فاخر السلطان من الكويت: يتساءل المراقبون في الكويت إن كان الضغط النيابي والسياسي (من جانب التجمعات السياسية) لتنظيم الحياة السياسية من خلال العمل رسميًا بالتعددية الحزبية، سيفضي إلى موافقة السلطات الكويتية على إشهار الأحزاب السياسية في البلاد؟ ويبني المراقبون تساؤلهم على موقف حكومي رافض بالمطلق لقضية تنظيم العمل الحزبي، مثلما ردد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد أكثر من مرة هذا الرفض، وبالذات حينما كان رئيسًا للوزراء. فقد قال في عام 2005 انه لا توجد أي خطط للحكومة للسماح بقيام أحزاب سياسية بعد أن قال رئيس مجلس الأمة آنذاك جاسم الخرافي ان الوقت حان كي تنظر البلاد في أمر تقنينها. وقال الشيخ صباح الأحمد إنه quot;ليس هناك اي تفكير في ما يتعلق بموضوع الاحزاب... الدستور الكويتي يفسر هذه الامور ويجب أن يترك هذا الامر للدستورquot;. وكان الشيخ صباح الأحمد يرد على سؤال بشأن تصريحات الخرافي الذي قال إن البلاد في حاجة ماسة إلى إصلاح سياسي واقتصادي، وقال في خطابه أمام مجلس الامة: quot;من غير المنطقي أن تكون لدينا أحزاب في الممارسة ولا نبحث جديًا في جدوى تقنينها وتنظيمهاquot;.

ويتوقع المراقبون ألا تؤدي الضغوط النيابية والسياسية إلى نتيجة، اللهم إلا إذا حصلت تطورات سياسية محلية وإقليمية قد تدفع السلطة إلى القبول رسميًا بالعمل وفق نظام الأحزاب السياسية. وتوجد في الكويت تجمعات سياسية تمارس عملها بكل أريحية، وهي أقرب إلى الأحزاب منها إلى أي شيء آخر، لكن السلطة الحاكمة تغض الطرف قانونيًا عنها. لكن لا توجد أحزاب سياسية رسمية بل جماعات شبه سياسية من العشائر والتجار والناشطين الإسلاميين من السنّة والشيعة ومن الليبراليين تتخذ لنفسها شكلاً منظمًا. والأحزاب السياسية محظورة في الكويت مع أن أعضاء مجلس الأمة يتجمعون لتشكيل تكتلات سياسية غير رسمية. ويتألف المجتمع المدني الكويتي من جمعيات النفع العام والنقابات العمالية والعديد من الجماعات غير الرسمية. وأعلن ناشطون في التيار السلفي (حزب الأمة) في 29 كانون الثاني/يناير عام 2005 بتأسيس أول حزب سياسي في الكويت بالرغم من عدم اعتراف السلطات الكويتية بالأحزاب السياسية وعدم وجود قانون للأحزاب السياسية. ورفضت الحكومة الكويتية ترخيص هذا الحزب واستدعت مؤسسيه للتحقيق ثم أطلقت سراحهم.

وكان ثلاثة من نواب كتلة العمل الوطني الخمسة - ليبراليون - (محمد الصقر، علي الراشد، فيصل الشايع) طالبوا يوم الأحد الماضي في اقتراح بقانون بإشهار الاحزاب السياسية على ان يسمى هذا القانون بقانون الاحزاب السياسية لسنة 2007 ويعمل به بعد مرور ثلاثين يومًا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
ويقول المراقبون إن الحكومة سترفض القانون، وسوف تقوم بكل ما تملك من أدوات دستورية ومن ثقل سياسي في مجلس الأمة برد القانون إن قبله المجلس. كذلك هناك أطراف ليبرالية ترفض تنظيم الحياة السياسية في الكويت عن طريق إشهار الأحزاب، مؤكدة أن نتيجة ذلك هي هيمنة التيار الديني الأصولي على مجلس الأمة وعلى مجريات الحياة السياسية والاجتماعية.

واعتبر النائب علي الراشد أمس ان تقديمه وزميليه في كتلة العمل الوطني لقانون الأحزاب السياسية هو quot;محاولة لتنظيم الفوضى السياسية في الكويت التي خرجت عن المعقول والمقبولquot;. ورأى ان هذا الاقتراح من شأنه أن ينظم العملية الديمقراطية، ويتيح الفرصة للمواطن لمعرفة التوجهات السياسية، مؤكدًا أن وجود الاحزاب يعد أمرًا طبيعيًا في الممارسة الديموقراطية الحقيقية المتبعة في دول العالم المتطورة.

