عثمان العمير

ظل الملك عبد الله بن عبد العزيز، يشكل مفاجأة مستمرة، ومذهلة، للرأي العام السعودي والخارجي. لم يتوقف عن صناعة المفاجآت، وحياكتها، ومن ثم تصديرها. معظم قرارات هذا الملك الجاد، جدية الصحراء، ومناخها، دخلت التاريخ دون استئذان، ودون وجل كونها تعلم علم اليقين، مقعدها في ردهاته.

لكن قراره الليلة، بفتح تحقيق شامل ومحاسبة كل مسؤول عن كارثة جدة، ثغر البحر الأحمر، ووجه السعوديين الباكر، يعد قراراً صعباً، ومفاجئاً، ومدهشاً، وغير عادي بكل المقاييس التي تعيشها دول العالم الثالث.

نعم اعتاد الغرب أن يفتح تحقيقاً، ويشكل لجاناً حيادية تتسم بمصداقية، فهاهو توني بلير سيذهب قريبا للتحقيق معه. غير أن الأمر في بلداننا، يعد ثورة بكل المقاييس. غضبة الحليم، الذي لم يعد يصبر، على الإهمال، والتخاذل، والتكاسل، والتلاعب بالمال العام، واهدار حياة quot;العمومquot;.

ليس من عاداتنا، وتقاليدنا، الإجابة على ذلك السؤال البسيط، المهم، لكل الناس .. quot; من أين لك هذا؟quot;.

ليس من العادات والتقاليد، أن يوقف موظف أمضى عشرات السنين يخطئ، ومن ثم يمارس الخطيئة. إنه فقط يذهب إلى بيته محملاً بالغنائم، والمكاسب، بينما بلاده، تئن بلا انقطاع في مشاكل لا حل لها، من فساد اداري، واختلاس مالي، وتعليم مهترئ، وقضاء مشلول، وإهمال لا حد له.

وحده عبد الله بن عبد العزيز، نطق كلمة حق، ونزل إلى الميدان، ليخرق ذلك التقليد البالي، وتلك العادات المهترئة، وتلك quot;الخصوصيةquot; التي ما أنزل الله بها من سلطان.

إن هذا القرار ليس شعبياً، بل هو إنقلاب في مفاهيم سائدة مرت، وتمر في عالمنا طويل القامة تخلفاً، واسع الأرجاء جهلاً.

ليس لنا إلا أن نقف إجلالاً لملك يقود بلاده، من قنطرة إلى أخرى، ومن معبر ضيق إلى أوسع منه.. ويجاهد على كل الجهات، قضاء، وتعليماً، واقتصاداً، وزراعة، وصحة، وعلاقات دولية، وحماية ذئبوية لحدود، تتفرس فيها أعين الطامعين.

أيها الفاسدون .. إلى اللقاء في المحاكم !