الوضع الآني المتأزم في غزة انعكس على توقعات المشاركين
إستفتاء quot; إيلاف quot;: غالبية ترى حروباً وأصوليات في 2009

إيلي الحاج من بيروت: مالت غالبية المشاركين في استفتاء quot; إيلاف quot; الأسبوعي إلى التشاؤم حيال ما يمكن أن تحمله السنة الجديدة 2009 للمنطقة العربية، فرأى 46 في المئة منهم أي 1505 مشاركين من أصل 3274 أن حروباً جديدة ستندلع، وتوقع 27 في المئة أي 877 مشاركاً صعوداً للقوى الأصولية، بينما توقعت النسبة نفسها 27 في المئة، أي 892 مشاركاً أن تحمل السنة الجديدة على النقيض تطورات إيجابية.

والأرجح أن غالبية المشاركين في الإستفتاء حددت خياراتها إنطلاقاً من الوضع الضاغط والمتأزم في قطاع غزة حيث يجتمع عاملا الحرب الجديدة وصعود الأصولية الإسلامية، في مواجهة أصولية دولة إسرائيل حيث يتحفز بنيامين نتنياهو وفريقه الليكودي لتسلم السلطة السنة المقبلة، من غير إهمال للتهديد الدائم بحرب تكون محورها إيران بذريعة السلاح النووي الممنوع أن تمتلكه ، سواء أكان الطرف الآخر في هذه الحرب إسرائيل أم تحالفاً دولياً غربياً تقوده الولايات المتحدة. وإن كانت إحتمالات حرب على إيران تبدو ضئيلة في هذه المرحلة مقارنة بالوضع الشديد التفجر السائد في قطاع غزة، والذي يمكن أن تطال شظاياه وتأثيراته دائرة الدول المحيطة بإسرائيل من مصر إلى لبنان .

هكذا وبعيداً من التكهنات يمكن الجزم أن تعويم quot;إتفاق التهدئةquot; بين اسرائيل وquot;حماسquot; وتلافي المواجهة التي تبدو حتمية أصبحا من الأمور الصعبة جداً، إلى درجة أن المواجهة باتت quot;مسألة وقتquot; ليس إلا. الوقت الذي يحتاج إليه الجيش الإسرائيلي لإخراج خططه من الأدراج من أجل وضعها موضع التنفيذ واعداد ما يلزمه من جهوزية عسكرية وتغطية دولية وحملة اعلامية مسبقة ولاحقة.

والواضح أن إسرائيل تلوّح في هذا الوقت بورقة القوة العسكرية لدفعquot; حماسquot; الى التنازل وقبول تجديد مفعول quot;إتفاق التهدئةquot; من غير شروط، في حين تلوّح quot;حماسquot; تلوح باستعدادها للمواجهة أيا يكن الثمن لتحسين شروطها ودفع اسرائيل الى الموافقة على قواعد جديدة للتهدئة ،أولها فتح المعابر ورفع الحصار. وربما لدفع مصر عندما تستشعر خطورة الوضع الى تحرك جديد لتعويم التهدئة وممارسة ضغوط على اسرائيل.

وفي التفاصيل العملانية تهدد اسرائيل، في إطار سياسة quot;حافة الهاويةquot;، بالعودة الى أسلوب اغتيال قادة quot;حماسquot;، وبشن عملية عسكرية متدرجة تبدأ ضد حركةquot; الجهاد الاسلاميquot; التي كانت السباقة الى إسقاط الهدنة واطلاق الصواريخ، وتأخذ في البداية شكل تصعيد مضبوط ومدروس يبقي الوضع تحت السيطرة والخسائر في الحد المعقول. في حين تهدد quot;حماسquot; بالرد على أي توغل اسرائيلي باللجوء الى سلاحين في يدها: العمليات الانتحارية في العمق الاسرائيلي، واطلاق صواريخ جديدة أبعد مدى وأشد تأثيراً وفاعلية.

