لاهاي- باتت هولندا مع دخول القانون الذي يجيز الموت الرحيم حيز التنفيذ اليوم اول بلد في العالم يشرع ذلك بما يوفر من حماية قانونية للطبيب والمريض في الوقت نفسه.
ويجيز القانون للاطباء ممارسة الموت او القتل الرحيم دون التعرض لملاحقات قضائية شرط ان يحصلوا من المريض على طلب واضح لذلك وان يكون المريض مصابا بمرض مستعص، الامه لا تحتمل. كما يتعين على الطبيب ان يستشير طبيبا اخر واحدا على الاقل قبل تنفيذ رغبة مريضه.
ويتم نقل جميع حالات الموت الرحيم الى لجان تضم قاضيا وطبيبا ومتخصصا في المناقب المهنية يتحققون من احترام الشروط المنصوص عليها. وفي حال المخالفة، يحال الملف الى القضاء، ويصبح الطبيب قابلا للمساءلة.
ويشمل الحق في طلب مساعدة طبيب للتخلص من الحياة الشبان بين 16 و18 سنة، لكن ينبغي ان يتخذ القرار بالتنسيق مع الاهل. اما بين 12 و16 عاما، فيتعين الحصول على موافقة الاهل.
ورغم انتقاده الشديد في الخارج، يحظى القانون بتاييد واسع في المجتمع الهولندي ولدى الاوساط الطبية.
وتقول برناردينا وانرويج، المسؤولة في قطاع التعليم الطبي في مجال العلاج بالمهدئات، ان القانون يضع "معايير واضحة، تضمن كذلك حماية المريض". ويؤكد الاطباء الهولنديون ان الموت الرحيم يمارس غالبا في السر في دول اخرى، في غياب تشريعات تنظمه.
وردا على مخاوف ابداها مسؤولون في اللجنة الدولية لحقوق الانسان بشأن الاستخفاف بالحق في الحياة، قال ديك ويلمس، وهو متخصص في الامور المناقبية، ان الاطباء "سيواصلون التعامل مع الموت الرحيم بوصفه عملا صعبا لا يمارس الا في حال وجود قناعة فعلية بغياب اي حل اخر".
الا ان دخول القانون حيز التنفيذ لم يقض على الجدال الدائر بشأن تحديد المقصود بالالام غير المحتملة، وامكانات تحسين وضع المريض. فقد اثيرت امام القضاء اخيرا مسألة معرفة ما اذا كان يمكن اعتبار السأم من الحياة معاناة لا تحتمل.
ففي قرار اعتبر سابقة، حسمت محكمة استئناف امستردام الامر سلبا في 6 كانون الاول(ديسمبر). واعتبر بذلك الطبيب الذي مارس الموت الرحيم على السناتور السابق ادوارد بونغرسما الذي "سئم العيش" مذنبا لانه لم يتقيد بمعايير التشريعات الموجودة منذ 1997، وهو التاريخ الذي بدأت السلطات معه تتسامح مع القتل الرحيم في هولندا.
وبهدف توضيح المسالة، شكلت الجمعية الطبية الملكية لجنة تضم علماء نفس واطباء واخصائيين في المناقب المهنية وقانونيين ينتظر ان يصدروا استنتاجاتهم في العام 2003 على اقل تقدير.
ويقول رئيس الجمعية الطبية الملكية رود هاغينو ان "تعريف المعاناة غير القابلة للتحسن بات مدار نقاش لان امكانات العلاج بالمهدئات بات اكثر تنوعا في الوقت الحالي منه قبل بضع سنوات".
وجاء تشريع القتل الرحيم في وقت يتنامى فيه الاهتمام بالعلاجات المهدئة اذ اعلنت وزارة الصحة في 11 اذار(مارس) تقديم اموال اضافية لدعم المبادرات في هذا المجال. فوحدات العلاج بالمهدئات تتكاثر في المستشفيات، في حين تشهد برامج التخصص نجاحا كبيرا بين الاطباء.
وفي حين ينظر المرضى خطأ الى القانون الجديد بوصفه يعطيهم الحق في الموت الرحيم، يذكر الاطباء ان عليهم اولا استعراض جميع الحلول العلاجية الممكنة.
ويقول هاغينو ان "من نتائج القانون ربما انه دفع الى التمعن في امكانات العلاجات المتوفرة بالمهدئات، لا سيما داخل الوسط الطبي".