وذكر أن الشارع الكويتي لا يزال يجهل وضع التجمعات السياسية في الكويت، ولا يعرف حقيقة تمثيلها وعدد منتسبيها، مشيرًا إلى أن الاقتراح سيكشف التوجهات السياسية ومصادر تمويلها ويتيح الفرصة لرئيس الحكومة (الشيخ ناصر المحمد) معرفة التوجه السياسي، الذي يتعامل معه. وأكد الراشد ان الاقتراح يخدم مصلحة السلطة والنظام في الدولة ويعد مكسبًا لديمقراطية الكويت، داعيًا الى الاهتمام بهذا الاقتراح لتطبيقه في أسرع وقت ممكن، وعدم اضاعة هذه الفرصة التي تحقق نقلة نوعية في الممارسة الديموقراطية.

من جانبه، أكد النائب أحمد المليفي ان أي ديمقراطية لا بد ان تكون بجناحين لتحقيق الهدف المنشود منها، وهي حرية الصحافة ونظام حزبي، مشيرًا الى ان ديمقراطية تخلو من تلك الأجنحة هي ديمقراطية ناقصة. وقال المليفي إن المشرعين عندما وضعوا الدستور الكويتي لم يمنعوا الاحزاب ولم يسمحوا لها، بل تركوها الى تطور التجربة الديمقراطية، مشيرًا الى ان التطور في التجربة الديمقراطية في البلاد يحتاج إلى قفزة جديدة نحو العمل الديمقراطي المنظم القائم على النظام الحزبي والدائرة الواحدة ونظام القائمة الواحدة.

واضاف المليفي انه في ظل الأوضاع القائمة، التي تعمل بها الحكومة، والتي لا تتوافر لديها الأغلبية مما ادى الى عدم الاستقرار، فإنه يجدر بها ان تطبق النظام الحزبي، الذي من خلاله تستطيع تحقيق الغالبية، وبالتالي نحقق الاستقرار المطلوب، مشيرًا الى ان النظام الحزبي يجب ان يكون مطلبًا أساسيًا للسلطة التنفيذية قبل أن يكون مطلبًا أساسيًا للسلطة التشريعية.

ووفق اقتراح النواب الثلاثة يمارس الحزب أو التنظيم السياسي نشاطه بالوسائل السليمة والديمقراطية لتحقيق برامج محددة ومعلنة تتعلق بالشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للدولة، وذلك عبر المساهمة في الحياة السياسية والديموقراطية والمشاركة فيها سلميًا عن طريق الانتخابات العامة الحرة النزيهة. وحسب الاقتراح تشكل لجنة تسمى لجنة شؤون الاحزاب السياسية على النحو التالي:

رئيس مجلس القضاء الأعلى أو نائبه (رئيسا)، وزير الداخلية (عضوا)، وزير العدل (عضوا). وأربعة من غير المنتمين لأي حزب او تنظيم سياسي من رجال القضاء غير العاملين او من المحامين المقبولين بالترافع امام المحكمة يرشحهم مجلس القضاء الاعلى ويصدر بهم مرسوم اميري، على ان تتوافر في الاربعة الشروط التالية:

أ - النزاهة والحيدة والاستقلالية.
ب - التمسك بمبدأ الديموقراطية والتعددية السياسية والحزبية.
ج - ان يؤدي الاعضاء الاربعة اليمين امام سمو الامير او من ينوب عنه بالالتزام بالشروط الواردة أعلاه طوال فترة عضويتهم في اللجنة.

وتختص هذه اللجنة بفحص الطلبات المقدمة لتأسيس الاحزاب السياسية والتحقق من توافر الشروط المقررة في هذا القانون، فضلاً عن اي اختصاصات اخرى تتضمنها احكامه. وللمؤسسين حق سحب اي وثائق او بيانات قدمت مع طلب التأسيس والاستعاضة عنها بغيرها، وذلك من خلال مدة تبدأ من تاريخ تقديم طلب التأسيس وتنقضي بمرور خمسة عشر يومًا على تاريخ تبليغ الإشعار بتسلم طلب التأسيس. وللرئيس ان يطلب من المؤسسين تقديم أي ايضاحات او وثائق او بيانات لأزمة لتنفيذ احكام هذا القانون وذلك بكتاب يصدره خلال ثلاثين يومًا من تاريخ تقديم الاشعار بتسلم طلب التأسيس.

