خبراء كويتيون متفائلون بمستقبل العلاقات الكويتيَّة العراقيَّة |
صباح الخفاجي من بغداد: منذ العام 1990 عصف الغزو العراقي لدولة الكويت بالعلاقة الأخوية بين البلدين وتراكمت مشاعر التوتر بين البلدين، تخبو حيناً لتظهر حيناً آخر، لانعدام الثقة بينهما، بسبب الغزو وما تبعه من عقوبات قاسية تجاه العراق، لما تزل دولة الكويت تطالب بعدم إلغائها رغم زوال نظام صدام الذي قام بالغزو. quot;إيلافquot; طرحت على عدد من المفكرين والاكاديميين العراقيين امكانية بناء ثقة مستقرة بين البلدين، وعما اذا كان بالإمكان بناء علاقات سياسية، واقتصادية، واجتماعية فعالة بين الكويتيين والعراقيين. وأجمعت معظم الردود على استحالة تكرار تجربة الغزو من قبل العراق بسبب النظام الديمقراطي في العراق الجديد:
الدكتور خميس البدري، الأستاذ في كلية العلوم السياسية، أكد إمكانية تحقيق ذلك إن تم اتخاذ خطوات ايجابية بين الطرفين، الا أنه شكك برغبة الكويتيين في فعل ذلك. وقال البدري انه quot;من الممكن تفعيل العلاقات السياسية الكويتية العراقية اذا توافرت النوايا الصادقة، خاصة لدى الكويتيين، لكننا نرى ان الإخوة في الكويت يتشبثون بقضايا انتهى ظرفها وترتب ما ترتب على العراق بسببهاquot;.
وبخصوص بناء علاقة مستقرة بين البلدين فان الدكتور خميس البدري يرى ان على الكويت ان تأخذ في حساباتها مصالح البلدين المشتركة، لا أن تتمسك بمطالبها تجاه الشعب والحكومة العراقية، وكأن النظام السابق لا يزال قائما! اضاف البدري quot;يجب على الكويتيين ان يقتنعوا ان الظروف التي يمر بها العراق اليوم، هي ظروف موقتة، ستزول ان عاجلا او آجلا، وان العراق لا يزال قادرا على النهوض من جديد، لأنه يمتلك القدرات والإمكانيات لتحقيق ذلكquot;.
كما انتقد البدري تمسك الكويتيين بإبقاء العراق تحت البند السابع حتى يفي بقرارات الأمم المتحدة المترتبة عليه تجاه الكويت، وقال إن تصرفا من هذا النوع يدل على أن رؤية نظر الكويتيين السياسية قصيرة، وهي لا تخدم الشعبين الكويتي والعراقي، وأكمل البدري quot;على الكويتيين والعراقيين حكومة وشعبا أن يؤسسوا لعلاقة قوية مبنية على الثقة وعدم الريبة، وخلق صفحة سياسية جديدة على طريق السياسة والتنمية لخدمية الشعبين الجارينquot;.
واشار إلى ان السبيل الوحيد لبناء علاقة مستقرة ومتطورة في كافة المجالات بين العراق والكويت، لن تتم الا بحال أدرك الكويتيون ان نظام وطريقة الحكم في العراق قد تغيرت والى الأبد، اذ لم يعد مسموحا لشخص واحد احتكار او الانفراد باتخاذ القرارات، فالنظام الديمقراطي الذي يحكم العراق اليوم نظام مؤسسات، ولن يستطيع أي احد اتخاذ قرار متهور لوحدهquot;. وتابع البدري أن إدراك الكويتيين لهذه الحقيقة هو المدخل الوحيد لطريق العلاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المزدهرة بين العراق والكويت، ويجب اعتبار النهج الديمقراطي الذي يحكم عراق اليوم عاملا مطمئنا أساسيا للكويتيين، ودافعا لفتح صفحة جديدة مبنية على تبادل احترام السيادة والخصوصية، خصوصا وان العراق بعد عام 2003، حكومة وشعبا، ليس لديه نوايا او مقاصد عدوانية تجاه الكويت.
