محللون لـ quot;إيلافquot;: التاريخ يعيد نفسه وهناك عزوف غير معلن للناخبين

قراءة في نتائج انتخابات المجالس البلدية بالمغرب

حزب مغربي حديث التأسيس يكتسح الانتخابات البلدية

أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: ما إن أعلن وزير الداخلية، شكيب بنموسى، عشية أمس السبت، عن نتائج انتخابات المجالس البلدية بالمغرب، حتى بدأت التفسيرات والتأويلات تتقافز إلى أذهان المحللين السياسيين، الذين لم يتفاجأوا باكتساح الحزب الحديث التأسيس quot;الأصالة والمعاصرةquot; هذا الاستحقاق، خاصة أنهم سبق أن توقعوا أن يحتل هذا المكون السياسي المركز الأول، في تصريحات سابقة لـ quot;إيلافquot;، وأن من أبرز المنافسين له حزب الاستقلال (المحافظ)، والتجمع الوطني للأحرار (يمين وسط).

وحصل الأصالة والمعاصرة (المعارضة)، الذي يقوده الشيخ بيد الله ويضم في صفوفه الوزير المنتدب السابق في الداخلية فؤاد عالي الهمة، على 4854 مقعدا متبوعا بحزب الاستقلال المشارك في الحكومة، الذي حصل على 4246 مقعدا، وحزب التجمع الوطني للأحرار المشارك أيضا في الحكومة وحصل على 3318 مقعدا، والحركة الشعبية (المعارضة)، الذي حصل على 1767 مقعدا، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المشارك في الحكومة وحصل على 2534 مقعدا. أما حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض المعتدل فجاء في المركز السادس بحصوله على 1135 مقعدا.

وقال تاج الدين الحسيني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، quot;التاريخ يعيد نفسه، إذ تعود المغرب، منذ حصوله على الاستقلال، على إشراف مؤسسات الإدارة على تسيير الشأن العام. وهذا ما سبق أن عشناه في عهد أحمد رضى اكديرة، الذي أسس (الفديك) شهرين قبل الانتخابات البرلمانية سنة 1963، ومع ذلك اكتسح الفضاء الانتخابي، وهو الأمر نفسه الذي تكرر مع أحمد عصمان فيما يخص التجمع الوطني للأحرار، الذي كان نتاج جماعة اللامنتمن، وأيضا مع المعطي بوعبيد في شأن الاتحاد الدستوري، وهو ما نعيشه حاليا مع الأصالة والمعاصرةquot;.

وأضاف تاج الدين الحسيني، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أنه اليوم في العهد الجديد quot;كان بحث عن مفهوم جديد للسلطة لم يخل من السعي إلى السيطرة على زمام الأمور بقوة من خلال تأسيس حزب على يد صديق الملك، ويتعلق الأمر بفؤاد عالي الهمةquot;.

وفي اعتقادي، يشرح المحلل السياسي المغربي، أن quot;اكتساح الأصالة والمعاصرة لمقاعد المنتخبين كان منتظرا من المراقبين السياسيين، وهذه الظاهرة عرفها المغرب منذ عقود، غبر أنها اعتمدت هذه المرة بطريقة جديدة، إذ أن الوزير المنتدب السابق في الداخلية لم يقد الحزب الجديد، بل عهد الأمانة العامة للشيخ بيد الله، واكتفى هو بمنصب النائبquot;.

واعتبر أن ما هذا المكون السياسي الحديث التأسيس في انتخابات المجالس البلدية سينعكس على المستوى التشريعي، إذ سيتمكن من جر أحزا أخرى للتحالف معه، كالتجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية، قبل أن يتحرك نحو إسقاط حكومة عباس الفاسي، مشيرا إلى إمكانية قيادة فؤاد عالي الهمة الحكومة المقبلة، quot;وقد يكون الوزير الأول المقبلquot;.

من جهته، أكد محمد الغماري، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني في الدارالبيضاء، أن quot;هذا الاكتساح كان متوقعا، وأشرت إليه في تصريحات سابقة، كما أنني توقعت أن يظل الاستقلال في دائرة المنافسةquot;.

وأبرز الغماري، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;الحديث عن تسجيل نسبة مشاركة بلغت، على الصعيد الوطني، 52.4 في المائة، رقم مبالغ فيه، إذ أن العزوف كان واضحا، وقد تكون النسبة أقل من تلك التي سجلت في الانتخابات التشريعية سنة 2007quot;. وذكر أن الأصالة والمعاصرة سيسعى إلى تقوية صفوف المعارضة بهدف إسقاط حكومة الوزير الأول عباس الفاسي، مشيرة إلى أن أغلب المؤشرات تصب في هذا الاتجاه.

