حوار مع سامي عنقاوي (2/2) :
لا بد من فصل المذهب عن الدولة ومراجعة وضع المرأة

حاوره أحمد عدنان: دائما ما كنت أقول لأصدقائي الذين يزورونني في جدة : "إذا لم تدخلوا إلى منزل سامي عنقاوي فزيارتكم ناقصة" ، ربما يكون المنزل الالوحيد في جدة المبني على الطراز الحجازي، مزيج من الماضي والمعاصرة، بوابته وحدها عمرها 350 سنة، استهلك إنجازه 10 سنوات من تصميم وتنفيذ العنقاوي وزوجته أميرة مشاط بشكل مباشر. عموما، لن يكون حديثنا عن منزله في هذا اللقاء، بل عن مسيرة الإصلاح ومستقبلها في السعودية.

* عذرا، ولكن الذين شاهدوا لقاءاتك الأخيرة على إحدى القنوات الأمريكية، خاصة مع ارتدائك للزي الحجازي وحديثك عن الحجاز، أعطى انطباعا بأنك معادي للوحدة الوطنية وداعية انفصالي؟
-هذه تهمة مردود عليها من عدة أوجه، أولا .. إصدار الحكم بناء على حلقتين أو ثلاث بثتهاcnn غير موضوعي وغير منطقي، قبل أحداث سبتمبر وبعدها وأنا أتحدث لوسائل الإعلام الداخلية والخارجية، وفي حديثي معك قبل قليل، أكدت على أن الوحدة الوطنية من ثوابتنا، وفي صالوني (المكية) الذي ينعقد كل ثلاثاء لمناقشة مسألة فكرية، والتي زارها أكثر من مسؤول وأكثر من مفكر، كانت الوحدة الوطنية من الأسس التي لا نمسها ولا نقترب منها إلا بالاحترام والتمسك.
ثانيا.. بعض وسائل الإعلام الغربية لا تتعامل بمهنية وحيادية مع الضيف، وبالتالي يظهر بصورة لا توضح مقصده أو تشرح أفكاره.
ثالثا .. وهو الأهم، يخبرنا عز وجل في كتابه الكريم، أنه لم يخلقنا أمة واحدة، بل خلقنا مختلفين، وهذا يجرنا للحدث عن ثنائية التوحيد والتنوع، هل هناك تعارض؟ الإجابة لا، فالتنوع يثري الوحدة، والوحدة تنظم التنوع، وكلاهما يعضد الآخر ويضمن ديمومته، الحضارة الإسلامية جمعت المسلمين تحت راية دين واحد ولواء حاكم واحد، ومع هذا لم تطمس الثقافات المحلية للشعوب، بل فاعلت بينها وبين بعض، فكانت خاصية مميزة لحضارة متميزة، الذي يعتقد أن ارتدائي للزي الحجازي وحديثي عن العمارة الحجازية واعتزازي بانتمائي لمكة دعوة انفصالية، فقد جانب الصواب، بل الذي يريد محاربة التعددية وإلغاءها وجبر الناس على نسخة واحدة، نسخته هو، حينها هو المتهم بالعنصرية وعليه الدفاع عن نفسه، فأنا مكي حجازي سعودي مسلم إنسان، لا تناقض بين كل ما سبق، ليكن النجدي نجديا والحجازي حجازيا والشيعي شيعيا والوهابي وهابيا، لا يهم ما دمنا ننتمي إلى وطن واحد ودين واحد، أي قواسم مشتركة بيننا، وأحب أن أنتهي في هذه النقطة بأن تعريفي للحجازية ليس محصورا بالمكان فقط، بل بالفكرة أيضا، فكرة الإيمان بالتعددية.

