سعيد حريري من بيروت: المكان: مدينة زحلة عروس البقاع اللبنانيّ، الزمان: السبت 28 آب/ أغسطس 2004، المناسبة: "لفتة وفاء" من نجوى كرم تجاه مسقط رأسها مدينة زحلة اللبنانيّة.
و"لفتة الوفاء" من نجوى كرم تجاه مدينتها الأمّ ترجمتها بإقامة حفل فنيّ من تنظيم شركة "روتانا" التي تولّت إلى جانب المحطّة الأرضيّة لقناة المؤسّسة اللبنانيّة للإرسال مهمّة نقل الحفل على الهواء مباشرةً من ساحة السراي في زحلة حيث إحتشد الأهالي الذين أتوا لمشاهدة إبنة مدينتهم تغنّي لهم على المسرح الذي أقيم خصّيصاً لهذه المناسبة.
وكانت الدعوات التي وجّهت إلى الإعلاميين من قبل شركة روتانا لحضور الحفل المذكور قد وجّهت إليهم قبل يومين فقط من تاريخ الحفل، أي يوم الخميس في 26 آب/ أغسطس، ومنهم من تلقّى الدعوة قبل يوم واحد فقط، وقد علمنا من بعض المصادر بأنّ الفنّانة نجوى كرم والمقرّبين منها كانوا قد أبلغوا شركة روتانا بنيّتهم بإقامة هذا الحفل يوم الأربعاء الواقع في 25 آب/ أغسطس، ممّا جعل الشركة بدورها تستعجل إرسال الدعوات إلى الصحفيين لتغطية هذا الحدث، فتقوم بإرسال الدعوات عبر الفاكس في اليوم التالي أي يوم الخميس، ممّا جعل أغلب الصحفيين والإعلاميين يعدلون عن المشاركة في هذا الحدث، نظراً إلى الوقت القصير نسبياً الذين أبلغوا فيه بموعد الحفل، ونظراً لإرتباطاتهم العديدة في هذا اليوم، إضافةً إلى بعد المسافة التي تفصل مدينة بيروت، حيث يقيم القسم الأكبر من الصحفيين، عن مدينة زحلة التي تقع في محافظة البقاع اللبنانيّ، ففضلّوا متابعة الحفل عبر جهاز التلفزيون. كما وأنّ العديد من المصوّرين الصحفيين أعلنوا عن مقاطعتهم لأيّ نشاط فنيّ تقوم به نجوى كرم بعد الحادثة التي واجهتهم أثناء تغطية تصوير كليبها الجديد في شارع الحمرا في بيروت، والذي تولّى إخراجه المخرج اللبنانيّ سعيد الماروق، حيث توجّه المصوّرون فور علمهم بموقع التصوير، وبعد إستئذان المخرج سعيد الماروق، لرصد أحداث الكليب الجديد لـ "شمس الأغنية اللبنانيّة"، فقاموا بتصوير المشاهد الثانويّة التي تخدم سير الكليب، ورصدوا تحركّات المخرج سعيد الماروق، إضافةً إلى أخذ بعض اللقطات لكامل فريق العمل في ميدان التصوير، ومع وصول الفنّانة نجوى كرم إلى موقع التصوير، تقدّم المصوّرون منها لأخذ بعض اللقطات ففوجئوا بمجموعة كبيرة من "البادي غارد" أي الحرّاس الشخصيّون، يهجمون عليهم ويحاولون منعهم بالقوّة من الإقتراب من "الستّ نجوى"، وذلك بناءً على رغبتها ورغبة مديري أعمالها، بمنع التصوير الصحفيّ، والإستيعاض عنه بتوزيع الصور
الفوتوغرافيّة على المؤسّسات الإعلاميّة في الوقت الذي يرونه مناسباً. وهنا إمتعض المصوّرون من قلّة الإحترام التي جوبهوا بها، فهم أتوا في النهاية لتصوير نجوى كرم، وليس للإعتداء عليها، ففوجئوا بمجموعة من "البادي غارد" تمارس عليهم القوّة والمنع، علماً أنّ المرافقة الشخصيّة أصبحت على ما يبدو موضةً لدى الكثير من الفنّانين والفنّانات اليوم، وطريقةً بشعة لقمع المصوّرين الفرسان عن تأدية واجبهم التي تمليه عليهم صاحبة الجلالة الصحافة.
