ترجمة صلاح نيّوف : وصول الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى رئاسة الجمهورية فتح فضاءً لحوار منتظر و مرحب به حول السياسة الخارجية لفرنسا. هذا الحوار وصل أو تم وضعه حتى الآن وبشكل غامض وملبد ضمن دوائر من التكرار. أغلبية كما المعارضة، يسار كما اليمين عاشوا ضمن تقديس وتبجيل الطقوس المتوارثة عن ( الديغولية / شارل ديغول ـ الميترانية/ فرنسوا ميتران ـ الشيراكية/جاك شيراك )، بالأحرى تجميع مضامين تلك السياسات بشكل ضبابي ومختلط.
خطابات الرئيس ساركوزي ووزير خارجيته،برنار كوشنير، في مؤتمر السفراء، ثم التقرير حول فرنسا و العولمة، الذي قدمه إلى الإليزيه وزير الخارجية الأسبق في عهد ( شيراك ورئيس وزرائه الاشتراكي جوسبان)quot; هوبيرت فيدرينquot;، كل هذا يطرح بدايات لهذا النقاش.
النطاق المحدود و الضيق لهذا العرض لا يسمح بمعالجة الجوانب المختلفة للنقاش المرغوب فيه من قبل العديدين وهو وضع لفظ أو كلمة quot; التحديثquot; للسياسة الخارجية الفرنسية كنقيض للدفاع عن quot; ثوابتquot; الجمهورية الخامسة. هذه الثوابت تستطيع من جهة أخرى أن تتلخص في اقتراح واحد : على فرنسا أن يكون لديها سياستها الخاصة و التي لن تذوب في سياسة خارجية أوربية مشتركة ولا بالأحرى في سياسة أطلنطية atlantisme مرادفة لسياسة الإقطاع vassalisation تقودها الولايات المتحدة.
سوف نقتصر على ثلاثة نقاط مهمة للحوار بين quot; الحداثيينquot; و quot; التقليديينquot;. النقطتان الأوليتان هما من طبيعة عامة. يقصد بذلك، وفي البداية، هدف السياسة الخارجية : ضمان الأمن الوطني أو الارتقاء بقيم فرنسا ؟ السؤال لا يطرح بكل تأكيد ونهائيا بهذا الشكل المفرط في التبسيط. المحافظون الجدد الأمريكيون، والذين يحتفظون ببعض المؤيدين رغم هزيمتهم أو فشله الإيديولوجي، يدّعون بأنه لا يقصد ببدائل أو خيارات في سياستهم،فإعلاء ونشر الديمقراطية عبر العالم هو الضمان الأفضل للأمن بالنسبة للبلدان الليبرالية القديمة في العالم الغربي.
النقطة الثانية، هي ناتجة عن الأولى: الدول ـ الأمم ( القوميات) هل ستبقى الفاعلة الأساسية في العلاقات الدولية أو ضعفها سيكون من خلال ازدياد المتدخلين أو الفاعلين غير quot; الدولاتيينquot; و الصعود بقوة لمنظمات دولية تؤدي لهجر أو إهمال مفهوم السيادة الوطنية ؟ في هذه الحالة، التعددية القطبية، والتي نريدها بشكل حقيقي quot; فعالة ومؤثرةquot;، و حق التدخل، من الآن فصاعدا هو معترف به من قبل الأمم المتحدة تحت اسم quot; حق الحمايةquot;، ستمتد لتحل محل النظام quot; الوستافاليquot; westphalien لتنظيم العالم، والمؤسس على سيادة الدول وتقديس الحدود.
قرار يمكن أخذه على المدى القصير يساهم في توضيح السؤالين السابقين. قرار يتعلق بالعلاقات بين فرنسا وحلق شمال الأطلسي، بمعنى آخر بين فرنسا و الولايات المتحدة. السيد ساركوزي يرغب في quot;تجديد الحلف، أي بعلاقته مع فرنساquot;. محاولات تم القيام بها في الماضي. أكثرها قربا تعود إلى عشرة سنوات، عندما فكر الرئيس السابق جاك شيراك بالعودة إلى بنية عسكرية كاملة واندماجية للحلف الأطلسي والتي تخلى عنها الجنرال شارل ديغول في عام 1966. فشل شيراك لأن الأمريكيين لم يكونوا جاهزين للالتزامات أو التنازلات الضرورية ولأن شركاءنا الأوربيين يساندوننا بفتور.

رئيس الجمهورية الفرنسية يظهر أنه يعتمد على quot; غوردن براونquot; و quot; أنجيلا ميركلquot; من أجل إقامة قطب حقيقي مشترك للدفاع و الذي سيصبح القطب الأوربي في حلف الأطلسي إلى جانب القطب الشمال ـ أميركي. هذا التوازن هل سيسمح بفتح، وعلى قدم المساواة، نقاش حول الغاية الإستراتيجية quot;للحلف الأطلسيquot; على مساحة فضائه التدخلي. مع جورج وولكر بوش أو مع وريثه ؟
دانييل فيرنيت
عن quot; لو موند quot; الفرنسية