية وابنائهم باكبر قد من الصور فيما هناك قطاعات بحاجة لتقديمها فوتوغرافيا بجزء من التكاليف التي تغطي تصوير وجوه الرؤوساء والملوك.
أضف الى ذلك قلة الاندية العربية المختصة بالتصوير مقارنة بمثيلاتها الاوربية. ففي هولندا مثلا يوجد أكثر من الف نادي تصوير؛ فيما لايوجد سوى 30 ناديا للتصوير في كل الدول العربية. أما مجلات التصوير في بلد صغير كهولندا مساحته بحجم محافظة في دولة عربية تصدر دوريا عشرة مجلات متخصصة بالتصوير. اما في الدول العربية مجتمعة فتصدر مجلة ونصف مجلة عربية تهتم بالتصوير؛ واحدة تصدر في الخليج العربي واخرى تصدر في المغرب باللغتين الفرنسية والعربية.. هنا أستطيع ان اقول ان التصوير في العالم العربي مازال في مراحله الابتدائية ففي الوقت الذي سينقرض فيه التصوير الضوئي في اوربا مازال يحبو في العالم العربي. ولاادري كيف سيتعامل المصور العربي المسكين مع ذلك؟!. ولنا ان ننظر لما ينشر من صورعربيا لنستدل على البؤس الفوتوغرافي هناك فمعظم الصور في الصحف هي من وكالات انباء عالمية أما الصور المحلية فهي بلا روح ناهيك عن عدم احترام وتثمين دور المصور المبدع من غياب اسمه مع ماينشر منصوره الى التلاعب بتلك الصور بدون اذن منه حتى).