أمّا بعد فقد تعهّدت شركة روتانا بنقل الصحافيين على نفقتها الخاصّة إلى مدينة زحلة بواسطة "بولمان" كبير، ينتظر المدعوين بجانب مكاتب الشركة الكائنة في مبنى برج الغزال في بيروت، وهذا ما حصل فعلاً، حيث توجّهت في تمام الساعة السادسة والنصف إلى المكان المحدّد، أمّا موعد الإنطلاق الذي حدّده لنا المدير التسويقي في الشركة السيّد خالد آغا، الذي يتصّف بالنشاط والحيويّة والمتابعة المميّزة لعمله، كان في تمام الساعة السابعة إلاَ ربعاً، فكنت أوّل الواصلين برفقة زميلي الصحفيّ العتيق عبد الرحيم اللاز، مراسل مجلّة "لنا" الكويتيّة في بيروت، وما هي إلاّ دقائق معدودة حتّى أطلّ زميلنا ماهر الشوّا العامل في "دليل النهار"، وبعده وصل خالد آغا الذي رحّب بنا، ودعانا إلى الصعود إلى "البولمان" للإستفادة من التكييف وتفادي الحرّ والرطوبة، وإستمرّ الإنتظار داخل البولمان حتّى السابعة والنصف مساءً، ولم يحضر أيّ إعلاميّ آخر غيرنا نحن الثلاثة. فعندها قرّر الآغا بعد إتصال أجراه، أن نستغني عن البولمان، لنتوجّه نحن الأربعة إلى زحلة، مستخدمين سيّارة من نوع أمريكي.
ساعة ونصف هي المدّة الزمنية التي إستغرقتها رحلتنا إلى زحلة، تخلّلها توقّف قصير بدعوة من خالد آغا في بلدة شتورا لتذوّق اللبنة البلديّة مع الخضار الطازج، والتحليّ بالقريشة بالعسل اللذيذة، التي تشتهر بإنتاجها "شتورا"،وطبعاً كان الآغا مشكوراً على دعوته تلك، وعلى إهتمامه الشديد بنا.
لوحات إعلانيّة مكثّفة أعلنت عن "المهرجان الكبير لإبنة زحلة" رافقتنا طيلة الطريق البقاعيّ، ويافطات كبيرة علّقت في أرجاء المدينة ترحّب "بإبنة المدينة ونجمتها"، رافقنا في سيرنا إلى مكان الحفل مجموعة من الأهالي المتوجّهين لسماع نجوى كرم، وهناك كانت الإستعدادت تجري على قدمٍ وساق إستعداداً لإنطلاق الحفل مباشرةً على الهواء، والمخرج سعيد الماروق، تولّى هذه المرّة أيضاً إخراج حفل نجوى، بعدما رافقها في إخراج حفلها في قرطاج.
جمهور غفير ملأ الساحة، ومساحات صغيرة نسبياً ملئت بالكراسي إستعداداً لإستقبال كبار رجال المدينة ووجهائها إضافةً إلى أمكنة خصّصت للإعلاميين الذين غابوا بشكلٍ شبه كامل، فملأ الحاضرون مقاعدهم، ومن أبرز الحاضرين كان الوزير السابق نقولا فتّوش، إضافةً إلى نخبة من فعاليات المجتمع الزحلاوي، وفي هذا الوقت كان خالد آغا يحرص على جلوسنا في الأماكن المخصّصة لنا، وبعد مرور برهة من الزمن توجّهنا نحن الصحافيين الثلاثة إلى الكواليس لتسجيل حديث مختصر فرضه علينا ضيق الوقت مع الفنّانة نجوى كرم.