ولأحد المؤسسين الخمسة المذكورين في الفقرة 5 من المادة 12 من هذا القانون تقديم الايضاحات والوثائق والبيانات المطلوبة خلال اربعة عشر يوما من تاريخ تبليغ كتاب الرئيس، وللرئيس تمديد هذه المدة لمثلها بناء على طلب المؤسسين. وإذا كان طلب تأسيس الحزب مستوفيًا للشروط المنصوص عليها في هذا القانون يعلن الرئيس عن تأسيس الحزب خلال سبعة ايام بعد انقضاء ستين يومًا على تاريخ تبليغ الإيضاحات والوثائق والبيانات المشار إليها في الفقرة (خ) من المادة 13 من هذا القانون، وينشر الإعلان في الجريدة الرسمية. وإذا امتنع الرئيس عن الإعلان عن تأسيس الحزب خلال المدة المنصوص عليها في الفقرة (أ) من هذه المادة فعليه ان يبين اسباب ذلك وان يبلغها الى المؤسسين وفقًا للاجراءات المنصوص عليها في هذا القانون، ولا يجوز للوزير ايراد اسباب اخرى امام المحكمة. ولأي من المؤسسين حق الطعن لدى المحكمة في قرار الرئيس المشار اليه في الفقرة (ب) من المادة 14 من هذا القانون، خلال ثلاثين يومًا من تاريخ تبليغ هذا القرار.

وتصدر المحكمة قرارها خلال ستين يوما من تاريخ تسجيل استدعاء الطعن لدى ديوان المحكمة. إذا قررت المحكمة إلغاء قرار الرئيس، يعلن الرئيس عن تأسيس الحزب من تاريخ صدور قرار المحكمة ونشر الإعلان في الجريدة الرسمية. وإذا نقص عدد الأعضاء المؤسسين عن خمسمئة عضو لأي سبب من الأسباب قبل الإعلان عن تأسيس الحزب وفقًا لأحكام هذا القانون. يعتبر طلب تأسيس الحزب ملغى. ويسمح للأعضاء المؤسسين بعمل دعاية انتخابية بين الناس للحزب قبل ان يصدر الرئيس قرارًا بالموافقة على انشاء الحزب.

ولا يجوز ان يعلن عن نفسه او يمارس نشاطه، إلا بعد صدور قرار الرئيس بالموافقة على الأسس او صدور قرار المحكمة بإلغاء قرار الرئيس وعلى الرئيس الإعلان عن تأسيس الحزب، وفقًا لاحكام هذا القانون. ويحظر استخدام مراكز النقابات والجمعيات الخيرية والأندية واجهزتها وأموالها لمصلحة اي تنظيم حزبي. ويتمتع الحزب بعد الإعلان عن تأسيسه بالشخصية الاعتبارية ولا يجوز حله او حل لجنة الحزب، الا وفق احكام نظامه الأساسي او بحكم من المحكمة. ويتولى ادارة شؤون الحزب قيادة تؤلف وفقًا لاحكام نظامه الأساسي ويمثله رئيسه لدى غيرهم بما في ذلك الجهات القضائية والإدارية وفي حالة عدم وجود منصب رئيس حزب في نظامه الأساسي يتولى أمينه العام مهام التمثيل تلك، ولرئيس الحزب او الأمين العام في الحزب حسب مقتضى الحال ان ينيب عنه خطيًا واحدًا او اكثر من اعضاء اللجنة لممارسة اختصاصاته او اي منها وان يوكل أي محام في الاجراءات القضائية والقانونية المتعلقة بالحزب. ومقار الحزب ووثائقه ومراسلاته ووسائل اتصاله مصونة فلا يجوز مراقبتها او مداهمتها، الا بقرار قضائي ولا يجوز مصادرتها الا بحكم قضائي.

ولا يجوز تفتيش اي مقر للحزب، باستثناء حالتي التلبس والجرم المشهود، الا بقرار من النائب العام وبحضوره او بحضور احد وكلائه، بحيث لا تقل درجته عن محام عام، اضافة الى ممثل عن الحزب، فإذا رفض الاخير يثبت ذلك في محضر التفتيش الذي يجري حينئذ بحضور شاهدين. وللحزب حق في اصدار مطبوعة دورية او اكثر للتعبير عن مبادئه وآرائه، وذلك وفقًا للشروط المنصوص عليها في قانون المطبوعات والنشر المعمول به. ويخطر رئيس لجنة شؤون الاحزاب السياسية بكتاب مسجل بأي قرار يصدره الحزب بتغيير رئيسه او بحل الحزب او اندماجه او بأي تعديل في نظامه الداخلي وذلك خلال عشرة ايام من تاريخ صدور القرار. ويتعين على الحزب التقيد بالمبادئ والقواعد الآتية في ممارسة اعماله، وان ينص على ذلك بشكل واضح في نظامه الاساسي:

