حامي الثورة والوحدة ومساند خط الرئاسة
عبدالله بن حسين الأحمر... صمام الأمان في اليمن

وفاة رئيس مجلس النواب اليمني الشيخ عبد الله الأحمر والتشييع الإثنين

اليمنيون يترقبون
الوضع الصحي لعبد الله الاحمر

خيرالله خيرالله- إيلاف: لم يكن الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر الذي غيبه الموت، يوم السبت، مجرد رئيس لمجلس النواب اليمني. كان قبل ذلك كله أبرز زعيم قبلي في تاريخ اليمن الحديث، خصوصًا منذ ثورة أيلول/سبتمبر 1962 التي أطاحت النظام الأمامي. كان الشيخ عبدالله لاعبًا اساسيًا في اليمن على كل الصعد.أدى دورًا في حماية للثورة ودورًا في التغييرات التي حصلت بين 1962 و1978 تاريخ وصول الرئيس علي عبدالله صالح الى الرئاسة. كذلك شكل دورًا في حماية الوحدة في حرب صيف العام 1994 حين اعتقد كثيرون انه لن يقوم به مثل هذا الدور، وانه سيقف على الحياد بين الوحدويين والانفصاليين. وأدى دورًا، على الرغم منقبليته، في المحافظة على التجربة الديموقراطية في البلد وحماية التعددية السياسية بصفة كونه زعيم الحزب الاسلامي الاكبر في البلد، اي التجمع اليمني للاصلاح. لعب اللعبة السياسية على اصولها وصار رئيسًا لمجلس النواب على الرغم من انه ليس من الحزب الحاكم ولكن بصفة كونه شخصية وطنية فوق الاحزاب. ولعل هذه الصفة التي جعلت من الشيخ عبدالله شخصية استثنائية في اليمن الحديث، شخصية ذات وضع خاص مختلفة كليًا عن الشخصيات اليمنية الاخرى.

كان الشيخ عبدالله، على الرغم من مظهره الخارجي الذي يدل على البساطة والتواضع سياسيا محنكا. كان يظهر ذلك من خلال الاحاديث الصحافية التي يدلي بها والتي كانت لكل كلمة فيها وزنها. لم تكن هناك كلمة زائدة ولا كلمة ناقصة في عباراته وجمله. كان يعرف جيدًا ماذا يريد وما هي الرسالة التي يريد ايصالها الى طرف ما.

وبسبب حجم زعامته، يطرح غياب الشيخ عبدالله اسئلة عدة. في مقدم الاسئلة هل تبقى حاشد قبيلة متماسكة في ظل الشيخ صادق الاحمر النجل الاكبر للشيخ عبدالله؟ لا شك ان حاشد كانت القوة الاساسية للشيخ عبدالله ولا بد الآن من البحث في كيفية المحافظة على التماسك والا يحل بحاشد ما حل ببكيل التي تعتبر القبيلة الاكبر في اليمن ولكنها عانت من غياب زعامة قوية على راسها تؤمن لها التماسك. وتعود مشكلة خلافة الشيخ عبدالله على راس حاشد الى وجود عدد لا باس به من اولاده في وضع الطامح الى الخلافة. على راس هؤلاء الشيخ حميد الذي يمتلك ثروة كبيرة وهو من اذكى رجال الاعمال في اليمن ومن اشد منقدي الحزب الحاكم (المؤتمر الشعبي العام) وحتى الرئيس اليمني.

اما السؤال الآخر فهو كيف سيتجه التجمع اليمني للاصلاح؟ هل يتطرف في معارضته ام يحافظ على توازن ما؟ هذا الاتزان الذي فرضته الشخصية القوية للشيخ عبدالله الذي حرص دائمًا على ابقاء جسر مفتوح مع الرئيس علي عبدالله صالح. ان الاتجاه الذي سيسير فيه الاصلاح في غياب الشيخ عبدالله مهم جدًا، نظرًا الى ان الحزب الذي يسيطر الاخوان المسلمون على قواعده، كان مضطرا عند مفاصل معينة الى مسايرة رئيس مجلس النواب اليمني الذي وفر له غطاء قبليًا كان دائم الحاجة اليه. السؤال الكبير الآن، هل يشعر الاخوان بحرية اكبر في ممارسة لعبة المعارضة والذهاب بعيدًا فيها ام يحافظون على الاعتدال الذي مارسه عبدالله بن حسين الاحمر؟ لا شك ان امورا كثيرة ستعتمد على من سيخلف الشيخ عبدالله في زعامة التجمع اليمني للاصلاح. الاكيد ان الخليفة لن يكون نجله الشيخ صادق الذي تربطه علاقة قوية بالرئيس اليمني. وكان ملفتًا ان صادق جاء الى لندن برفقة علي عبدالله صالح عندما عاد الاخير الشيخ عبدالله في المستشفى الذي يعالج فيه. وكان ان الشيخ صادق غادر لندن برفقة الرئيس اليمني الذي امضى بضعة ايام في اوروبا قبل عودته الى اليمن.

خسر اليمن مع غياب شخص الشيخ عبدالله شخصية تاريخية، شكلت في احيان كثيرة صمام امان للبلد الذي يواجه في هذه المرحلة تعقيدات كثيرة عائدة الى حد كبير الى ما تشهده المنطقة من تطورات وتجاذبات... لا يستطيع ان يبقى في منأى عنها. وفي احيان كثيرة، أدى الشيخ عبدالله بفضل علاقاته العربية، خصوصًا مع السعودية، دورًا في ترطيب الاجواء بين اليمن ومحيطه. وقد حافظ على هذه العلاقات الى حد كبير على الرغم من الاشكالات الكثيرة التي مرت فيها... منذ كان على زعيم حاشد الوقوف مع الجمهورية في مواجهة الملكيين في منتصف الستينات من القرن الماضي وحتى بداية السبعينات منه حين قوي عود الجمهورية الفتية في اليمن.

في مذكراته التي نشرها حديثًا، روى الشيخ عبدالله تاريخ حياته والمواجهة التي قامت بين عائلته والامامة والظروف التي مر بها اليمن في مراحل عدة. صفى حساباته مع كثيرين. ظلم احيانًا وانصف في احيان اخرى. على سبيل المثال وليس الحصر، ظلم الرئيس الجنوبي السابق علي ناصر محمد وآخرين من دون مبرر. قال عبدالله بن حسين الاحمر ما اراد قوله. التاريخ وحده سيظهر هل كان على حق ام لا. الاكيد انه لم يكن شخصية عادية وان صفحة من تاريخ اليمن طويت مع غيابه...