" أتمنّى أن تكون الفرحة عارمة في سماء زحلة والبقاع"، بهذه الجملة إستقبلتنا نجوى كرم في الكواليس، ليبدأ الزميل ماهر الشوّا بعد ذلك بطرح أسئلته عليها:
*عدلت عن قرارك بتصوير كليب، ولكنّك عدت وصوّرت كليباً لأغنية "شو مغيّرة" مع سعيد الماروق، فما السبب في تغيير رأيك؟
ـ لأنّي صوّرت أغنيتين، وكان أحبّ إليّ أن أصوّر أغاني الألبوم بكاملها، فإعتراضي كان على أن تصوّر أغنية واحدة على حساب كلّ الأغاني الموجودة في الألبوم، فنحن نعمل بجهد سنة كاملة للعمل في الألبوم، فعندما تصوّر أغنية واحدة، تصبح وكأنّها وحدها لها النصيب، وغيرها يظلم، ولهذا إتخذت حينها قراراً بعدم تصوير فيديو كليب، والإستعاضة عنه بالمهرجانات المباشرة التي تتميّز بالحيويّة، والقرب من الناس.
* صوّرت مع المخرجة ميرنا خيّاط حوالي الأربع أغاني في ساحة النجمة في بيروت ...
ـ الموضوع لم يكن نجاح أربع أغنيات، بل الموضوع كان موضوع مهرجان، لإظهار الأغاني على الهواء.
* وكأنّها أغنية مصوّرة...
ـ لا لم يكن هذا هدفي، بل كان الهدف أن أتواجد مباشرةً مع الناس، فهناك الكثيرون محرومون من رؤيتنا، ولم يعد بمقدورهم رؤيتنا سوى عبر شاشات التلفزة، والأصعب أنّ هناك فنّانين كثر لا يرضون بالوصول إلى الناس عبر "البلاي باك"، أو الفيديو كليب. ولهذا نحن نشعر بأنّنا في المهرجانات الحيّة مع الفرقة الموسيقيّة نستطيع أن نشعر بأنفسنا بشكلٍ أكبر، وهناك الكثير من الفنّانين يحبّون تلك الطريقة، وأنا أدعوهم للمضي في هذا الطريق، لأنّه خطّ صعب، وممتع، كما وأنّه يخدم بعض الفنّانين بشكل أكبر بكثير.
* صوّرت مع المخرج سعيد الماروق أغنيتي "شو مغيّرة"، و"بهواك"
(صوّرت كليباً للأغنيتين معاً)، هذا أوّل تعاون بينكما، فما الذي جعلك تتعاملين معه؟
ـ عندما تعاونّا سوياً عبر فيديو كليب "ليش مغرّب"، شعرت بأنّ تواجدي عبر فيديو كليب راقٍ يجعلني نوعاً ما أعيد النظر في موضوع الإمتناع عن تصوير الكليبات، وهذا الموضوع جعلني أحنّ إلى تجربة تصوير الكليبات لأنّها كانت تجربةً ناجحة.
* وهل كان قرار العودة إلى تصوير الكليبات قراراً نهائياً؟
ـ ليس قراراً نهائياً، وليس عندنا ما هو نهائي، دائماً هناك ما يخدم الناس وتخدمنا فنقوم بتنفيذها.
* سؤال للزميل عبد الرحيم اللاز: تردّد خبرعن نيّتك بالتعامل مع المخرجة نادين لبكي، لما لم تتمّ الفكرة؟
ـ لم يكن هناك متسّع من الوقت من قبل الطرفين، وأوقاتنا لم تتناسب.
سؤال "إيلاف": * إعترفت في حوار للزميلة "لها" بأنّ تقبّل الناس للألبوم الجديد كان صعباً بعض الشيء بسبب التجديد الذي تضمّنه، فهل هذا الحفل يندرج ضمن المحاولات الحثيثة من روتانا لإنجاح الألبوم، أم أنّك تعتبرين الألبوم الجديد ناجحاً؟
ـ لم أعترف بذلك إلى مجلّة لها، أنت قرأتها بغير قصد، ولكنّه قصدك أنت، ( تبدو علامات الإنفعال على وجهها)، وما أقوله أنّ ألبوم "شو مغيّرة" ليس ألبوم "هشّك بشّك"، ويستلزم وقتاً للوصول إلى الناس، وهو ليس ألبوم "بوشار"، "معليش" ولو وصل بعد فترة، وأنا لا أريده أن يكون موجوداً في الإذاعات يومين ثمّ "ينطفي"..
