عماد مغنية رجل بعدة وجوه... وصور... وإنتماءات
خطيب في عرس عائلي.. تحول بذكائه الى قائد كبير (1/2)
زيد بنيامين: إن كنت تريد لقاء (عماد مغنية) في بيروت، فالخطوة الأولى هي ألا تذكر اسمه بتاتًا في الضاحية الجنوبية حيث كان يعيش، بل يجب أن تقول (اريد لقاء الاخ الكبير) أو (اريد لقاء الثعلب)... ربما تكون قد نجحت في إيصال المعنى لمقابلة من كان يعرف بأنه (بن لادن الثمانينات) في الغرب. بدأت رحلة اصطياده في منتصف الثمانينات بمشاركة اعتى قوى المخابرات في العالم بسبب دوره في عدد من التفجيرات وعمليات الاختطاف التي شهدتها منطقة الشرق الاوسط، والتي اختار لها اسماء مختلفة، وشخصيات مختلفة ووجوهًا مختلفة. كان عماد مغنية لا يتوانى بالظهور مرتديًا أبرز ما تقدمه الموضة الغربية او مرتديًا زي رجل اعمال غربي مرموق، ولكنه لم يسبق له الظهور بملابسه العسكرية التي عرف بها مقاتلاً من المرتزقة على صعيد الشرق الاوسط، إلا بعد موته. يقول محمد ياسين: quot;المسألة لم تكن عملية تجميل فقط، كان عليه أن يضع اقنعة على وجهه، وان يضع شوارب ويغير شعر رأسه أيضًاquot; ...
محمد ياسين هو احد القادة الفلسطينيين الذين رافقوا عماد مغنية خلال عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي. يقول ياسين إنه كان يلتقي بمغنية بصورة دورية وإن إختلفت الأوجه... ولكنه إختفى كليًا مع نهاية عقد التسعينات من القرن الماضي quot;لقد اختفى وقتها نهائيًاquot;. انتهت حياة مغنية ليلة الثلاثاء الماضية... حينما استهدفه احدهم وهو في خلف سيارة المتسوبيشي باجيرو السوداء في احدى ضواحي العاصمة السورية دمشق، الرجل قتل بعد انفجار استهدفه وطار جسده الى مدخل مجمع من الأبنية في منطقة (كفر سوسة) الامر الذي اسفر عن تغطية الشارع كله بزجاج المنازل التي تأثرت بالإنفجار.
كان تلفزيون المنار يذيع وقتها سيرة مغنية بالقول quot;الاخ القائد الحاج عماد مغنية اصبح شهيدًا على يد الصهيونية الإسرائيليةquot; بينما اختار مصدر اسرائيلي نفي أي تورط اسرائيلي في العملية، بالقول: quot;قال مكتب رئيس الوزراء ايهود اولمرت انه لا شيء لديه حول هذه القضيةquot; وتبقى الحقيقة الواضحة انه لن يعرف من قام بقتل مغنية أبدًا.
كان الـ quot;اف بي ايquot; قد وضع مغنية في قائمة المطلوبين الـ 25 على مستوى العالم بعد قيامه بخطف طائرة تي دبيلو اي 874 في عام 1985 حيث قدم المكتب مبلغ 5 ملايين دولار، لكن من يساهم في القبض عليه... ويعلق (يوسي الفر) وهو عميل الموساد الاسرائيلي السابق على القضية بالقول quot;هناك الكثير من وكالات المخابرات العالمية تريد ان تسقط هذا الرجل من بينها الوكالات الاميركيةquot;.
تعرف الولايات المتحدة الاميركية ان الارهاب في العالم لديه العديد من القواسم المشتركة كالدين، الطائفة، او الهدف، مغنية كان مختلفًا عن ذلك كله، فالولايات المتحدة تسميه ارهابي (مودرن) حقق العديد من العمليات التي شهدت عدد قياسي من الضحايا ابتداء من مشاركته في استهداف جنود البحرية الامريكية في عام 1983 في بيروت والتي راح ضحيتها 241 جنديًا اميركي، وكذلك اختطاف مدير السي اي ايه في بيروت ويليام بيكلي عام 1984.
مجلة النيوزويك الاميركية توقعت ان الاغتيال الاخير سيجلب عدم الاستقرار الى منطقة غير مستقرة اصلاً بغض النظر عن من تورط في عملية اغتيال مغنية، فحزب الله يريد الآن استهداف اسرائيل او مصالحها في الخارج، كما كانت الحال حينما قامت اسرائيل عبر طائرة هيلوكوبتر باستهداف (عباس الموسوي) الامين العام السابق لحزب الله في جنوب لبنان عام 1992 فرد حزب الله بإرسال شاحنة محملة بالمتفجرات الى السفارة الاسرائيلية في العاصمة الارجنتينية (بوينس ايرس) الامر الذي اسفر عن مقتل اكثر من 200 شخص حيث اتهمت الارجنتين مغنية رسميًا بالعملية واصدرت مذكرة اعتقال دولية بحقه (بعد ان تم تفجير المركز الثقافي اليهودي في بوينس ايرس)..
في تشييع مغنية اختار الامين العام المختبئ لحزب الله ان يعلن عبر خطاب بث بالفيديو انه (اذا ارادت الصهوينة حربًا مفتوحًا فلتكن حربًا مفتوحة في كل مكان)، وبعد ان جاء هذا الاعلان وضعت اسرائيل قواتها الجوية والبحرية في حالة تأهب وحذرت دبلوماسيها في الخارج وذلك وفق مصادر دبلوماسية التي وصفت مقتل مغنية بأنها (خطوة كبيرة).
في يوم اغتياله في العاصمة السورية دمشق.. كان مغنية قد قضى وقتًا طويلاً من حياته مع حزب الله.. حياته التي بدأها وسط عائلة فقيرة حيث كان والده مزارعًا للحمضيات في جنوب لبنان الشيعي ، كانت له شعبية منذ ان كان صغيرًا وخصوصًا بسبب قدراته الرياضية ويصفه (ابو خالد الشامل) احد اصدقائه المقربين بأنه كان quot;رياضيًا بالفطرةquot; .. ويضيف الرجل انه قد شاهد مغنية لاول مرة في السياسة حينما القى خطابًا، خلال زواج اقيم في عائلته، إذالقى العديد من النكات ومازح الكثيرين بثقة من الغريب ان تتواجد في من في سنه.
في منتصف السبعينات استرعى مغنية انتباه المسلحين الفلسطينيين حينما كانوا يخيمون بالقرب من احدى المدن الجنوبية حيث نجح هذا المراهق في ايجاد 100 شاب من سنة، وقام بتنظيمهم في وحدة عسكرية سماها (لواء الطلبة) والتي تحولت فيما بعد الى (القوة 17) الخاصة بحماية الرئيس الفلسطيني السابق (ياسر عرفات)..
في فترة قصيرة اصبح مغنية مفضلاً لدى عرفات ويقول الشامل في حديثه الى النيوزويك انه سمع في احدى المرات عرفات يثني على قدرة وذكاء مغنية وبعد اسبوع من ذلك التاريخ انضم مغنية الى طاقم حراسة ياسر عرفات الشخصي حيث كان عليه حماية الرئيس الفلسطيني اثناء انتقاله في ضواحي بيروت.
التعليقات