أشهر الفائزين والخاسرين في الانتخابات

باستثناء وزير التشغيل والتكوين المهني، جمال أغماني، الذي قاد لائحة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في مقاطعة سلا تابريكت، تمكن الوزراء وأشهر الشخصيات السياسية بالمغرب في الفوز بمقاعد في استحقاق 12 يونيو (حزيران) الجاري. ولم يكن أغماني الاتحادي الوحيد الذي فشل في تحقيق الفوز بهذه الانتخابات، إذ أن حسن طارق، عضو المكتب السياسي بالحزب، واجه المصير نفسه في يعقوب المنصور بالرباط.

بينما نجح إدريس لشكر في بالرباط السويسي، أما الكاتب الأول للاتحاد ووزير العدل عبد الواحد الراضي ففاز بمقعد بدائرة انتخابية في بلدية القصيبية، بسيدي يحيى الغرب، التي يرأسها منذ 1976، كما ظفر فتح الله ولعلو، وزير الاقتصاد والمالية السابق، الذي ترشح وكيلا للائحة الاتحاد بمقاطعة الرباط أكدال، بمقعد في الدائرة التي نافس فيها.

أما بالنسبة للاستقلاليين، فقد نجح كل من وزير التجهيز ولنقل، كريم غلاب، في دائرة سباتة بالدار البيضاء، والأمر نفسه حققته وزيرة الصحية ياسمينة بادو في دائرة آنفا بالمدينة ذاتها، كما كان الفوز حليف عبد اللطيف معزوز، وزير التجارة الخارجية.

وحافظ حميد شباط، عمدة العاصمة العلمية فاس، على مقعده بالمدينة المذكورة، وهي النتيجة نفسها التي حققها عمدة الدار البيضاء السابق محمد ساجد، عن حزب الاتحاد الدستوري، كما تمكن عدد من القياديين السياسيين من الظفر بمقاعد في الدوائر التي ترشحوا فيها. وربط عدد من السياسيين عدم فوز أسماء معرفة في هذا الاستحقاق بـ quot;استعمال المال بطريقة غير مسبوقة في شراء ذمم الناخبين، إلى جانب اعتماد مرشحين العنف وغيرها من الوسائل غير الشريفةquot;.

وحملت لغة الأرقام المعلنة حول نسب المشاركة في انتخابات المجالس البلدية بالمغرب، التي وصلت على الصعيد الوطني إلى 52.4 في المائة، تناقضات اختلفت حولها تفسيرات المراقبين. ففيما سجلت نسب مرتفعة في المناطق الصحراوية للمملكة، تراوحت ما بين 65 و68 في المائة، ما فسره المراقبون بتشبث الناخبين بمغربيتهم وبصحرائهم، أثارت النسب المسجلة في العاصمتين الاقتصادية (الدار البيضاء) والإدارية (الرباط) الكثير من علامات الاستفهام حول الأسباب التي تقف وراء انخفاض إقبال الناخبين في هاتين المدينتين الكبيرتين.

فحسب إحصائيات وزارة الداخلية فإن نسبة المشاركة في الدار البيضاء لم تتجاوز 29 في المائة، في حين وصلت في محافظة الرباط سلا زمور زعير إلى 44 في المائة. واختلفت آراء المراقبين والفاعلين السياسيين بخصوص ما سجل في الجهتين المذكورتين، إذ فيما أرجعها البعض إلى فتور الحملة وغياب برامج واضحة، أكدت أخرى أن شساعة مساحة البيضاء والرباط جعل المرشحين لم يصلوا إلى نسبة كبيرة من الناخبين، مع العلم أن مدة الحملة وصلت إلى 13 يوما.

وتظهر الإحصائيات بالجنوب أن محافظة كلميم السمارة سجلت نسبة مشاركة بلغت 68 في المائة، تليها محافظة وواد الذهب لكويرة بنسبة 65 في المائة، في حين وصلت النسبة في لعيون بوجدور الساقية الحمراء إلى 60 في المائة. أما في تادلة أزيلال، فبلغت النسبة 58 في المائة، وبمراكش تانسيفت الحوز فوصلت النسبة إلى 57 في المائة، وهي النسبة نفسها المسجلة في تازة الحسيمة تاونات.

بينما بمكناس تافيلالت فحددت النسبة في 55 في المائة، وبالغرب شراردة بني احسن فحددت النسبة بـ 53 بالمائة، وفي الشاوية ورديغة بلغت 51 في المائة، وبدكالة عبدة وصلت النسبة إلى 49 في المائة، وبطنجة تطوان 47 في المائة، أما الجهة الشرقية فسجلت بها نسبة 46 في المائة.

واحتلت الرباط سلا زمور زعير المرتبة ما قبل الأخيرة بـ 44 في المائة، أما الدار البيضاء فتمركزت بالمرتبة الأخيرة بـ 29 في المائة.