وفي ما يتعلق بجدية الحكومات العراقية في بناء علاقة مستقرة مع الكويت، قال البدري إنه يصعب القول إن العراق امتلك خلال السنوات الماضية حكومة وطنية قادرة على إقناع الكويتيين بوطنيتها وحرصها على رسم صورة جدية للعراق في عيون الكويتيين، الا انه استدرك قائلا انه quot;يصعب القول ان العراق امتلك حكومة وطنية خلال السنوات الماضية، لان العراق يعتبر بلدا محتلا من قبل الولايات المتحدة الأميركية، وهذا معناه ان القرار العراقي بيد الأميركيين، لأنه بلد محتل، ولهذا السبب يصعب القول ان الحكومات العراقية الحالية منها والسابقة ركزت على بناء علاقات حقيقية مع الكويت. وواصل البدري، يجب ان ينتبه ساسة الكويت وصناع القرار فيه، إلى ان النهج الذي يحكم العراق اليوم قد تغير بالفعل ولن يثير المخاوف. فالنهج الديمقراطي هو الذي يحكم عراق اليوم، وهذا عامل مطمئن للكويتيين ساسة وحكومة وشعبا، النهج الديمقراطي يعني أن السلطة او القرار لن يكون بيد جهة معينة او شخص واحد، القرار لن يكون بيد شخص متهور.
اما الدكتور كاظم الركابي، سياسي عراقي مستقل، فقد ذهب للقول ان الكويتيين يعانون عقدة 2 آب أكثر من العراقيين الذين تجاوزوا العقدة نفسها بسقوط صدام، وتأسف الركابي لموقف البرلمان الكويتي الذي يصر على تحميل الشعب العراقي مسؤولية غزو الكويت وقال quot; في حين تقول الحقيقة ان الظلم وقع على الشعب العراقي، بالطريقة نفسها التي وقع فيها على الشعب الكويتي او غيره من المواطنين العرب الذين تواجدوا خلال الغزو كالمصريين الفلسطينيين وغيرهم، من المؤسف ان يحمل البرلمان الكويتي العراقيين مسؤولية غزو 2 ابquot;.
وركز الركابي على وجوب وجود -النية الصادقة- كسبيل وحيد لبناء علاقة ثقة متبادلة ومستقرة بين العراق والكويت، وقال quot;توقعنا أن ترحب الكويت كثيرا بالتغيير السياسي الذي حصل في 2003، وتوقعنا ان ترحب بنا كشعب عراقي وتمد يدها لنا كشعب، على وجه التحديد، لكن ذلك لم يتم للأسف!quot;.
واشار الركابي الى ان استقرار الظروف والوضع في العراق، سيؤثر إيجابافي الشعب والحكومة الكويتية، لكنه ابدى استغرابه من إصرار مجلس النواب الكويتي على مواصلة quot;معاقبة الشعب العراقيquot;. وحمل كاظم الركابي على البرلمان الكويتي مسؤولية التصعيد وزيادة التوتر وعرقلة بناء علاقات ثقة مستقرة بين البلدين، مشيرا الى وجود تشدد من البرلمان الكويتي تجاه إعادة العلاقة مع العراق، quot;الا أنني المس مرونة من قبل الحكومة الكويتية بالموضوع نفسهquot;. وأكد الركابي أن المسؤولين العراقيين حاولوا طرح الكثير من الحلول والتسويات، quot;لكن يبدو ان هناك خطا برلمانيا متشددا مصرا على إبقاء السياسة والعلاقة متشنجة بين البلدين والحكومتينquot;.
وأبدى الركابي تحفظا على فكرة ان توحد موقف البرلمان الكويتي والشعب الكويتي، وقال بهذا الصدد quot;عندي أصدقاء وسياسيون في الكويت وهم يقولون ان البرلمان الكويتي يسبب مشاكل داخلية أيضا. فعلى سبيل مسيرة التنمية في الكويت، يلاحظ تراجعا فعليا في الاقتصاد الكويتي، بسبب عرقلة البرلمان للخطط الاقتصادية، إضافة الى انشغال البرلمان الكويتي في فتح ملفات لا داعي لها تعيق تقدم الكويت الى الأمام. كما ان البرلمان لا يمتلك نظرة مستقبلية لمصير الكويت.. وقال الركابي quot; البرلمان الكويتي لا يمثل طبيعة وتطلعات الشعب الكويتي نحو التنمية، والجميع يعلم انه بين العراقيين والكويتيين وشائج وتناسب الدم والرابطة العائلية والتزاوج، وهي علاقات ممتدة لعشرات السنوات، فلماذا يركز البرلمان على زرع الشعور الفوقي والانتقاص من الشعب العراقي؟quot;.
