&
تذكر كتب النوادر شخصية جحا المضحك أينما حل وارتحل في المشرق والمغرب، وتقول إحدى هذه النوادر أن جحا باع بيتاً له وقبض ثمنه، ثم أخذ يتردد بين يوم وآخر على المشتري، ويختلق حججاً واهية بدعوى زيارة مسمار جده المعلق في البيت.
أتصور أن استراتيجية أميركا فيما تسميه اليوم بمكافحة الإرهاب هي نفسها استراتيجية جحا، فهي التي تتدخل في شؤون دول العالم كله بدعوى مكافحة الإرهاب، ومطاردة ما تسميه فلول أو مسامير تنظيم القاعدة أو من يساعدهم، وهي المعركة التي لا يعلم أحد متى تنتهي إلا الله.
لقد وجدت الولايات المتحدة في مسمار القاعدة فرصة لا تعوض على مستوى صراعها الخارجي أو الداخلي، فعلى المستوى الخارجي فرضت أميركا سياستها بالطوع أو الإكراه المباشر على معظم دول العالم لتستجيب لمطالبها التي كانت تحلم أن تنفذها، وكانت تتحرج أن تطلبها من قبل.
وها هو العالم الإسلامي الآن دون استثناء يتعرض لشتى أنواع الضغط المباشر من الحكومة الأميركية، تحت ذريعة مسمار القاعدة تطالبه فيها بالضغط على كل جهة ترفض سياسة الغطرسة الأميركية أو تمثل تهديداً وإن كان غير مباشر على الكيان الصهيوني، حتى وإن كانت مطالبها هذه مخالفة لكل عرف أو قانون في العالم.
فالإسلام (المقاوم) الذي يدافع عن حقوقه المشروعة وفق الشريعة والشرعية الدولية يقع في عرف جحا الأميركي تحت بند مسمار القاعدة والإرهاب، فحركة حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله وغيرها، من حركات المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني تعد حركات إرهابية يجب ضربها والقضاء عليها، لأنها تمثل خطراً استراتيجياً على المصالح الأميركية والصهيونية في المنطقة.
وليت جحا الأميركي وقف عند مسمار القاعدة إلى هذا الحد.. بل فتح الباب على مصراعيه لكل حلفائه وأصدقائه المقربين ينالون من كل جهة ترفض الهيمنة الظالمة تحت دعوى مكافحة الإرهاب.. حتى الصين عدو أميركا المرتقب أخذت تعلن أنها تشن حرباً في شرق الصين على جماعة تسعى للانفصال تدعي أنها تتبع القاعدة.. كما يغازل الأميركان الروس الآن، ويلمحون لهم بأنهم سيغضون طرفهم إذا ما قرروا التدخل أو ضرب جورجيا، مقابل أن تتغاضى روسيا عن حصتها في مسمار العراق؟!
ولعل أكبر فاصل مسرحي في نكتة جحا الأميركية هو أن تثبت الأيام القليلة القادمة بالصوت والصورة علاقة العراق بأحداث الحادي عشر من سبتمبر، وتثبت أن أعضاء هذا التنظيم تلقوا تدريبهم في معسكرات بالعراق، وأنهم تلقوا دعماً مادياً يقدر بالمليارات من الشعب العراقي الكادح المعادي لأميركا.
وإذا لم ينجح جحا الأميركي في هذه الزيارة الوهمية لمسماره المعتاد في العراق.. طبعاً لن يكون هذا الأمر نهاية المطاف، فالزيارة الأخرى المرتقبة والتي ستمر عبر بريطانيا خلال الأيام القليلة المقبلة لن تخيب مسعاه، فالاتهامات والملفات المتكومة والتي تثبت بأن العراق غائص حتى أذنيه في وحل التورط بامتلاكه للأسلحة الكيماوية والجرثومية والبيولوجية جاهزة للسيد في أي وقت يشاء.
والغريب أنه رغم أن استراتيجية جحا الأميركي مفضوحة أمام القانون الدولي، وأمام كل العالم إلا أنه لا يوجد على وجه الأرض من يستطيع أن يقول للأخ جحا أنك مخطىء أو أنك تزايد على الحقائق وتورط العالم، وتدفع المنطقة إلى الحرب دفعاً تستنزف من خلالها الأرواح، والأموال، خاصة وأن هذه المنطقة لم تهدأ منذ عقود طويلة بسبب الاستعمار وجحا طبعاً طرف رئيسي فيها.
