حذّر من تفاقم الظاهرة في غضون السنوات القادمة
ممثل quot;شفافية دوليةquot; لـ quot;إيلافquot;: الفساد في الجزائر بلغ مستوى خطيرا
كامل الشيرازي من الجزائر: أعلن جيلالي حجاج رئيس الجمعية الجزائرية لمكافحة الرشوة، الأربعاء، إنّ الفساد في الجزائر بلغ مستوى خطيرا اتسم باستشراء الرشوة في مختلف دواليب الدولة والمؤسسات الكبرى، وعدّد حجاج، جملةمن التجاوزات والخروقات المسجلة في الصفقات العمومية، خلال هذه السنة والتي ساهمت بتفشي الرشوة، حيث سجل عدة فضائح مالية، مثل تلك التي هزت صندوق الامتياز الفلاحي، وكذا أخرى تسببت بها من عرّفها بـquot;مافيا الدواءquot;، ما جعل الظاهرة تأخذ أبعادا مخيفة تهدد توازنات الاقتصاد المحلي.
وأرجع ممثل منظمة (شفافية دولية) ''ترانسبرنسي أنترناشيونال'' بالجزائر، أسباب تنامي ظاهرة الفساد إلى ما أسماه quot;غياب إرادة سياسيةquot; وافتقاد الجزائر إلى إجراءات ردعية تحول دون تفاقم وانتشار ظاهرة الرشوة هناك، وضرب المتحدث مثلا بالقانون الحكومي للوقاية من الفساد الذي مضى عام على ترسيمه بموجب مرسوم رئاسي لكن أهم دعاماته لم تر النور، ورأى حجاج تراجعا كبيرا في تناغم بلاده مع محتوى الاتفاقية الأممية لمحاربة الفساد، لكونها أهملت، بحسبه، حق المواطن في حرية الحصول على المعلومات.
وأعاب رئيس الجمعية وهي فرع لمنظمة شفافية دولية في مقابلة مع quot; إيلافquot;، وجود ما أسماه quot;نوع من التراخي'' لدى السلطات العمومية في تعاملها مع ملف الفساد الشائك، كما انتقد تعاطي السلطات الجزائرية مع الموضوع برمته، ذاهبا إلى حد الجزم بكون''القانون ليس قضية إرادة سياسية، والعبرة بالملموس، حتى لا يبقى هذا القانون مجرد ذر الرماد في الأعين quot;، مركّزا على أنّ إلغاء المادة السابعة من القانون التي تنص على عقوبات في حق المنتخبين والنواب وكبار المسؤولين إذا ما تأخروا أو رفضوا التصريح بممتلكاتهم ''غيّر جوهر المشروع''.
وفيما ينظر الرأي العام في الجزائر بشزر إلى استشراء ظواهر الرشوة والفساد، رغم الحرب المعلنة التي أعلنتها الدولة ضدّ بارونات الفساد ولوبيات المصالح، أكّد مسؤول حكومي جزائري أنّ بلاده عازمة على الذهاب بعيدا في معركة قطع دابر الفساد، وكشف المدير العام للشؤون القانونية محمد عمارة، إنّ ثمة مخطط يشمل 55 ضابطا في جهاز الأمن، سيخضعون إلى تكوين متخصص يمكّنهم من تفكيك مغاليق الملفات ذات العلاقة بالجرائم الاقتصادية والمالية، وكذا أخرى مرتبطة بإبرام صفقات عمومية مشبوهة، ما سيعين على تفادي قصور التحري في قضايا التسيير المالي العام، ويساعد على الحيلولة دون استنساخ مهازل اختلاس مجددا، علما إنّ مسؤولين حكوميين أبدوا غداة اغتيال القاضي نبيل بوطرفة (33 عاما) الشتاء الماضي، عندما كان بصدد التحقيق في ملفات لها صلة بقضايا فساد، اعتزامهم توفير quot;حماية خاصةquot; للقضاة المكلفين بمعالجة قضايا الفساد وتعزيز شروط أمنهم لضمان فعالية أكبر، ناهيك عن تشديد الرقابة على سيرورة ملفات الفساد، وكذا تأمين عموم المجالس التي بحوزتها قضايا تتعلق بالفساد، إضافة إلى التفكير في إقامة محاكم خاصة تتولى التحقيق في قضايا الفساد، بيد أنّ كل هذه النقاط quot;المشرقةquot; ظلت مراوحة لمكانها.
من جهة أخرى، رأى رئيس الجمعية الجزائرية لمكافحة الفساد أن تجربة إنشاء أجهزة لمحاربة الفساد، هي تجربة فاشلة كونها لم تنجح في أغلب الدول، وشدّد حجاج على ضرورة تنصيب قاض على رأس الجهاز الجزائري لمحاربة الفساد وإشراك منظمات المجتمع المدني في تشكيلته بغرض تمكين الرأي العام من الإطلاع عن كثب على سيرورة الأشياء، كما أبدى حجاج قلقه إزاء احتمالات تفاقم الظاهرة بالنظر لكون الجزائر تستثمر ما يربو عن مائة وخمسين مليار دولار منذ العام 2005 بموجب الخطة الخمسية لدعم النمو، سيما بعد استمرار حالة الغموض التي تلّف عديد الصفقات، بجانب إقدام قطاع من المسؤولين على منح صفقات ضخمة عن طريق ''التراضيquot; وقال حجاج بأنّ ''هذاالإجراء لابد أن يبقى إجراء استثنائيا له شروطه الخاصة، لا يتم اللجوء إليه إلا في الحالات الاستعجالية الكبرى كحدوث الكوارث الطبيعية''.
وكانت منظمة quot; شفافية دولية quot;، مؤخرا، ما سمته quot; فساد قطاع الصحة في الجزائرquot;، وصنّفت في تقريرها الخاص بالفساد في قطاع الصحة الجزائري كأنموذج، في صدارة القطاعات الأكثر استفحالا لمظاهر الفساد والرشوة في الجزائر، ولاحظ التقرير الصادر قبل شهرين، تفشي ما نعته التقرير quot;ممارسات مالية شاذةquot; وquot;مظاهر اختلاس وسرقة وابتزازquot; في تسير أموال الصحة العمومية في الجزائر خلال السنوات الأخيرة، كما ركّز بوجه خاص على مختلف إدارات المؤسسات الاستشفائية العمومية وسوق الدواء، معتبرا أنّها quot; مسرح الفساد المفتوح وتحويل المال العامquot;.
يشار إلى شفافية دولية صنفت الجزائر في المرتبة الـ 99، حيث حلت الجزائر بمؤشر(3.0)، ويتراوح سلم المؤشر المعتمد بين (10) التي تعني نظيف جدا، و(0) التي تعني فاسد جد.
وقد احتلت الجزائر هذا المركز، إلى جانب كل من أرمينيا وجمهورية الدومينيك ولبنان ومنجوليا، بينما تصدر الدانمرك قائمة الدول بمؤشر 9.4 إلى جانب كل من فنلندا ونيوزيلندا، بدرجات ثقة متقاربة، وجاءت سنغافورة مباشرة بعد قائمة هذه الدول بمؤشر 9.3، بينما احتلت العراق وميانمار والصومال ذيل القائمة.




التعليقات