* يعني نستنتج من كلامك بأنّ هناك إعتراف من قبلك بأن الألبوم لم "يضرب" فور نزوله، على الإعتراف من قبلنا بأنّه تضمّن ألواناً غنائيّة جديدة، وراقية، ومحترمة من قبلك.
ـ شكراً لك، ولكنّ الألبوم يصدر عادةً في أوائل الشهر الخامس من السنة، ولكنّه نزل هذه المرّة في أوّل الشهر السابع، بسبب تواجدي في أمريكا، وهذا الموضوع في لبنان لا يساعدنا كثيراً، وفي هذه الفترة لم يكن لديّ متسّع من الوقت لأتواجد بفكرة مرئيّة أطلّ بها على الناس، علماً أنّنا نعيش في عصر المرئيات.
( وللتوضيح فقط ننشر هنا عن لسان الفنّانة نجوى كرم ما أدلت به للزميلة هنادي عيسى ردّاً على سؤال طرحته عليها خلال الحوار الذي أجرته معها ونشر في العدد رقم 202 الصادر بتاريخ 4/08/2004)
" * كيف وجدت صدى الألبوم عند الناس، وهل يحتاج إلى وقت ليستوعبه الجمهور؟
ـ بالطبع الجمهور أخذ وقته لكي يستوعب أغاني ألبوم "شو مغيّرة" لانّني غيّرت كثيراً في كلّ شيء، كما أنّني لم أقدّم حتّى الآن أيّ فكرة مرئية لتصاحب إنتشار الألبوم، ونحن نعيش في عصر المرئي، وبصراحة لست مستعجلة فمهما أخذت الأغنيات وقتاً لا فرق عندي، المهمّ في النهاية أن يصل الألبوم، وحتّى صدور الألبوم في شهر حزيران / يونيو لم يخدمه إذ أنّي معتادة أن أطرح ألبومي في الشهر الخامس الذي أتفاءل به ويخدمني أكثر للموسم الصيفي، لكن رحلتي إلى أمريكا أخّرت صدور الألبوم."
فمن يقرأ هذا الكلام عن لسان نجوى لا بدّ أن يستنتج بأنّ الناس لم تتقبّل أغاني الألبوم بسهولة، بل أخذوا وقتا "ليستوعبوا" الأغاني، كما صرّحت كرم نفسها للزميلة "لها"، أضف إلى ذلك أنّها أكّدت بأنّ صدور الألبوم في غير شهر يونيو/ حزيران " لم يخدمه"، ما يعني أن سؤالنا كان منطقياً وصحيحاً وفي مكانه المناسب، لأنّه مستنتج من كلام كرم نفسها، كما أنّه أتى مستفسراً عن الجهود التي تبذلها شركة روتانا لإنجاح الألبوم، الذي أخذ وقتاً ليستوعبه الناس، وواجه ظروفاً عديدة لم تخدمه كعدم صدوره في الشهر الخامس، وعدم تنفيذ أيّ فكرة مرئية ترافق إنتشاره، وكلّ ذلك بإعتراف من نجوى كرم نفسها، وليس بتأويل أو قصد من أحد.
* وما التغيير الذي قدّمته نجوى من خلال "شو مغيّرة"؟
ـ أتمنّى أن يكون تغييراً نحو الأفضل.
وهنا قاطعنا السيّد طوني كرم شقيق الفنّانة نجوى كرم، معلناً إعتذاره منّا كون لحظة صعود نجوى إلى المسرح باتت وشيكةً، وعليها الإستعداد للغناء، وما هي إلاّ دقائق قليلة حتّى أطلّت كرم على أبناء مدينتها الأمّ بفستانها الأبيض الذي صمّمه روبير أبي نادر، مفتتحةً الحفل الذي أُطلق عليه عنوان "لفتة وفا" بأغنية "الوفيّة"، وقدّمت عدداً من أغاني "ريبيرتوارها" القديم والجديد، وخلال الحفل تمّ الإعلان عن منح مدرسيّة قدّمتها نجوى لطلاّب مدرسة "يسوع الملك" التي تلقّت فيها نجوى علومها، وهي "لفتة وفاء" أيضاً إلى مدرستها التي ترعرعت في أحضانها.
شكر خاصّ للمصوّر الصحفيّ الزميل عبد الرحيم اللاز.
[email protected]
التعليقات