طارق الحميد - ان كنت من المتخصصين الاعلاميين فبالطبع إن لديك تفسيرك الخاص حول الفرق بين دور التلفزيون والانترنت والصحافة المكتوبة، وكذلك الراديو. أما ان كنت من المشاهدين فليس للتفاسير معنى، المهم هو أن جميع وسائل الاعلام تسعى للوصول اليك في منزلك أو مكتبك أو في أي مكان كنت للظفر بك. حادث القناص في ضواحي العاصمة الأميركية والذي وقع في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في تمام الساعة السادسة صباحا بتوقيت واشنطن عندما أطلق النار على سائق حافلة لنقل الركاب، قبل أن يتم القاء القبض عليه في 24 أكتوبر، تعاملت معه وسائل الاعلام الأميركية بجميع أنواعها، من تلفزيون وصحافة وانترنت، على طريقة «نبأ عاجل». هدف وسائل الاعلام هو الوصول الى الجمهور أيا كانت الوسيلة التي يفضلونها. ومن أجل ذلك صارت الانترنت القاسم المشترك بين جميع وسائل الاعلام التي تحولت الى قناص يبحث عن الجمهور. فمن يفضل الراديو بالطبع سوف يكون مستمعا له، حتى عبر الانترنت. ويجد صحيفته المفضلة على الشبكة العنكبوتية كذلك مدعومة بالصور والتحليلات مع كل جديد، والأمر نفسه يسري على القنوات التلفزيونية التي تستفيد من الانترنت.
صحيفة الواشنطن بوست، مثلا، والتي حاز موقعها على الانترنت جائزة مؤخرا، قامت بتغطية حادثة اطلاق النار في ضواحي العاصمة الأميركية بوضع عبارة «نبأ عاجل» في أعلى الصفحة على موقعها في الانترنت مع صور حديثة من موقع الحدث إما من خلال كاميرا رقمية، أو عبر الاستعانة بصور نشرات الأخبار التلفزيونية. وتقوم بتحديث موقعها عبر الانترنت على مدار الأحداث، أو كل عشر دقائق. ولا تكتفي الصحيفة بمنافسة التلفزيون فقط، بل انها تزاحم الراديو بوضع موصل على موقعها كتب عليه «تقرير صوتي من موقع الحدث». كما تضع موصلات أخرى على الانترنت مثل «تقارير حديثة عن حركة السير» وآخر بعنوان «مواعيد الدوام المدرسي»، اضافة الى وضع الرقم المجاني الخاص بـ«الخط الساخن» للشرطة، والذي تلقى قرابة 26 ألف مكالمة لم تدل على المجرم وكذلك كل ماله علاقة بحادثة القناص خصوصا انه حصد أرواح اكثر من أحد عشر انساناً. عن تغطية الـ«واشنطن بوست» يقول ستيف فرانكلين، الصحافي في صحيفة «شيكاغو تربيون» الأميركية «ان الصحيفة الجيدة لا تبدع فقط في تقديم الأخبار ولكنها تقدم موقعها على انه مكتبة متكاملة، وهذا ما تفعله «الواشنطن بوست» في تغطيتها للأحداث». ويقول في «الواشنطن بوست» تجد مقالاً عن قضية معينة لكنك تجد معه قرابة ثلاثين مقالاً تشرح خلفية القضية وتاريخها».
القنوات التلفزيونية الاخبارية بدورها تنافس الصحف في مواقعها على الانترنت حيث تتصيد الهاربين من شاشات التلفزيون الى الشبكة العنكبوتية من خلال تحديث موقعها على الشبكة مرافقا لصور عن كل ما تم التقاطه، الحكمة تقول الصورة تساوي ألف كلمة. فاذا كان المتابع في مكتبه، أو في جامعته ولا يستطيع مشاهدة نشرات الأخبار أو الاستماع اليها فسوف يجدها على سطح مكتبه على مدار الحدث، لا فرق بينه وبين الرئيس الأميركي، الا أن الأخير يحصل على تفاصيل دقيقة، ولكن في وقت متأخر. وهذا ليس بالأمر المزعج فسوف يحصل المتابع على الأخبار أيضا لأنها سوف تتسرب عبر صحيفتي «نيويورك تايمز» أو «الواشنطن بوست». ولتسريب المعلومات قصة أخرى. يكفي أن نذكر ان القاء القبض على «قناص واشنطن» جون الين محمد، 41 عاماً، من خلال معلومة سربت للاعلام من داخل مركز شرطة ولاية ماريلاند، بعد أن كان الاعلاميون يشكون من قلة المعلومات وعدم تعاون الشرطة معهم.
