إبراهيم المعطش-بنظرة سريعة وشاملة إلى وسط الجزيرة العربية نجد انها تفتقر إلى وجود آثار قديمة واضحة تنبىء عن قيام حضارات في السابق على الرغم من ان ذلك ورد عنها في كتب التاريخ والتراث ولكن لا وجود لمثل تلك الآثار في وقتنا الحاضر ويرجع ذلك السبب في افتقار وسط الجزيرة العربية من الآثار المادية من قصور وقلاع وغيرها لعوامل منها:
كهف القويع أشهر الكهوف الآثرية في المملكة والقويع أقدم إمارات الحوطة
- تعاقب فترات الجفاف والقحط على المنطقة وقسوة المناخ التي لا تساعد على بقاء مثل تلك الامور.
- ان المنطقة لم تعرف الاستقرار في تلك العصور السابقة بل كانت حياة التنقل والبداوة هي السائدة.. لدى المجتمع النجدي.
وقد يرى البعض أن هناك آثاراً لقصور وقلاع غير انه لم يكتب لها البقاء للعوامل السابقة وغيرها ومع ذلك فمنطقة نجد غنية بالآثار من قصور وقلاع تحاكي تاريخ المنطقة وتصف لنا تراث الاجداد منذ اكثر من خمسة قرون تقريباً.
الدلالات الاثرية والمعالم التاريخية التي تختص بها حوطة بني تميم دالة على عراقة واصالة المنطقة وتأكيد على جذورها التاريخية الضاربة في القدم وهي بالتأكيد وثيقة حية لحضارات سادت المنطقة في قرون خلت.
وتميزت حوطة بني تميم بالعديد من المواقع الاثرية والقصور التاريخية والقلاع والملاحظ في ذلك الاسلوب الهندسي المتطور لعقل الانسان الحوطي في ذاك الوقت والمواد المستخدمة في البناء وطريقة البناء نفسها تدل على تقدم حضاري كبير ونهضة انسانية سادت المنطقة منذ زمن بعيد.
ان وجود الانسان وتعاطيه في المنطقة منذ ازمان بعيدة واستقراره فيها جعل منها منطقة متقدمة حضارياً وذهنياً وعملياً حيث توارث الابناء عن الاجداد حضارات كبيرة وتقدماً انسانياً في كافة النواحي الحياتية، وما ترك من آثار فهو دليل واحد فقط على تطور الانسان الحوطي في ذاك الزمن الغابر.
وحوطة بني تميم يوجد فيها الكثير من الاماكن الاثرية منها ما هو معروف تاريخه وهو الحديث في الغالب ومنها ما لم يعرف عن تاريخه شيء سوى بعض الروايات والاساطير الخيالية نظرا لقدمه ولعدم وجود ما يكشف عن هويته ومن أهم تلك الآثار الموجودة في الحوطة، ولعل من اشهر المراكز التي عرفت بالآثار هي الحلوة.
- الحلوة:
حينما تدخل مركز الحلوة.. لابد ان يلفت ناظرك تلك الحدائق والشوارع المشجرة والزهور المترامية على رصيف الطرقات، بيد ان علامات الاستفهام تزول حينما ترى مبنى البلدية وقد علاه التنظيم والاشجار والورود، اذ لابد ان تشيد بجهود البلدية التي كان لها اليد الطولى في ان تخرج مدينة الحلوة بهذا الشكل الجميل والمميز والترتيب والتنظيم.
الحلوة.. لها من اسمها نصيب فهي حلوة بحق لانها تحفة جمالية مزينة بالخضرة.
يتميز اناس الحلوة بصفات كثيرة مثل الكرم والشجاعة والنخوة والقوة والذكاء والفزعة والتعاضد وهذه المميزات ورثوها عن اجدادهم.
وتاريخ الحلوة موغل في القدم لذلك تجد فيها عدداً من الآثار والمناطق الاثرية، ولها قصص حفرها التاريخ من ذهب جعلت من الحلوة شامخة من قصص البطولات خاصة مواقفهم إبان توحيد المملكة العربية السعودية.. وهنا سنتطرق إلى بعض الآثار في هذا المركز.
اولاً: نقش المرتمي: وهو عبارة عن كتابات بأحرف غير عربية نقشت على صخرة جبل في وجه شعيب المرتمي في الحلوة بحوطة بني تميم ويعتبر هذا النقش من اقدم الآثار التاريخيه.. الموجودة في المنطقة ذلك لانه قديم لا يعرف زمن كتابته بعد ولم يفك سر تلك الحروف بعد وقد اختلف العامة في تاريخ كتابتها فمنهم من يرى انها الآثار التي خلفها الروم الاتراك فترة غزو الحلوة وهذا هو الشائع،بينما يرى البعض الآخر انها كتابات لاقوام سكنت المنطقة منذ زمن بعيد بادوا وانقرضوا فلم يعرف من تاريخهم شيء.
