"إيلاف" تفتح ملف روبرتسون وعلاقته بيوم 22:
الجمهوريون ومأزق التطرف الأميركي


عبدالله المغلوث من فلوريدا: يواجه الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش مأزقا حادا بعد التصريحات التي اطلقها الواعظ المسيحي والمرشح الجمهوري السابق للرئاسة بات روبرتسون(75عاماً) التي دعا فيها الى اغتيال الرئيس الفنزويلي، حيث اعتبرت منظمات أميركية أن قيادة بوش للحزب ساهمت في نمو التطرف في أنحائه وازدياد كراهية العالم من شرقه وغربه لأميركا مستشهدة بمطالبة السيناتور الجمهوري الأميركي توم تانكريدو بهدم الكعبة.

ووصفت الديمقراطية الناشطة ايمي غودمان التصريحات التي يدلي بها الجمهوريون بـ "الخطرة" والتي ستعود على أميركا بالدمار لأنها تؤجج مشاعر"الكراهية ضدنا، وتمهد الطريق للارهابيين لغزونا وتدمير مصالحنا".

وحذرت صحف أميركية واسعة الرئيس الأميركي من سلبيته أمام مايحدث، تقول "لوس انجلوس تايمز": "هنا يتطلب وجود الرئيس، عليه أن يضع حداً للأخطاء الفادحة".

ولم يكن تصريح بات الأخير الأول من نوعه فقد سبقته تصريحات مثيرة للجدل في قضايا عدة.

روبرتسون: تاريخ من الجدل
وسبق أن هاجم روبرتسون المساواة بين الجنسين واعتبرها تحث على ترك النساء لأزواجهن، الدعارة، ممارسة السحاق، وتحطيم المبادئ الدينية.

وأيد الناشط الإنجيلي جيري فولويل الذي أرجع هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) إلى انتشار المثليين، الإجهاض، المساواة بين الجنسين. لكن سرعان ما تراجع روبرتسون عن تأييده بعد ان هاجمته منظمات اميركية عدة من بينها ( بيبول أوف اميركان واي)، و(يو سي ال يو) قائلا: "لم افهم حديث جيري جيداً".

وادعى بات أن الصلاة التي أداها كانت خلف هروب إعصار غلوريا عام 1985 بعيدا من شاطئ مسقط رأسه فيرجينيا بعد أن ألحق أضرارا جسيمة بالشواطئ الأميركية الشرقية بينما لم يزر فيرجينيا كما كان متوقعاً.

إخفاق في سباق الرئاسة
وأعلن نيته للترشح عن الحزب الجمهوري لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية في أيلول(سبتمبر)1986، بعد ان اشترط دعم 3 ملايين من أنصاره، حظي بتأييد منقطع النظير معنويا وماليا، خصص الملايين لدعم حملته وتنحى عن إدارة(سي بي ان) لمصلحة ابنه تيم.

وضع أجندة انتخابية محافظة، تدعو الى مكافحة المخدرات والخلاعة، تشييد نظام تعليم يسمح بتدريس التوراة في المدارس العامة، يقتلع بعض الأقسام غير المبررة في وزارتي التربية والطاقة على حد تعبيره في الحملة السابقة. عندما بدأ توقع الكثير فوزه نظرا لشعبيته والميزانية الضخمة التي وفرها لها.


في القدس العام الماضي
نكسته الأولى تمثلت في أن حملته تزامنت مع فضائح لواعظين مسيحيين، وهما جيم بيكر المتهم بالاختلاس والاحتيال وجيمي سواغارت الذي قبضت عليه الصحافة الأميركية متلبساً مع مومسات، رغم عدم تورط بات في فضائح مشابهة لكنه دفع ثمن اخطاء غيره عندما انصرف عنه المواطن الأميركي الذي فقد الثقة بالمتدينين آنذاك.

النكسة الثانية التي تعرض لها إبان ترشيحه كانت عندما أعلن أنه شارك ضمن القوات الأميركية البحرية في الحرب الكورية، حينها خرج جنود في الكتيبة التي عمل فيها إلى الملأ، معبرين عن سخطهم من تصريحاته بعد أن أخبروا الإعلام أن روبرتسون لم يقم باي مهمة عسكرية، اكتفى فقط بتقديم المشروبات الكحولية لضباطه مما أعلن سقوط حملته وصورته أمام أنصاره!

الحض على اغتيال الرئيس الفنزويلي
وحمل الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز بدوره الرئيس الاميركي جورج بوش المسؤولية في حال تعرضه لاي خطر بعد تحريض روبرتسون واشنطن على اغتياله، هذا و نددت دول أميركا اللاتينية التي تشكل مجموعة الريو بالدعوة إلى اغتيال شافيز التي اطلقها بات واعربت عن "ذهولها" وطالبت بـ"ملاحقات شرعية" ضد هذا الواعظ الانجيلي الاميركي المحافظ. وقال وزاء خارجية الدول الـ 19 الاعضاء في منظمة الريو او من يمثلهم في بيان "اطلعنا بكل ذهول على تصريحات الواعظ بات روبرتسون، مؤسس الائتلاف المسيحي، وهي منظمة مقربة من الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة، التي دعا فيها الى اغتيال الرئيس الفنزويلي المنتخب ديمقراطيا".