* اخترت عضوا لملتقى الحوار الوطني الثاني بمكة، ما هو تقييمك لهذه التجربة فهل تؤيد استمرارها؟
-لا شك أن مبادرة الحوار الوطني، التي أطلقها سمو ولي العهد، كأولى خطواته الإصلاحية، خطوة مباركة ولا بد من تفعيلها واستمراها، وهذا لن يتم إذا استمر الحوار محصورا داخل مركز الحوار الوطني، لا بد أن يمتد إلى المنازل والمدارس ووسائل الإعلام والدوائر الحكومية والقطاع الخاص.
إنني أقترح على الأخوة القائمين على المركز عقد ورش عمل دائمة في كلم نطقة من مناطق المملكة، تمد المركز بتطورارت الرأي العام، وتساعده في ترتيب الأولويات، وتبصر ولي الأمر بالخطوات التنفيذية العاجلة والملحة.
هذه الفكرة، بدأتها من نفسي في صالون (المكية) الذي اعتبره ورشة عمل دائمة من أجل الحوار الوطني، وقد راقت الفكرة د/ فيصل المعمر أمين المركز، وأعجب بها، واختار 4 من أعضاء المكية، السؤال هنا : لماذا لا تتطورالفكرة وتعمم؟
إذا لم يشعر الناس بأن الحوار الوطني، قدم لهم إضافات ملموسة على حياتهم، فسيكون تأثيره عكسيا وسيثير المزيد من الاحتقان، وفي تصوري هناك ضرورة لتوسيع مجلس إدارة مركز الحوار الوطني ليعبر عن كافة أطياف السعودي، إضافة إلى جعل توصيات الملتقيات ملزمة سيضخ الأمل للناس.

* حديثك عن ورش العمل ابتسر مؤسسات المجتمع المدني، أم أنها دعوة مبطنة؟
-مؤسسات المجتمع المدني مطلب ضروري وملح، إن مشاركة الشباب السعودي في البرامج الهابطة، وإعجاب بعضهم بابن لادن، وسكوتهم على سعد الفقيه، يعكس حاجة المجتمع إلى قيادات مدنية، المجتمع الصحراوي أو البدوي له نظامه المؤسسي الذي يضرب جذوره في التاريخ لآلاف السنين، لماذا لا يكون لأهل المدن بنيتهم المؤسسية الملائمة لتعقيد المدينة وتعدديتها ؟ بالإضافة إلى أن مؤسسات المجتمع المدني إحدى مراحل التطور الطبيعي لأي مجتمع التي تعكس وعيه وتحضره وإحدى دلائل مزاولته لحقوقه الأساسية، الأهم من ذلك .. أنها تحض على العمل فوق الأرض، تحت النور، للخير، لا الخنادق في الظلام في سبيل الشر.

* صرحت في شهر رمضان لجريدة (المدينة) أنت ومجموعة من أعيان ومثقفي جدة : " إذا لم تشارك المرأة لن أشارك"، ألا ترى أن هذا التصريح يتجاهل مدى تقبل المجتمع السعودي لبعض القرارت؟
-لا يعقل ان نلغي نصف المجتمع بحجة عدم الجاهزية،إذا لم تكن بعض المدن أو القرى جاهزة، فلا يحق لنا منع المرأة في المدن والقرى الأخرى من حقها.
وأعتقد أن ضعف الإقبال على الانتخابات الذي لمسته وسائل الإعلام في مدينة الرياض، وقد يمتد لبقية المدن، مرده حرمان المرأة، بصراحة نحن بحاجة إلى مراجعة وضع المرأة مراجعة شاملة، فكريا واجتماعيا وسياسيا، لأن انتهاك حقوقها تارة باسم الدين وتارة باسم المجتمع، يسيء للدين وللمجتمع ويسيء لها دون حاجة أو صحة.

* هل تتوقع أن تكون الانتخابات مقدمة لقرارات ديمقراطية أخرى؟
-قبل أن أجيب على هذا السؤال، أود التأكيد على أن هامشية دوره وضبابية صلاحياته وسرية جلساته، ربما تكون العامل الرئيسي في عدم إقبال المواطن على التجربة، نأمل أن تكون مقدمة لخطوات ديمقراطية أخرى كانتخابات المناطق والشورى وزيادة حرية الرأي، الأهم أن تكون خطوات جدية حقيقية وليست صورية، لقد طالب الأمير طلال في (إيلاف) قبل أشهر، ببرنامج إصلاحي شامل ومعلن من حيث زمنه وتوقيته وخطواته العملية، أنا أضم صوتي لهذه الدعوة، وبمراجعة توصيات الحوار الوطني الثاني لوجدناها معبرة عن هذا البرنامج، ولقد أثنى سمو ولي العهد عليه وعلى أعضائه.

* كيف تتوقع أن تكون صيغة العلاقة بين الدين والدولة في ذلك البرنامج؟
-دعوة فصل الدين عن الدولة مستحيلة في وطن شعاره (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وتضم أرضه الحرمين الشريفين، المطلوب هو فصل المذهب عن الدولة، إن كان هذا مطلوبا في مرحلة التأسيس فليس مطلوبا في مرحلة البناء، لأن الحاكم يجب يجب أن يكون حياديا كي يحكم بين الأطراف المختلفة، لا أن ينزل إلى مستوى الخصم وهو الحكم.