وعن السبيل لخلق علاقة حقيقية بين العراقيين والكويتيين أشار الركابي الى أنه يجب ان يجلس الحكماء والعقلاء بين الشعبين العراقي والكويتي، لتسوية الملفات العالقة وحسمها ومن ثم التحرك الى الأمام، كما يجب ان تتحرك منظمات المجتمع المدني بين البلدين لنشر ثقافة بناء علاقة أخوية اقتصادية سياسية مبنية على احترام السيادة واحترام كل بلد لآخر.
من جهته لخص المحلل السياسي طارق حرب الخطوات اللازمة لإعادة العلاقات بين العراق والكويت قائلا quot;منها مبادرة كويتية لتخفيض الديون على سبيل المثال من 50% الى 1%، ولا اظن ذلك سيؤثرفي قيمة الديون والتعويضات. كما يمكن ان تبادر الكويت الى بناء مستشفى في الجنوب العراقي كالعمارة او الناصرية، لان ذلك سيكون له عظيم الأثر في نفوس العراقيين، فالعراقيون مازالوا يتذكرون مثلا المستشفى التي بناها اليهود في العراق، وهو امر له تأثيره الكبير في مد جسور الألفة والمحبة بين الشعبينquot;.
وأضاف حرب quot;يجب ان تخطو الكويت خطوة اقتصادية كبيرة، وان تصبح الركيزة الاقتصادية الأولى للعراق. لماذا تحتل الإمارات او الأردن هذه المكانة؟ في حين بمقدور الكويت بناء علاقات اقتصادية كبيرة تعود بالفائدة على الشعبيين. الكويت أولى ان تتحول الى الركيزة الاقتصادية الفضلى للعراق، لقربها منه ولتوفر وسائط النقل والطرق السريعة الرابطة بين البلدين، فمثلا لو ان العراق أراد استيراد السيارات فان شحنها من الكويت سيكون أسهل وارخص بكثير من شحنها من الإمارات او غيرها، وينطبق الأمر على البضائع الأخرىquot;.
وتابع حرب quot; الكويت متشددة جدا في ما يتعلق بتأشيرة الدخول الى أراضيها، فالحصول على تأشيرات دخول وإقامة في دول أوروبية للعراقيين أسهل بكثير من الكويت، التي يكاد يستحيل الحصول على تأشيرة دخولها من قبل العراقيquot;.
وانتقد حرب سياسة وسائل إعلام البلدين التي لا تتناول ضرورة مد جسور الثقة والمحبة والتعاون بين العراق والكويت، فالعراق لم يوجه جهده لنقل صورة او رسالة إعلامية للشعب الكويتي مفاده الاحترام والرغبة في بناء علاقة مستقرة..والأمر ينطبق على الإعلام الكويتي ايضا..
اما الخطوات التي يجب على الحكومة العراقية اتخاذها لترسيخ العلاقة مع الكويت فإنه وحسب طارق حرب تتلخص بوجوب تركيز الحكومة العراقية على استمرارية اعترافها بسيادة الكويت كدولة مستقلة ذات سيادة وان العراق يحترمها على هذا الأساس، ويتعهد المحافظة على ذلك، وإقامة علاقة طيبة بين البلدين.
وختم حرب قائلا ان quot;خطوة الحكومة العراقية هذه قد لا تؤثر كثيرا، لكنها واجبة لتبديد المخاوف التي قد تثار في نفوس الكويتيين، وهي محاولة لإثبات حسن نوايا العراق والنظام الجديد فيه تجاه الكويت التي ترتبط بالعراق بصلة لا يمكن لاي كان محوها باي شكل من الأشكالquot;.
التعليقات