نبيل شرف الدين من القاهرة : بدأت يوم الثلاثاء في باريس أولى مراحل معركة اختيار مدير عام جديد لليونسكو بخطاب لكل مرشح وذلك قبل اقتراع الدور الأول ولم تشهد منظمة اليونسكو طوال تاريخها منافسة شرسة على منصب أمين عام المنظمة كما يحدث هذه المرة، فطوال السنوات الماضية كان الترشيح والتصويت للمنصب يتم في هدوء، ولكن هذه المرة تحول الأمر إلى ما يشبه المعركة الطاحنة، حيث تصاعدت حدة المنافسة الشرسة بين المرشحين الثمانية للمنصب الدولي الرفيع . وعلى الرغم من ضراوة المنافسة الانتخابية، غير أن وزير الثقافة المصري فاروق حسني يصر على مواصلة المنافسة، حيث سيكون حال فوزه أول مسؤول عربي يتولى هذا المنصب الرفيع، وقال مدير حملته الانتخابية إنه سيركز في خطابه على محاور التنمية العلمية والثقافية وتبادل الخبرات وعلى حوار ثقافات ملموس على أرض الواقع .
المرشحون الثمانية |
ـ إيرينا يكوفا من بلغاريا - مارشيلوفنيتي من لتوانيا - بنتا فيريرو فالدنر من النمسا - ايفون خويس من الاكوادور - فاروق حسني من مصر - فوريني سيروس من جمهورية بنين - سوسيتر موهنجو من تنزانيا - فلاديميروفيتش من روسيا |
وفي هذا السياق قال حسام نصار مستشار مدير الحملة الانتخابية لفاروق حسني إنه يسعى للفوز بالمنصب على الرغم من ضراوة المنافسة والمؤامرات التي أصبحت تحكمها حسابات واعتبارات خاصةquot;، وأضاف أنه للمرة الأولى في تاريخ المنظمة، تشهد فيها انتخابات المدير العام هذا الكم من العنف والعمليات المضادة لترشيح المرشح المصري . ومضى نصار قائلاً : quot;إن حسني سيتناول في عرضه رؤيته وإستراتيجيته لإدارة وتطوير المنظمة والنهوض بها على مدى السنوات الأربع المقبلة حال فوزه بالمنصب، كما سيرد على أسئلة الدول الأعضاء في المجلس التنفيذيquot; .
وواجه فاروق حسني هجمة شرسة لدى بداية ترشيحه من قبل مسؤولين ومثقفين من إسرائيل، غير أنها أوقفت حملتها ضده بعد اعتذاره ثم طلب الرئيس مبارك من نتنياهو ذلك، وذلك على خلفية تصريحات سابقة نسبت للوزير المصري وقال فيها : quot;سوف أحرق الكتب الإسرائيلية بنفسي إذا وجدت أياً منها في المكتبات المصريةquot; . من جهتها، أعلنت منظمة المؤتمر الإسلامي أنها تدعم حسني لمنصب مدير عام اليونسكو، وقالت في بيان لها إن الأمين العام أكمل الدين إحسان أوغلو كلف وفداً رفيع المستوى برئاسة السفير مهدي فتح الله، مدير عام الشؤون السياسية في المنظمة، بالتوجه إلى باريس لمواصلة الجهود مع مختلف الدول من أجل دعم الوزير المصري .
حديث الكواليس
وتبدأ الجولة الأولى من الانتخابات يوم الثامن عشر من أيلول (سبتمبر) الجاري بين المرشحين الثمانية، الذين يتنافسون على كسب أصوات 58 دولة يمثلون أعضاء التنفيذي لليونسكو يفوز مباشرة من يحصل على 30 صوتاً فيما يعاد الاقتراع والتصويت السري أيام 19 و20 و21 سبتمبر في حال عدم حصول أي من المرشحين على 30 صوتاً ، وتتم الإعادة يوم 22 سبتمبر بين أعلى اثنين حصلا على الأصوات، وسيتم إعلان الفائز منهما يوم 23 سبتمبر على أن يتم إقرار النتيجة بصفة نهائية في ختام اجتماع المؤتمر العام للمنظمة يوم 18 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل .
ويلقي فاروق حسني وزير الثقافة كلمة مهمة أمام المجلس التنفيذي لليونسكو يستعرض خلالها إستراتيجيته وبرنامجه لإدارة المنظمة في حال فوزه بهذا المنصب الدولي والذي يدعو إلى التسامح بين الأديان والأشخاص والتصالح والحوار بين الثقافات والحضارات . وعلى الرغم من تراجع حسني واعتذاره في مقال نشرته صحيفة quot;لوموندquot; الفرنسية، غير أن هؤلاء تمكنوا من تحريض اللوبي اليهودي في فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، ليمارس الضغوط على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لمعارضة ترشيح حسني، وذلك عبر خطابات وجه للاتحاد والمجتمع الدولي، دعت فيه لرفض ترشيح حسني لمنصب مدير اليونسكو، باعتباره أحد المتعصبين سياسياً ومعادياً للسامية.
وفي سياق موازٍ فقد نشرت صحيفة quot;واشنطن بوستquot; الأميركية مقالا للكاتبة المصرية منى الطحاوي تحت عنوان: quot;حارق الكتب لليونسكوquot;، أكدت موقفها الرافض لترشيح فاروق حسني لمنصب رئاسة منظمة اليونسكو العالمية، وقالت إن أكثر ما تعرض له من انتقادات كان بسبب تعليقاته الخاصة بإحراق الكتب الإسرائيلية في المكتبات المصرية في أيار (مايو) 2008، مشيرة إلى أنه عزز دور الرقابة على الإبداع في مصر، وحظر نشر الكثير من الكتب ومنع عرض عدة أفلام على شاشات السينما داخل مصر .
ويبدي حسني عزمه على تخطي الصعاب، رغم ضراوة المنافسة التي أصبحت تحكمها حسابات واعتبارات خاصة، وأكد أنه لن ينسحب من المعركة لحرصه على الفوز بالمنصب، الذي سيكون في حال تحقيقه، هو الأول من نوعه للعالم العربي، ويعتبر نفسه الأوفر حظاً في الفوز في ظل الوعود الدولية بالتصويت لمصلحته، إلا انه يواجه مرشحين أقوياء، أهمهم المفوضة الأوروبية للعلاقات الخارجية النمساوية بنيتا فيريرو فالدنر، التي تحظى بدعم الاتحاد الأوروبي .
سيرة ذاتية
وفاروق حسني بدأ حياته الفنية في الإسكندرية التي عاش فيها فترة شبابه وتخرج في كلية الفنون الجميلة، ومرت مسيرته بالعمل في الحقل الثقافي بدأها مديرا لقصر الثقافة في الإسكندرية . وفي أوائل السبعينات أقام أول معرض له باتيليه الإسكندرية ، وفي العام 1971 وقع الاختيار على فاروق حسني ليكون ملحقا ثقافيا في السفارة المصرية في باريس ومديرا للمركز الثقافي المصري هناك .
وبدأ التجديد في لغته التجريدية كما أقام عدة معارض في باريس ومدن أخرى في فرنسا وتأكدت في هذه الفترة مابين أوائل السبعينات وآخرها هويته الفنية وتواصلت مسيرة فاروق حسني الفنية عندما انتقل إلى روما بعد باريس حيث أصبح مديرا للأكاديمية المصرية للفنون هناك عام 1979 حيث قام بالتعريف بالثقافة المصرية للايطاليين وأقام هناك عدة معارض لأعماله في روما .. وعاد لمصر عام 1987 ليتقلد منصب وزير الثقافة .
وحصل فاروق حسني على عدة جوائز ودرجات علمية منها أستاذ غير متفرغ في جامعة quot;سوكاquot; في اليابان التي منحته درجة الدكتوراه الفخرية عام 1993، وأستاذ غير متفرغ في كلية الفنون الجميلة في جامعة الإسكندرية عام 1999 ، وحصل على جائزة الثقافة والسلام من جامعة سوكا عام 1993، كما حصل على جائزة البحر المتوسط في الفنون عام 2006.
التعليقات