بقايا السيارة المفخخة في نيو جديدة (تصوير ريما زهار)
ريما زهار من بيروت: تبدو كل من منطقة "نيو جديدة" والكسليك في لبنان بعد التفجيرات التي طالتهما والتي أدت الى مقتل 3 وجرح العشرات وكأنهما ساحة خالية الا من بعض الذين أتوا بفعل الحشرية لمعاينتهما. فالمحال التجارية القريبة من التفجيرات شبه خالية الا من عمال الدهن والطرش وتنظيف الزجاج وتركيبه من جديد. فالمشهد مشابه في المكانين اللذين جمعتهما فاجعة واحدة تحدث عنها السكان واصحاب المحال التجارية هناك خصوصاً قبل عيد الفصح. منى مهنا (57 عاماً) كانت تشاهد التلفزيون عندما وقع الحادث في نيو جديدة وقالت:"لا يوجد شخصية سياسية مهمة في المنطقة كلنا اناس عاديون، ولا نؤمن بالعنف الذي كان خلال الحرب الماضية. اما عينا سيمون مهنا فكانت تخبئان كل الخوف المختزن بعد هذه التفجيرات :"عانينا الكثير، يقول يكفي ما جرى حتى الآن"، ولم تستطع عينا شقيقته فيلومين ان تحبسا الدموع التي نزلت غصباً عنها وصرخت:" ماذا سنفعل الآن، لماذا يدفع الفقراء دائماً ثمن شجار البرجوازية؟

شوقي حداد( 50 عاماً ) قال ان الانفجار ادى الى هزة عنيفة عرف من خلالها انها كانت عبوة ناسفة لانه عايش الحرب في لبنان هذه الحرب التي استمرت اكثر من 15 عاماً. ويعتقد ان هذا التفجير هو عمل سوري وليس بامكان سورية ان تخدعنا بعد اليوم لكن فجر الحرية في لبنان سيضاء من جديد. غير ان الجميع ليس متفائلاً فمعظم المحال التجارية المتضررة في نيوجديدة اقفلت وبدأت فيها ورش التنظيف واعادة الاعمار. وبالقرب من رجال الأمن الذين طوقوا مكان الحادث شوهد بعض الخبراء الذين يعاينون السيارات المتضررة لتقديم كشف عنها الى المختصين بالتعويض.

بناء تضرر من انفجار نيو جديدة (تصوير ريما زهار)
لميا، إحدى البائعات اللواتي كانت تهتم بلملمة ما تبقى من بضائع مندثرة قالت لنا:"ان الغرض من هذا التفجير ضعضعة ثقة اللبناني بمستقبل بلاده وثنيه عن الأمل في ان يكون لبنان كما كان في الماضي منارة للحضارة والتجارة. واضافت:"لسنا خائفين ، سنلملم الجراح ونمضي في مسيرتنا فمن الأفضل ان نموت والا نبقى خانعي الرؤوس نخاف الموت الأفضل الموت على عدم العيش بكرامة. وقالت ان بلدية جديدة ستساهم في التعويض على المحلات المتضررة. "هذا ما وعدونا به اليوم"، تضيف آملة بان يفوا بوعودهم. وقال بائع آخر كنا نتأمل بالعيد المقبل كي نبيع لكنهم فاجأونا سلبياً بهذه التفجيرات، مشيراً الى ان موسم البيع في العيد كان اصلاً ميتاً بسبب الأحداث الأخيرة واغتيال الرئيس رفيق الحريري واتت هذه التفجيرات كي تقضي عليه نهائياً. واضاف:"خسرنا بما فيه الكفاية لكن السؤال :"من سيعوض علينا؟ لن أبقى كثيراً في هذه البلاد التي أصبحت غير آمنة للجميع. وأشار الكثيرون الى انهم ليلة الانفجار لم يستطيعوا الوصول الى منازلهم الأمر الذي دفعهم الى افتراش الشارع للنوم فيه او الذهاب لدى أقاربهم. وقال كيفورك هاكيميان:"خسرت كل شيىء وكل ما املكه من سيارات ومنزل ولا ادري لمن التجىء او من استجدي؟

