د. صلاح نيّوف - خاص بإيلاف:

يبدأ الحزب الاشتراكي الفرنسي موسما سياسيا جديدا تحت عبء الهزيمة في الانتخابات الرئاسية ومعها 100 يوم من الحضور الكلي للرئيس ساركوزي في الإعلام و ـ كأن الاشتراكيين الفرنسيين مخلوقات عاشت قبل العصر الديناصوري ـ. ففيلة الحزب تترنح تحت شائعات انقسامه تارة و حالة من القرف التي أصابت الجميع تارة أخرى حيث ان لوران فابوس في إجازته التي يبدو أنها لن تنتهي، كما ان جان لوك ميلينشون يعاني حالة من الاشمئزاز، و دومنيك ستروس كان يتابع زيارته في العالم لدعم ترشحه لمنصب رئيس صندوق النقد الدولي. فالثلاثة تغيبوا عن quot; الجامعة الصيفيةquot; وهي من تقاليد الحزب السنوية التي تقام في مدينةquot;لاروشيلquot; الفرنسية من 31 آب حتى 2 أيلول. أما النائب الاشتراكي نييفر غاتان غورس فيرى في هذه الجامعة الصيفية أنها :quot; ليست إلا سخرة للآخرين ومهزلة. لقاء باهظ الثمنquot;.

وتقيم صحيفة quot; لو موندquot; أعراض هذا التوعك الاشتراكي و تقول الكل يريد الاختفاء و التستر خلف القيادة الجماعية للحزب. و يؤكد البرلماني الفرنسي كلود بارتولون متحدثا عن الاشتراكيين : quot; إنهم غير قادرين على إيجاد لهجة في مواجهة ساركوزي لأنهم غير متفقين على رأي واحد، باستثناء الحديث عن تجديد الأجيال في الحزبquot;.

من جهة اخرى ، ينظم أنصار لوران فابوس عودة السياسة الخاصة بهم في ما أطلقوا عليه quot; اليوم الوطني للتغيير و الحوارquot; في 29 أيلول القادم ضمن حرم كلية العلوم السياسية في باريس. أما سيغولين رويال فستشرح موقفها قبل الاجتماع الصيفي في quot; لاروشيلquot; و أثناء احتفال اليوم في منطقتها quot; Deux ndash; Segrave;vresquot;، قالت في دعوة أرسلتها على صفحات الانترنت quot; ننصحكم بأن تحملوا معكم كل ما هو ضروري للنزهة و الاصطياف، وتتمتعوا بالبوفيه الذي سيكون مفتوحا في المكانquot;.

اما بالنسبة إلى الاشتراكي أرنود مونتيبورغ وكما في كل عام سيلقي خطابا من quot; Frangy- en- Bressequot;، لكن هذه المرة لن يستقبل شخصيات كبيرة من الحزب، بل سيدعو المنتخبين من quot; الجيل الجديدquot; في الحزب مثل quot; أوريلي فيلبيتيquot; ، quot; غاتان غورسquot;، quot; مانويل فالسquot; ، quot; ساندرين مازيتييهquot; أو حتى quot; فيليب مارتانquot;.

الحزب الاشتراكي في مقدمة المعارضة الفرنسية، لا يستطيع حتى الآن الوصول لرأي واحد و موقف واحد. رغم مجموعة كبيرة من البرلمانيين الاشتراكيين في quot; المجلس الوطنيquot; فإن قانون quot; الحزمة الضريبيةquot; مر من غير أي عائق.

اما صحيفة quot; ليبراسيونquot; اليومية الفرنسية فتتساءل عن مستقبل الحزب الاشتراكي تحت عنوان quot;سيغولين رويال، فرنسوا هولاند، نهاية الحزب ؟quot;. حيث تقول الصحيفة في افتتاحيتها :quot; مع العودة السياسية، رأسان أكبر من الحزب، هولاند و رويال. و في غياب quot; دومنيك ستراوسquot; في جولته الكونية فإن quot; لوران فابوسquot; الذي يحاول أن يكون رأسا آخر في الحزب، و quot; بيرتراند دولانوquot; ، هما المرشحان لشغل مقدمة المسرح في الحزب الاشتراكيquot;.

و يرى المحللون الفرنسيون من مختلف الأوساط في فرنسا أن الكتب الكثيرة التي ظهرت وتحدثت عن رويال و هولاند لا تشكل أمرا غير طبيعي. و يؤكد ذلك برلماني فرنسي :quot; منذ 21 نيسان 2002 إلى 6 أيار 2007 هناك مجموعة من الأحداث المتتالية و المتعاقبة داخل الحزب، إنه منطقي مع السكرتير الأول للاشتراكيين الفرنسيين ومنذ خمس سنوات و معه مرشحة الحزب للرئاسة الفرنسية، أن نصل إلى هذه الهزيمة، وأن يكونا موضعا للنقدquot;.