وكل المؤشرات تؤكد أن خروج الوضع عن السيطرة أصبح ممكنا جداً، لا بل أصبح خاضعا للتطورات الميدانية.
وتعتبر إسرائيل أن دخولها آلية تصعيد ومواجهة بهدف ضرب quot;حماسquot; يفيدها ، خصوصا أن الوضع السياسي في اسرائيل مفتوح على مزايدات انتخابية لكسب الرأي العام تغيب فيها دعوات الاعتدال والتهدئة، ويصعب معها على أي زعيم أو مسؤول عدم مجاراة الدعوات الى التصعيد والحرب في ظل عدم مقدرة الجيش والحكومة على تبرير عدم التحرك عسكريا أمام أهالي المستوطنات المحيطة بقطاع غزة، فضلا عن ان عدم التحرك سيؤدي الى المس بقوة الردع الاسرائيلية ويؤدي إلى تآكلها. ثم إن المرحلة الانتقالية الفاصلة في الولايات المتحدة عن تسلم الرئيس المنتخب باراك أوباما سلطاته الدستورية يغيب خلالها القرار الاميركي وتقل قدرة واشنطن على التدخل والضغط، ما يتيح لإسرائيل فرصة فرض أمر واقع ميداني قبل وصول أوباما الى البيت الأبيض، فتتفادى هكذا إحراجه أول عهده وتتصرف في ظل وجود الرئيس جورج بوش quot;المتفهمquot; في البيت الأبيض.

ويشجع إسرائيل موقف دولي أوسع quot; متفهمquot;هو أيضاً لأي ضربة توجهها إلى quot;حماسquot;،وذلك وفق ما عكسته بوضوح تصريحات موفد quot;اللجنة الرباعيةquot; الدولية توني بلير الذي قال صراحة ان حل مشكلة قطاع غزة يتوقف على اضعافquot; حماسquot; جذريا، وان استراتيجية الحصار التي اتبعتها إسرائيل ضد quot;حماسquot; قد أخفقت ، وان اسرائيل تقف أمام احتمالات صعبة، لكن الوضع القائم حاليا أكثر صعوبة وأن لا أساس على الإطلاق لأي حوار أو مسعى إلى تفاهم بين حركة quot;حماسquot; والمجتمع الدولي.

كذلك يشجع إسرائيل على إطلاق حربها ضد معقل quot;حماسquot; موقف عربي لا مبال بما سيحلّ بهذه الحركة المتروكة لمصيرها، والتي تدفع ثمن سياستها وأخطائها بدءا من quot;الحسم العسكريquot; الذي أقدمت عليه في قطاع غزة مسقطة quot;اتفاق مكةquot;، مرورا بتحالفها مع إيران وquot;حزب اللهquot;، وصولا الى افشال جهود المصالحة والحوار التي سعت اليها مصر لترتيب البيت الفلسطيني الداخلي. وكل ذلك من أجل ربط الوضع الفلسطيني بأزمات ومحاور إقليمية على قاعدة التحالف مع إيران، وبصراعات عربية ndash; عربية من خلال التحالف مع النظام السوري.

وقد برز الموقف واضحاً من quot;حماسquot; الموقف العربي في آخر اجتماع لوزراء خارجية العرب، إذ قرر دعم الرئاسة الفلسطينية مكرراً بذلك إعلان الاعتراف بشرعية الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد ٩ كانون الثاني/ يناير المقبل. الموعد الذي تحدده quot;حماسquot; لإعلان عدم الإعتراف بعده بشرعية quot;أبو مازنquot; وسلطته الدستورية.

وبديهي أن موقف وزراء الخارجية العرب يشكل فضلاً عن إنحيازه الى حركة quot;فتحquot; رفعاً للغطاء عن quot;حماسquot; وأي خطوة يمكن أن تلجأ اليها في المرحلة المقبلة.

وبالتالي يشجع إسرائيل على توجيه ضربتها الانقسام الفلسطيني الذي وصل الى الذروة والمرشح لمزيد من التصعيد بعد التاسع من الشهر المقبل مع إنتهاء ولاية الرئيس عباس الذي سيدعو الى انتخابات رئاسية واشتراعية في نيسان/ أبريل ترفضها quot;حماسquot; من اليوم وتطلق حملة للتشكيك بشرعية رئاسة عباس. وبعد انهيار مشروع الحوار الفلسطيني برعاية مصرية ثبت ان الهوة اتسعت كثيرا بين quot;حماسquot; وquot;فتحquot;، وان ما كان ممكنا في الماضي سيكون صعبا في الأيام الأولى من السنة الجديدة.

وقد يكون ثمة عامل وحيد يحمل إسرائيل على التروي قبل إطلاق رصاصة الحرب هو خشيتها الكلفة البشرية الكبيرة، فضلاً عن خشيتها بروز موقف دولي شديد القوة يستند إلى العوامل الإنسانية ويحملها على وقف حربها في منتصفها مما يحول دون إتمام أهدافها ويتيح لـ quot;حماسquot; في النتيجة التغني بـquot;إنتصار إلهيquot; على غرار شبيهها في لبنان quot;حزب اللهquot;.