العفيف الأخضر

لو لم تكن إيلاف موجودة، لكان من الضروري إيجادها. لماذا؟ في عصر ثورة الاتصالات لن يعد الكوجيتو الديكارتي: quot;أنا أفكرُ فأنا إذن موجودquot; سديدا، بل حل محله كوجيتو جديد: أنا أتواصل مع قرائي ومشاهدي فأنا إذن موجود. يحتاج المثقفون والإعلاميون في مجتمعات العالم العربي والإسلامي المغلقة هنا وعُشر مفتوحة هناك، إلى منابر حرة بتعريف الحد الأدنى. الحد الأعلى لحرية الإعلام؟ الخبر المقدس والتعليق حر. أما الحد الأدنى فهو: الخبر مقدس إذا كان نشره لا يكلف الحياة، أو الحرية، أو منع وسيلة الإعلام، أو منع الإعلانات عنها. والاعلانات هي الرئة التي يتنفس منها الإعلام المستقل عن تمويل الدولة؛ التعليق حر إذا لم يكن له ذات العواقب الوخيمة إياه. يجب أن يكون المرء فصاميّا أو ديماغوجيّا، في ظروف العالم العربي المستبد بغباء، أن يشترط نشر كل تعليق حر دون قيد أو شرط، أي دون مراعاة الظروف الموضوعية للوسيلة الإعلامية التي لا ينبغي أن يُطلب من صاحبها أو أصحابها أن يكونوا أبطالا أو فدائيين. ومع ذلك حُجبت quot;إيلافquot; في السعودية لمدة طويلة سنة 2002، وها هي قد حُجبت مجددا هذه السنة ومازالت محجوبة. أعداء النقاش المتعارض، والنقد والنقد الذاتي، والفكر النقدي والخبر الموضوعي، مازالت أيديهم الباطشة أطول من ألسنتنا المقصوصة أو الممدودة بين كماشتي مقص الرقيب. وباختصار، ومعذرة عن قلة التواضع، التعريف الملموس للحد الأدنى من حرية الإعلام هو نشر كتابات العفيف الأخضر، التي ضاق بها صدر الأسبوعية quot;الحريةquot; البيروتية سنة 1970، وصدر quot;دراسات عربيةquot; سنة 1973، وصدر quot;الحياةquot; اللندنية سنة 2002. لكن صدر إيلاف لازال فيه متسع لها. فشكرا لجنود quot;إيلافquot; الذين يصنعونها كلّ يوم، وشكرا لمن أعرفهم منهم الصديقين عثمان العمير وعبدالقادر الجنابي.