واضاف البيان المشترك الذي صدر اثر اجتماع عقدوه في باريلوش في جنوب الارجنتين "انطلاقا من المبدأ الاساسي للدفاع عن الحياة (...) نرفض بشدة مثل هذه التصريحات وننتظر فتح تحقيق والبدء بملاحقات شرعية مناسبة". و اضاف البيان " نحرص على التعبير عن صداقتنا للشعب الفنزويلي ، و تضامنا مع سلطاته " منددا بـ " تحريض واضح على الجريمة".

وكان القس المحافظ بات روبرتسون قال عبر محطة "شبكة الارسال المسيحية" (سي بي ان) في 22 آب (اغسطس) الجاري"اذا كان (شافيز) يظن اننا نحاول قتله، فأعتقد انه علينا القيام بذلك". وقد اثارت تصريحاته غضب السلطات الفنزويلية التي اعربت عن قلقها حول سلامة شافيز اثناء زيارته مقر الامم المتحدة في نيويورك الشهر المقبل. (في كركاس، اعلن الرئيس هوغو شافيز انه تباحث مع معاونيه في السلوك الواجب اتباعه في حال تعرضه للاغتيال واتهم مسبقا الرئيس الاميركي جورج بوش بالامر).

ووصف وزير الخارجية الفنزويلي علي رودريغيز تصريحات روبرتسون بانها "جريمة علنية" يجب ان تجري السلطات الاميركية تحقيقا فيها.

وصرح سفير فنزويلا في واشنطن برناردو الفاريز هيريرا في مؤتمر صحافي "يجب على الادارة الاميركية ادانة تصريحات بات روبرتسون باقسى العبارات، ونحن نشعر بالقلق على سلامة رئيسنا".

واضاف "من الضروري ان تضمن الحكومة الاميركية سلامة شافيز عند زيارته هذا البلد في المستقبل بما في ذلك اثناء زيارته المقررة الى مقر الامم المتحدة في نيويورك".

والرئيس شافيز مناهض شرس للسياسة الاميركية، وقد اتهم مرات عدة الولايات المتحدة بمحاولة اغتياله ويشتبه بوقوف واشنطن وراء محاولة الانقلاب في نيسان(ابريل) 2002 في فنزويلا ووراء الاضراب الكبير الذي استمر من كانون (ديسمبر) 2002 الى شباط(فبراير) 2003 والذي كان يهدف الى نسف الصناعة النفطية الفنزويلية التي تعتبر المتنفس الاقتصادي للبلاد.

اليوم الثاني والعشرون


ويسعى روبرتسون الى تعزيز علاقته بالحزب الجمهوري خاصة بعد خسارته أمام بوش الأب في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 1988 لكن الأمر يبدو عسيرا بعد الجدل الذي احدثته تصريحاته الأخيرة التي سوغها : "وسائل الإعلام اساءت فهمي".

يعود روبرتسون إلى عائلة سياسية بارزة، والداه ابسالوم ويليس روبرتسون-سيناتور أميركي ديمقراطي محافظ- وغلاديس تشرتشل الناشطة الاجتماعية ، تزوج من اديليا دييد إلمر في عام 1954، عائلته تتضمن 4 أبناء من بينهم جوردن-يعمل رئيسا لشبكة والده التلفزيونية في آسيا ويحمل درجة الدكتوراة- و14 حفيداً.

وولد في 22 آذار(مارس)1930 في ليكسنغتن في ولاية فرجينيا، مبشر مسيحي، سياسي بارز، ناشط سياسي يميني، ومؤسس للعديد من الشركات المالية والتجارية والإعلامية الناجحة: المركز الأميركي للقانون والعدالة، الشبكة التلفزيونية المسيحية(سي بي ان)، التحالف المسيحي، المشفى الطائر(فلاينغ هوزبيتال)، شركة الترفيه العائلية الدولية، المنظمة التبشيرية للإغاثة، وجامعة ريغنت. يقدم برنامج (النادي 700) على قناته التي يمتلكها وعبر بعض القنوات الأخرى والتي اطلق خلالها تصريحاته الأخيرة الداعية الى اغتيال الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز.

ويعتقد الكثير أن اليوم ال22 الذي خرج فيه بات إلى الدنيا التي سيكون أيضاً شاهدا على نهاية نجاحه بعد مطالبته في 22 آب (اغسطس) الجاري باغتيال شافيز مما خفض شعبيته وخلف امتعاضا يتفاقم.