أضواء وأشجار ملونة وزحمة سياح وسير وتبضّع للأعياد
لبنان يتزيّن للميلاد... وليلة رأس السنة الغالية!

إيلي الحاج من بيروت: إزدان وسط بيروت وأجزاء واسعة من العاصمة اللبنانية ومحيطها، لا سيما المناطق ذات الغالبية المسيحية بزينة عيدي الميلاد ورأس السنة بأشجار تتوهج بمختلف الألوان الزاهية، وأضواء كهربائية تطفئ وتضيء، وألحان تراتيل وأغنيات ميلادية تطلقها مكبرات الصوت على مدار الساعة، ونشاطات متنوعة للأطفال خصوصًا، تنظمها البلديات والهيئات الخيرية والإنمائية وجمعيات التجار.

وتطلق جمعية للتنمية في العاصمة بالتعاون مع شركة quot; سوليدير quot; نشاطًا لافتًا يتمثل في أمسيات موسيقية في سبع كنائس تقع في وسط بيروت ، يشارك فيها 600 موسيقي ومرتّل يقدمون 18 أمسية مرتلة خلال 9 أيام، وذلك quot;من أجل إلباس عيد الميلاد هذه السنة في وسط بيروت حلة الروحانية والثقافة والعظمةquot; وفق ما جاء في الدعوات. ويشارك في هذه الأمسيات عدد من الموسيقيين والمرنّمين المسلمين يقدمون سماعًا ميلاديًا صوفيًا مشرقيًا، بالإرتكاز على نصوص روحية ميلادية من المسيحية والإسلام وفق التقليد الموسيقي التأويلي المشرقي العربي.

وحركة الأسواق تشهد إقبالاً قل نظيره سابقاً في العاصمة ومختلف المناطق، ويحمل على الشك في صحة ما يشاع عن أزمة إقتصادية مزمنة تعيشها البلاد. وما يعلل ظاهرة إندفاع الناس إلى شراء الثياب والهدايا ومستلزمات عيدي الميلاد ورأس السنة الجديدة إن لبنان يشهد منذ أيار /مايو الماضي هدوءًا أمنيًا لافتًا وحتى إستقرارًا سياسيًا إلى حد بعيد لا تعطله مواقف نافرة هي أقرب إلى الصراخ الإنتخابي مع دخول مرحلة الإنتخابات النيابية التي ستجري في أيار/ مايو والتي تجذب أخبارها اللبنانيين تقليديًا.

إلا أن الأمن المريح والإستقرار السياسي النسبي ليسا وحدهما السبب الكافي لملء الأسواق بالمتبضعين، بعدما كانت شهدت احتشاداً مماثلا في عيد الأضحى، بل يعود الأمر إلى إنتعاش سياحي لم يعرفه لبنان منذ 2004 يبرز في الشوارع الممتلئة بالسيارات المستأجرة ذات اللوحات الخضراء وفي الفنادق والمطاعم والملاهي بامتلائها كلها على غير عادة بالرواد ومعظمهم من غير المقيمين في لبنان إذا كانوا لبنانيين ، إلى جانب النسبة الكبيرة من العرب والغربيين.

وتقدر وزارة السياحة عدد الزوار الآتين إلى البلاد من الخارج بنحو 1.3 مليون عن مجمل عام 2008، وهو العدد نفسه الذي سجل في 2004. وتعلن شركة quot;طيران الشرق الأوسطquot; ( quot;الميدل إيستquot;) اللبنانية ان الشركة سجلت ارتفاعًا بنسبة 25 في المئة في عدد الركاب الآتين إلى لبنان في 2008 مقارنة بالسنة 2004، وإن رحلاتها كلها محجوزة خلال فترة الأعياد (الأضحى والميلاد ورأس السنة) محجوزة كلها.

وبلغ الإزدحام درجة أن كثيرين لم يتمكنوا من المجيء بسبب عدم وجود غرف شاغرة في الفنادق التي بلغت نسبة الحجوزات فيها خلال الأعياد مئة في المئة . ويقر أصحاب هذه الفنادق وكذلك أصحاب النوادي الليلية والمطاعم والمحال التجارية الكبرى وشركات تأجير السيارات ان العمل هذه السنة quot;جيد جدًاquot;.

ويسجل تهافت خصوصًا على الحجز للسهر ليلة رأس السنة، وأخذت إدارات الفنادق والمنتجعات الكبيرة منذ أيام تعتذر من الراغبين في حجز أمكنة لهم، لأن الحجوزات أصبحت كاملة. ورغم ذلك يفضل بعضهم وضع أسمائهم في لائحة الإنتظار على أمل أن تلغى بعض الحجوزات. وتراوح كلفة سهرة راس السنة في أقل مطعم بين 100 و200 دولار ، وفي بعض المطاعم والفنادق الفخمة تصل إلى أكثر من 600 دولار ، حسب المطرب أو المطربة أو الفرقة التي ستحيي السهرة .

ووافقت وزارتا السياحة والصحة على 360 مشروعًا لإنشاء مطاعم جديدة باستثمارات ضخمة خلال 2008، في حين ارتفعت نسبة التراخيص المعطاة لشركات تأجير السيارات بنسبة خمسين في المئة مقارنة بالسنة 2004. ولكن تظل المشكلة في لبنان أن القطاع السياحي الذي يدر دخلاً وفيرًا على البلاد هو قطاع حساس جدصا، وأي حادث أمني يمكن أن يقضي على الموسم بكامله خلال يوم واحد، كما حدث في 12 تموز/ يوليو 2006 عندما اندلعت الحرب فجأة بين quot;حزب اللهquot; وإسرائيل فوجد مئات آلاف السياح أنفسهم فجأة محاصرين وهرعت دولهم غلى سحبهم بشتى الوسائل بحراً وبراً. ولكن لا شيء يوحي حالياً أن هذه التجربة يمكن أن تتكرر، أقله في المدى المنظور.