غزة: أنقاض متناثرة.. ملابس وأغطية ممزقة... سيارات مطحونة... ودمار شامل في كل شيء... ومواطنون على أنقاض منازلهم وأطفال يبحثون عن أي شئ يمكن الاستفادة منه..رائحة الدم كانت تفوح من بين زقاق شوارع المخيم وبيوت العزاء هنا وهناك.
نساء يبكين وأطفال يصرخون على فقدان أحبائهم هكذا بدا المسرح الفلسطيني على ساحة جباليا شمال القطاع بعد الانسحاب الإسرائيلي منه بعد ان أيقن بان الفلسطينيين سينشغلون الان بلملمة جراحهم والبحث عن خيم الإيواء والمعونات التي ستقدمها الجمعيات من أكياس دقيق ومعجون وفرشاة أسنان.
عندما تقدمت "إيلاف" خطوة للإمام في أحد الشوارع صرخ الأطفال لإبلاغها بان الشارع "ملغم" كان قد زرعه المقاومين بالألغام لمنع تقدم الجرافات ودبابات الاحتلال.
وعند سؤالها عن بيت العزاء المجاور ،أجاب الأطفال بان هذا الشهيد القسامي من عائلة "الأشقر" قصفته الطائرات عندما كان يستعد للهجوم بصاروخ من نوع "بتار" على إحدى الدبابات،بينما بيت العزاء الآخر لطفل لا يتجاوز الرابعة عشر من عمره قد سقط جراء قصف جسده الصغير بقذيفة دبابة حيث تمكن جنود الاحتلال فرحين من قتل الطفل وفصل جسده عن رأسه الذي عثر عليهبعد عدة ساعات من استشهاده.
منير البوجي 35 عاما يضرب بكفيه ويقول بصوت حزين "لقد راح شقا العمر" وعند سؤالنا أجاب بان بيته وأشقاءه الخمسة تم تجريفه بدون ذنب ولم يكن حال البوجي أفضل من حال محمود عبيد الذي أصبح هو وأبناؤه الخمسة عشر بدون مأوى.
ولم تكتف جرافات الاحتلال بتجريف الأشجار والمزارع ومنازل المواطنين وقتل وإصابة العشرات ،بل تعدى إلى تجريف مراكز الأمن العام والدفاع المدني ومركز الشؤون الاجتماعية المخصص للتدريب المهني.
وضرب محطات الكهرباء وشبكات الصرف الصحي التي أصبحت تهدد سكان المنطقة بكارثة بيئية في حال لم يتم إصلاحها في وقت سريع.
ماهر حسين البالغ من العمر 37 عاما والذي تطوع لمرافقة "إيلاف" لإرشادها للمناطق التي ضربها الزلزال الإسرائيلي ، اذر فت عينيه دموعا لما رأت من حجم دمار وعائلات تستصرخ الأمة العربية للجم جيش الاحتلال.
قال ماهر حسين بأنه منذ بداية الاجتياح ليلة الثلاثاء عرف المواطنون بان جيش الاحتلال سيعمل على تدمير منشاتهم للانتقام مؤكدا بان هناك حالة تضامن شعبية واسعة مع العائلات التي فقدت أبناءها وفقدت منازلها جراء هذا العدوان.
ويذكر بان الاحتلال الإسرائيلي كان يهدف من وراء اجتياحه لبلدات شمال القطاع وقف إطلاق الصواريخ تجاه المدن الإسرائيلية الا انه بعد مرور ثلاثة ايام متتالية علي الاجتياح دون وقف إطلاق الصواريخ تاكد بان حملته قد فشلت منذ يومها الأول، حيث أقر ذلك وزير الحرب الإسرائيلي شاؤول موفاز بأنه رغم العملية العسكرية الواسعة في قطاع غزة إلا أن ذلك لن يمنع استمرار سقوط صواريخ القسام والقذائف المتفجرة.
وكانت مصادر صهيونية قد أوردت هذا التصريح، وأضافت على لسانه بأن الجيش الصهيوني سيبقى في قطاع غزة طالما اقتضى الأمر، إلا انه سرعان ما خرج بعد إعطاب دباباته واشتداد المقاومة الفلسطينية وخوفا من تمكن رجال المنظمات الفلسطينية تكرار حادثة حي الزيتون ورفح العمليتان التي سقط فيها ما يزيد عن ثلاثة عشر جنديا صهيونيا وتحطمت آنذاك أسطورة الدبابة الإسرائيلية امام العسكري الصهيوني الذي بات يخشى الموت بلغم مزروع بين أنقاض منزل او في قارعة احد الطرق.