أ - الالتزام بأحكام الدستور واحترام سيادة القانون.
ب- الالتزام بمبدأ التعددية السياسية في الفكر والرأي والتنظيم.
ج - الالتزام بالمحافظة على استقلال الوطن وامنه وصون الوحدة الوطنية ونبذ العنف بجميع اشكاله وعدم التمييز بين المواطنين.
د - الالتزام بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين عند تولي المسؤولية او المشاركة فيها.
والالتزام بعدم الارتباط التنظيمي او المالي بأي جهة غير كويتية او توجيه النشاط الحزبي بناء على اوامر او توجيهات من اي دولة او جهة خارجية.
والامتناع عن التنظيم والاستقطاب الحزبي في صفوف القوات المسلحة واجهزة الامن والقضاء او اقامة تنظيمات عسكرية او شبه عسكرية بأي صورة من الصور.
ز - عدم استخدام مؤسسات الدولة والمؤسسات العامة وجميع مؤسسات التعليم للتنظيم الحزبي، والمحافظة على حياد هذه المؤسسات تجاه الكافة في اداء مهماتها.
وعدم قيام الحزب السياسي على اساس مناهض للدين الاسلامي او على اساس تكفير الاحزاب السياسية الاخرى او المجتمع وافراده او الادعاء بالتفرد بتمثيل الدين او الوطنية.

وكان النائب السلفي عبدالله عكاش قدتقدم الشهر الماضي بقانون لتنظيم الحياة الحزبية في الكويت، ووصف القانون بأنه الحل الأمثل لوقف الصراعات المحيطة في مجلس الامة.
وذكر عكاش أن quot;قانون الأحزاب سيكون له مردود ايجابي في طريقة اختيار اعضاء الحكومة والتي لا بد ان يكون تشكيلها من ابناء الشعب وهذا ما يدعو اليه القانونquot;. واشار الى ان القانون سيضمن تمثيلاً حقيقيًا وواقعيًا للشعب وفق نظام الأحزاب التي تصل الى البرلمان.

وتضمنت المذكرة الايضاحية للقانون الذي تقدم به عكاش التالي: من منطلق ما قرره الدستور الكويتي في مادته السادسة من أن نظام الحكم في الكويت ديمقراطي، وما جاء في مذكرته التفسيرية من أن الدستور قد تلمس في النظام الديمقراطي الذي تبناه طريقًا وسطًا بين النظامين البرلماني والرئاسي مع انعطاف اكبر نحو اولهما، وكانت السلطة التشريعية - هي احدى السلطات التي يقوم عليها نظام الحكم في البلاد ويمارسها مجلس الأمة المنتخب، وكانت المبادئ الدستورية تعد الحريات العامة بما فيها التعددية السياسية والحزبية القائمة على الشرعية الدستورية حقًا وركنًا من أركان اي نظام سياسي ديمقراطي، وكان لا مفر من التسليم بأنه مادامت هناك انتخابات عامة فإنه سوف تنشأ بالضرورة تجمعات سياسية تحاول توجيهها الوجهة التي تحقق أهدافها وأهمها المشاركة في الحكم وتداول السلطة، وكان من الخير عدم التغافل عن نشوء ونمو هذه التيارات السياسية التي لابد أن تقوم بها جماعات تلتقي على فكر واحد، وخير للمجتمع أن تباشر مثل هذه التجمعات السياسية نشاطها من خلال كيانات محددة معلنة ومنظمة، والعمل في النور وبشفافية تحدد حقوقها وواجباتها وفق القانون، ومن ثم فمن الخير أن تنظمها احزاب سياسية تمارس نشاطها السياسي وفق ضوابط محددة ينص عليها القانون وهو ما يحققه هذا الاقتراح بقانون بتنظيم الاحزاب السياسية.

واعتبر حزب الأمة السلفي القانون الذي تقدم به النائب عكاش نقطة مضيئة في التاريخ السياسي لدولة الكويت. ووصف سيف الهاجري رئيس المكتب السياسي لحزب الامة القانون بأنه يعد تطبيقًا للمبادئ والنصوص الدستورية التي تؤكد حق الشعب الكويتي وحريته في اقامة احزابه وتجمعاته السياسية وممارسته العمل السياسي. وقال ان هذا القانون سوف ينظم القوى السياسية ويخضعها لسيادة القانون مما يكون له الاثر الايجابي الكبير في تطور النشاط السياسي في الكويت، وخطوة نحو الاصلاح السياسي الذي يطمح اليه الشعب الكويتي.

وكانت الحركة السلفية في الكويت أكدت في برنامج العمل الذي قدمته مؤخرا لإصلاح الأوضاع السياسية في البلاد ضرورة تنظيم العمل الحزبي. وقالت أن quot;إقرار حق اشهار الأحزاب السياسية أشارت اليها المذكرة التفسيرية للمادة 56 عند حديثها عن التجمعات السياسية التي يشاورها رئيس الدولة عند تشكيل الوزارة واصدار قانون ينظم شؤونها أسوة بالأنظمة الملكية التي سبقت الكويت في هذا المضمار كالأردن والمغربquot;.