والنفاق الدولي لجحا الأميركي واضح للعيان، حتى من القريب الذي نعتبره من جهلنا وفقرنا أنه صديقنا، فما يقوم به الكيان الصهيوني من اعتداء مفضوح ومعيب أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي وأمام شرعيته المنتهكة صهيونياً، نجد أن هذا المجتمع يصمت صمتاً مدوياً، وإن نطق فلا ينطق إلا كفراً، أما إذا كان الأمر متعلقاً بزيارة من زيارات جحا إلى أي دولة من دول مسمار القاعدة، فلن نجد هذا المجتمع إلا وقد تحول كخلية نحل لا يهدأ لها بال حتى يخرج بقرار يتوافق تماماً مع المواصفات الجحوية بالإجماع.
أما على صعيد السياسة الداخلية للولايات المتحدة فقد وفر مسمار القاعدة غطاء لا يمكن تخليه بحال من الأحوال، عن تضييق الخناق على الحريات العامة حتى على الأميركيين أنفسهم، واعتقال من هب ودب ممن يعيشون على أرضها لا سيما إن كان مهؤلاء من الشرق الأوسط، ناهيك عن تجميد الأموال ومراقبتها، والتصنت والتوقيف والدعاية الإعلامية في شتى وسائل الإعلام، وهو ما لم يسبق أن مارسته أميركا نهاراً جهاراً من قبل.
والمحزن حقيقة أن يرى العالم هذه السياسة الأميركية المجحفة في حق شعوب العالم، ثم لا يحاول أحد أن يقول لها هذا خطأ وذاك صواب، فما يجوز وما لا يجوز والحق والصواب يقرره جحا فقط، والمخالف مهما كانت درجة مخالفته فهو متهم لن تثبت براءته.
ومع الأسف الشديد فكل المآسي في هذا العالم ستستمر ولن تقف عند حد معين ما لم يرتبط هذا العالم بشرعية دولية غير شريعة الغاب التي تسوده الآن، فما أحوج هذا العالم وجحا الأميركي خاصة أن يتبنى مفاهيم صحيحة تتوافق وإنسانية الإنسان، لا أن يتبنى مفاهيم الصراع الغريزي ويطلق لها العنان فيحدث الدمار بالعالم من أجل نزوات مادية تفنى ويبقى شقاء الإنسان.
وأما العقل الإسلامي المغيب فلا يستطيع الآن وسط هذا السعار الأميركي والصهيوني أن يسأل نفسه سؤالاً بريئاً واحداً مفاده.. هل ما يسمى بتنظيم القاعدة (مسمار جحا) وأعضاؤه الذين كانوا يعيشون في أفضل أحوالهم داخل الكهوف يمتلكون هذه المقدرة والقوة العالمية الخارقة التي تصورها الأبواق الصهيونية.
كاتب قطري
أتصور أن استراتيجية أميركا فيما تسميه اليوم بمكافحة الإرهاب هي نفسها استراتيجية جحا، فهي التي تتدخل في شؤون دول العالم كله بدعوى مكافحة الإرهاب، ومطاردة ما تسميه فلول أو مسامير تنظيم القاعدة أو من يساعدهم، وهي المعركة التي لا يعلم أحد متى تنتهي إلا الله.
لقد وجدت الولايات المتحدة في مسمار القاعدة فرصة لا تعوض على مستوى صراعها الخارجي أو الداخلي، فعلى المستوى الخارجي فرضت أميركا سياستها بالطوع أو الإكراه المباشر على معظم دول العالم لتستجيب لمطالبها التي كانت تحلم أن تنفذها، وكانت تتحرج أن تطلبها من قبل.
وها هو العالم الإسلامي الآن دون استثناء يتعرض لشتى أنواع الضغط المباشر من الحكومة الأميركية، تحت ذريعة مسمار القاعدة تطالبه فيها بالضغط على كل جهة ترفض سياسة الغطرسة الأميركية أو تمثل تهديداً وإن كان غير مباشر على الكيان الصهيوني، حتى وإن كانت مطالبها هذه مخالفة لكل عرف أو قانون في العالم.
فالإسلام (المقاوم) الذي يدافع عن حقوقه المشروعة وفق الشريعة والشرعية الدولية يقع في عرف جحا الأميركي تحت بند مسمار القاعدة والإرهاب، فحركة حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله وغيرها، من حركات المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني تعد حركات إرهابية يجب ضربها والقضاء عليها، لأنها تمثل خطراً استراتيجياً على المصالح الأميركية والصهيونية في المنطقة.
وليت جحا الأميركي وقف عند مسمار القاعدة إلى هذا الحد.. بل فتح الباب على مصراعيه لكل حلفائه وأصدقائه المقربين ينالون من كل جهة ترفض الهيمنة الظالمة تحت دعوى مكافحة الإرهاب.. حتى الصين عدو أميركا المرتقب أخذت تعلن أنها تشن حرباً في شرق الصين على جماعة تسعى للانفصال تدعي أنها تتبع القاعدة.. كما يغازل الأميركان الروس الآن، ويلمحون لهم بأنهم سيغضون طرفهم إذا ما قرروا التدخل أو ضرب جورجيا، مقابل أن تتغاضى روسيا عن حصتها في مسمار العراق؟!