ثانيا: قلعة الإمام تركي بن عبدالله:
توجد تلك القلعة في الحلوة بحوطة بني تميم وهي من أهم المعالم التاريخيه في المنطقة تم تشييدها سنة 1236هـ حينما لجأ الإمام تركي بن عبدالله إلى الحلوة بعد تهديم الدرعية على يد جنود محمد علي باشا والذي شيد القلعة هو محمد بن شامان جد آل درويش بالاحساء حالياً والذين نزحوا من الحلوة قبل فترة.
وبعد ان عاد الامام تركي بن عبدالله إلى الرياض استخدمت القلعة مقرا لجباية الزكاة او بيت المال ثم انه في عهد الملك عبدالعزيز آل سعود وبعد اقرار الامارات سواء النظامية او القبلية في مدن وقرى المملكه اتخذت تلك القلعة مقرا لامارة الحلوة إلى وقت قريب.
وتقف تلك القلعة الاثرية الآن رمزا شامخاً في وجه الحلوة تعبيراً لزوار المنطقة عن تاريخ البلدة العريق في الحروب وشاهدا بما جرى فيها من احداث.
- قصر صاهود:
هو احد الآثار القديمة في الحوطة ومن اشهر القصور التي شيدت فيها بناه ناصر بن عبدالله آل حسين ونظراً لهجره من قبل اهله وعدم العنايه به فقد تهدمت معظم اجزائه ولم يبق منه سوى جزء من جداره الشرقي مع احدى البوابات التي فوقها برج ضخم يبلغ ارتفاع هذا الجدار قرابه تسعة امتار مبني من الطين واللبن على شكل عروق اضافة إلى مسجد بجوار تلك البوابة.
وقصر صاهود هذا لا علاقة له بقصر صاهود الموجود بالاحساء في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية.
- صفهة الروم "صفيفة الروم":
في آخر غزو للاتراك على الحوطة سنة 1253هـ أرادوا مهاجمة الحلوة اولا ثم الاتجاه نحو الحوطة حيث انهم لما وصلوا الحلوة من فوق الجبل تمركزوا في الاماكن الاستراتيجية فنصبوا المدافع على جبل المرخية مقابل قلعة الامام تركي بن عبدالله "سابقاً"، وتمركز بعض الجنود الاتراك في احد شقوق الجبال المشرفة على الحلوة.
- قصور الوسطة:
وهي عبارة عن بقايا أطلال بالية لقصور وقلاع وحصون وابراج قديمة تقع في منطقة متوسطة بين الحوطة والحلوة ولذلك سميت بالوسطة وإلى الشمال منها يوجد سور ضخم يمتد من الجبل إلى الجبل المقابل له في الجهة الثانية وفي أعلى الجبل القبلي أقيم جدار بمثابة مرسام.
- سور الحوطة:
لكل مدينة وقرية في السابق سور يحيط بها ويشتمل على عدة حصون وقلاع وبوابات قليلة وذلك من اجل حمايتها من امور شتى منها:
- الوحوش والحيوانات الضارية.
- حماية حيوانات البلدة من الخروج منها والضياع او وقوعها في يد الحنشل.
- حمايتها من هجمات الاعداء ايا كانوا.
اضافة إلى ان تلك المجتمعات في السابق كانت كالاسرة الواحدة في البيت الواحد.
ويختلف سور كل مدينة عن الاخرى على حسب طبيعة موقعها والظواهر الجغرافية المتوفرة في البلدة.
- القويع:
ومن المراكز المعروفة ايضاً بالآثار مركز القويع.. وهنا نعرض لمحة عن هذا المركز.
مركز القويع بلد قديم ويقع في الجنوب الغربي من محافظة حوطة بني تميم جنوب مدينة الرياض بحوالي "185"كم تقريباً فهو مركز حضاري معروف يجمع بين الماضي التليد والحاضر المشرق ويشتهر مركز القويع بأراضيه الخصبة التي عرفت بجودة الانتاج الزراعي منذ القدم وتجد الجمال في تضاريسه من جبال شاهقة ورواب وهضاب جميلة بالاضافة لوادي نعم هذا الاسم الجميل الذي ملك قلوب هواة الصيد لما يحتويه من غزلان ووعول وارانب بالاضافة لجميع انواع الطيور وتجد على ضفاف هذا الوادي اشجار السمر، الطلح، العبك، السلم واللصف على امتداد "25" كم وهو الآن ضمن محمية الوعول بحوطة بني تميم.(الجزيرة السعودية)
التعليقات