الكسليك

محال استعاضت عن الزجاج بالنايلون مؤقتا(تصوير ريما زهار)
في الكسليك هذا السوق الراقي الذي يقصده معظم البرجوازيين في لبنان بدا أكثر مأساوية وكأنه اتشح بسواد الجرم الذي تسلل اليه ليل الثلاثاء في 22 آذار الماضي. الجميع خائف حتى من اعطاء اسمه والافصاح عن هويته ولدى ركن السيارة لاجراء المقابلات مع الناس هرعت الينا احدى البائعات راجية ان نكتب لمن هذه السيارة ربما خوفاً من انفجار آخر. وبدت الكسليك وكأنها تلملم نفسها من أحداث الأمس والخسائر الفادحة التي المت بمركز التافيستا التجاري لا تقدر بثمن.

كيومجي

المحال القريبة من هذا المجمع كمجمع كيومجي الذي يتضمن محلات ألبسة عديدة تضررت الواجهات ولا أحد يدري من سيعوض الخسائر على اصحابها، وكذلك قال لنا احد البائعين في ان لا خوف من السرقات ومعظم المحال لم تلجأ الى التأمين للتعويض وان خسائر المحل الذي يعمل فيه تتجاوز ال9آلاف دولاراً اميركياً، علماً ان معظم زبائنه من دول الخليج والخسارة على الجميع.

كثيرون رفضوا التصريح وكأن نقمة الانفجار ارتدت على كل من يحاول الحديث مع اي بائع وكانت معظم الاجوبة "صرحنا بما فيه الكفاية"، روزي عبيد موظفة في احد محال الالبسة عددت خسائر المحل والتي تتضمن الزجاج وابواب الحديد واشتكت من انقطاع الكهرباء واشارت ان كل اعضاء المعارضة اللبنانية اتوا لمعاينة المكان لكن المطلوب افعالاً وليس كلاماً.

التافيستا

المشهد يبدو اكثر مأساوية داخل مجمع التافيستا هذا المجمع الذي يحتوي على 102 محلاً تجارياً وسط شارع الكسليك تضررت كلها لكن بنسب متفاوتة فهناك التدمير الكامل والخراب وسقوط الزجاج، ويقول مدير المجمع بان تصليح المجمع سيكلف نحو 3 مليون دولار واشتكى من انقطاع الكهرباء فاردف احدهم بالقول:"وزير الكهربا نائم لازم يوعوا"واشتكي ايضاً من عدم ارسال لجنة رسمية لتخمين الاضرار لتكشف وتصور وقال:"التحقيق لا يزال ساري المفعول وبعد انتهائه سنبدأ بالتصليحات"

مزين الشعر

السنتر بمعظمه مقفل الا محل في الطابق الاول لمزين الشعر لطفي برباري الذي استقبلنا في مكتبه وقال ان محله تضرر اثر الانفجار خصوصاً لجهة الالومينيوم والزجاج والاسقف ولا يزال بانتظار عمل الكابلات وانه يعتمد على محله الاساسي في جونيه وقدر خسائره ب50 ألف دولار وسيبدأ باعادة تركيب الزجاج ثم بعدها الديكور الخارجي وامل بأن تهبنا الدولة او تجار جمعية جونية مساعدات خصوصاً وانه صوّر المحل قبل ازالة الركام عنه.

اما عن الامن والخوف من السرقات فقال لطفي بان لا خوف من السرقة مع وجود مكثف للجيش وللامن الداخلي وشركات الامن التي تقوم بواجباتها وامل ان تكون المرة الاخيرة التي تتعرض لها منطقة للتفجير وكانت هذه التفجيرات برأيه ضد المناطق الاقتصادية وتمنى ان ترجع الدولة اللبنانية الى سيادتها واستقلالها ومعرفة الحقيقة.

...البارحة "نيو جديدة" واليوم الكسليك والجميع متخوف من تفشي هذه الانفجارات في كل لبنان فهل يكون ثمن الحرية والكرامة قنابل موقوتة تنال من حياة اللبناني ورزقه؟

[email protected]