ولعل أكبر فاصل مسرحي في نكتة جحا الأميركية هو أن تثبت الأيام القليلة القادمة بالصوت والصورة علاقة العراق بأحداث الحادي عشر من سبتمبر، وتثبت أن أعضاء هذا التنظيم تلقوا تدريبهم في معسكرات بالعراق، وأنهم تلقوا دعماً مادياً يقدر بالمليارات من الشعب العراقي الكادح المعادي لأميركا.
وإذا لم ينجح جحا الأميركي في هذه الزيارة الوهمية لمسماره المعتاد في العراق.. طبعاً لن يكون هذا الأمر نهاية المطاف، فالزيارة الأخرى المرتقبة والتي ستمر عبر بريطانيا خلال الأيام القليلة المقبلة لن تخيب مسعاه، فالاتهامات والملفات المتكومة والتي تثبت بأن العراق غائص حتى أذنيه في وحل التورط بامتلاكه للأسلحة الكيماوية والجرثومية والبيولوجية جاهزة للسيد في أي وقت يشاء.
والغريب أنه رغم أن استراتيجية جحا الأميركي مفضوحة أمام القانون الدولي، وأمام كل العالم إلا أنه لا يوجد على وجه الأرض من يستطيع أن يقول للأخ جحا أنك مخطىء أو أنك تزايد على الحقائق وتورط العالم، وتدفع المنطقة إلى الحرب دفعاً تستنزف من خلالها الأرواح، والأموال، خاصة وأن هذه المنطقة لم تهدأ منذ عقود طويلة بسبب الاستعمار وجحا طبعاً طرف رئيسي فيها.
والنفاق الدولي لجحا الأميركي واضح للعيان، حتى من القريب الذي نعتبره من جهلنا وفقرنا أنه صديقنا، فما يقوم به الكيان الصهيوني من اعتداء مفضوح ومعيب أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي وأمام شرعيته المنتهكة صهيونياً، نجد أن هذا المجتمع يصمت صمتاً مدوياً، وإن نطق فلا ينطق إلا كفراً، أما إذا كان الأمر متعلقاً بزيارة من زيارات جحا إلى أي دولة من دول مسمار القاعدة، فلن نجد هذا المجتمع إلا وقد تحول كخلية نحل لا يهدأ لها بال حتى يخرج بقرار يتوافق تماماً مع المواصفات الجحوية بالإجماع.
أما على صعيد السياسة الداخلية للولايات المتحدة فقد وفر مسمار القاعدة غطاء لا يمكن تخليه بحال من الأحوال، عن تضييق الخناق على الحريات العامة حتى على الأميركيين أنفسهم، واعتقال من هب ودب ممن يعيشون على أرضها لا سيما إن كان مهؤلاء من الشرق الأوسط، ناهيك عن تجميد الأموال ومراقبتها، والتصنت والتوقيف والدعاية الإعلامية في شتى وسائل الإعلام، وهو ما لم يسبق أن مارسته أميركا نهاراً جهاراً من قبل.
والمحزن حقيقة أن يرى العالم هذه السياسة الأميركية المجحفة في حق شعوب العالم، ثم لا يحاول أحد أن يقول لها هذا خطأ وذاك صواب، فما يجوز وما لا يجوز والحق والصواب يقرره جحا فقط، والمخالف مهما كانت درجة مخالفته فهو متهم لن تثبت براءته.
ومع الأسف الشديد فكل المآسي في هذا العالم ستستمر ولن تقف عند حد معين ما لم يرتبط هذا العالم بشرعية دولية غير شريعة الغاب التي تسوده الآن، فما أحوج هذا العالم وجحا الأميركي خاصة أن يتبنى مفاهيم صحيحة تتوافق وإنسانية الإنسان، لا أن يتبنى مفاهيم الصراع الغريزي ويطلق لها العنان فيحدث الدمار بالعالم من أجل نزوات مادية تفنى ويبقى شقاء الإنسان.
وأما العقل الإسلامي المغيب فلا يستطيع الآن وسط هذا السعار الأميركي والصهيوني أن يسأل نفسه سؤالاً بريئاً واحداً مفاده.. هل ما يسمى بتنظيم القاعدة (مسمار جحا) وأعضاؤه الذين كانوا يعيشون في أفضل أحوالهم داخل الكهوف يمتلكون هذه المقدرة والقوة العالمية الخارقة التي تصورها الأبواق الصهيونية.
كاتب قطري
التعليقات