ولكن النائب الاشتراكي غاتان غورس يرى :quot; أن الانتقادات كانت بدوافع تصفية الحسابات أو دوافع شخصية، إننا ضمن عقلية الثأر. لكن لا يكفي أن نجد ضحايا تكفر عن خطايانا من أجل أن يكون كل شيء في مكانهquot;. وتتابع افتتاحية quot;ليبراسيونquot; :quot; في ما يتعلق بأزمة القيادات الاشتراكية، و التي تفاقمت بعد الهزيمة، فإنه كما يظهر لم تخلق حتى الآن الظروف لتفكير إيديولوجي واضح. و أن رئيس الحزب و المرشحة السابقة يشكلان quot;أهدافا مريحة وسهلةquot; أكثر من السابق بالنسبة إلى الحزب الاشتراكي.

ووفق معاينة quot; جان لويس بيانكوquot; :quot; هولاند ورويال يستمران في احتكار الحوار. الأول يقدم عودته السياسية من أجل أن يتخطى الثانية، و الثانية أيضا تقدم عودتها السياسية لتتخطى quot; الجامعة الصيفية في لاروشيلquot; حيث المؤتمر الاشتراكي، وتريد أن تفرغه من محتواه. النتيجة : العودة السياسية هذا الموسم تقلصت إلى لاشيءquot;.

و في صحيفة quot; لو فيغاروquot; حيث الحديث عن تجديد اليسار، تركز الصحيفة على سيغولين رويال و شخصية أخرى من الجيل الجديد في الحزب الاشتراكي هو quot; مونتبورغquot;. وبالنسبة إلى سيغولين رويال، فقد وعدت اليوم بالعودة إلى الرئاسيات و العمل لوضع خطة لمستقبل اليسار الفرنسي.

وبالنسبة إلى معظم المؤيدين لسيغولين رويال ودائما وفق ـ لو فيغاروـ، الرهان الحالي سيكون الاستعداد و تعميق الإدراك بأهمية الترشح للرئاسة و أن يكون الترشح مفتوحا للجميعquot;. ومن هنا يرى المدير السابق للحملة الانتخابية لسيغولين رويال جان لويس بيانكو أن يكون الترشح quot; نظاما عادلاquot;.أما أنصار رويال يلحون أيضا على الطرق المتبعة :quot; الديمقراطية التشاركيةquot;.

لكن محافظ إقليم quot; Ris ndash;Orangisquot; يرى أن :quot; ثلاثة أشهر من الحملة الانتخابية لم تسمح بولادة جسم واضح للتيار السياسي الجديد في الحزب الاشتراكيquot;. quot; العمل كان متخلفا ومتأخرا، ويتطلب تقديم الثورة داخل الحزب على كل شيءquot; كما يقول البرلماني الاشتراكي وكما أوردته الصحيفة الفرنسية.

ونذكر هنا بما قاله يوم أمس في صحيفة quot; ليبراسيونquot; البرلماني الاشتراكي quot; فيليب مارتانquot; حيث كان في غاية التشاؤم:quot;إقناع الفرنسيين بفائدة وأهمية الاقتراحات الاشتراكية، ثم إرجاع الثقة لهم بما نقوم به يحتاج إلى عمل كبير ومتواصلquot;.

و بشكل غير مفاجئ أكد اليوم رئيس الوزراء الاسبق الاشتراكي ميشيل روكار ان :quot; الحزب الاشتراكي ليس في حالة تسمح له بالحكم، لأنه نسي مرجعيته القديمةquot;. و يتابع كما أوردت صحيفة quot; لو باريسيانquot;، quot;شعوري الخاص أن الحزب الاشتراكي الفرنسي ليس لديه القدرة على الحكم، بعكس معظم الأحزاب الاشتراكية في أوروبا، ليس لأننا لا نملك أفكارا جديدة بل لأننا نسينا مراجعنا القديمة التي لم تدخل حيز التطبيقquot;.

و بعد ذلك يحلل ميشيل روكار وضع الحزب الاشتراكي الفرنسي ويقول:quot; هذا الحزب ولد في عام 1952 في غموض لم يستطع توضيحه أبدا، لا يعرف وحتى اليوم إذا كان عليه القبول باقتصاد السوق أو عليه أن يحطم كل شيء، و النتيجة: نحن آخر حزب اشتراكي أوروبي لم يستطع تحديد أو اختيار ما يريدquot;. واضاف quot; لقد فقدنا آخر ثلاثة استحقاقات رئاسية لأننا لا نعرف ماذا نقول، إنني أناضل مع الأمل في أن ولادة مستوى جديد للمشروع، ستكون بالتوافق بيننا، بعيدا عن تصفية الحساباتquot; .

أخيرا وفي حوار نشرته صحيفة محلية تصدر في إقليم quot; جيروندquot; وهي quot; سود ويستquot;، قالت سيغولين رويال:quot; إذا أردنا ألا نتحدث بشكل كاريكاتوري، علي أن اعترف لنيكولا ساركوزي بقدرته على التحرك. هذه هي طريقة عمله وهذا ليس سلبيا. لدينا شخص يظهر على الأقل في الشكل إرادته في التحركquot;. و تعيد التأكيد مرشحة الحزب الاشتراكي المهزومة أمام ساركوزي في الانتخابات الأخيرة :quot; أنا لست بمنافسة مع أحد داخل الحزب الاشتراكي، والتي دعته للعمل جماعيا من أجل التجديد بعد الإخفاق الأخيرquot;.