الصحف الأميركية أو القنوات الاخبارية جميعها تبدع في تقديم الغرافيك الذي يوضح موقع الحادث من خلال خرائط مفصلة. فسرعة تقديم الغرافيك والخرائط تمنحك الانطباع بأن المؤسسات الاعلامية لا تنطلق من رؤية اعلامية واضحة وحسب، بل هي مؤشر على امكانات مالية ضخمة، وطاقات مؤهلة، وقبل هذا وذاك مفهوم واضح لادارة الأزمات اعلاميا.
اقتصاديا استغلال الصحافة للانترنت «قرار واع» حسبما يراه ستيف فرانكلين، مبررا ذلك بأنها «ترسخ العلاقة بين القارئ والصحيفة وتدعم ولاءه لها»، وبالتالي تجلب الصغار الذين لا يقرأون الصحيفة على الورق في الوقت الذي يفضلون فيه تصفح الشبكة العنكبوتية. يقول ستيف «مهمتك تصيدهم هناك وجلبهم لموقعك ليصير هناك تواصل بينهم وبين الصحيفة عبر الانترنت». والنتيجة برأي ستيف هي جلب المعلنين. ففي أميركا الصحيفة الورقية تهدف الى زيادة نسبة التوزيع، لكن على الانترنت الهدف هو جلب المعلن».
وسائل الاعلام الأميركية بدورها لم تنج من النقد لكثافة تغطيتها لوقائع «قناص واشنطن». الشكوى تتردد في وسائل الاعلام نفسها. أحد الصحافيين الأميركيين تساءل «هل كل ما يفعله القناص هو فقط من أجل أن يهرع الى منزله مستمتعا بمتابعة وسائل الاعلام؟». في تاريخ الولايات المتحدة حالات مشابهة. في الستينات ظهر قاتل عرف باسم «زيودك» يرتكب جريمته ويرسل الى الصحافة الأميركية برسائل مشترطا عليها نشرها في الصفحة الأولى. ونجح في احتكار الصحافة، بينما لم تفلح الشرطة في كشف لغزه حتى الآن. لكن من المهم التذكير بأن الشرطة الأميركية تتواصل مع «القناص» عبر وسائل الاعلام كذلك. وآخرها عندما طلبوا منه الاتصال هاتفيا للتحدث معهم. وقال نيكمان، رئيس تحرير قناة «إم. إس. إن. بي. سي» الأميركية ومقدم برنامج «نيكمان الحواري»، رداً على من اتهم وسائل الاعلام بخلق الرعب لدى الناس «نحن لا نخلق الرعب، لكننا ننقله».
وأيا كان رأي المتخصصين فالمحصلة النهائية هي اطلاع المتابع على مكان ووقت وقوع الحدث. «النبأ العاجل» لا ينتظر حتى نشرة التاسعة مساء، أو حتى خروج الطبعة في الصباح. فما ساعد الشرطة في النهاية على القاء القبض على «قناص واشنطن» كان سائق شاحنة، استمع لنشرة الأخبار ومواصفات السيارة ورقم اللوحة فقام بابلاغ الشرطة بعد ساعة فقط من تسريب أوصاف السيارة لوسائل الاعلام. أهمية التعامل مع الخبر وقت حدوثه في أي مجال كان، لم تعد ترفاً. فقط اسأل مولعا بكرة القدم: هل يمكن أن ينتظر حتى الغد ليعرف نتيجة مباراة؟
الشرق الأوسط
صحيفة الواشنطن بوست، مثلا، والتي حاز موقعها على الانترنت جائزة مؤخرا، قامت بتغطية حادثة اطلاق النار في ضواحي العاصمة الأميركية بوضع عبارة «نبأ عاجل» في أعلى الصفحة على موقعها في الانترنت مع صور حديثة من موقع الحدث إما من خلال كاميرا رقمية، أو عبر الاستعانة بصور نشرات الأخبار التلفزيونية. وتقوم بتحديث موقعها عبر الانترنت على مدار الأحداث، أو كل عشر دقائق. ولا تكتفي الصحيفة بمنافسة التلفزيون فقط، بل انها تزاحم الراديو بوضع موصل على موقعها كتب عليه «تقرير صوتي من موقع الحدث». كما تضع موصلات أخرى على الانترنت مثل «تقارير حديثة عن حركة السير» وآخر بعنوان «مواعيد الدوام المدرسي»، اضافة الى وضع الرقم المجاني الخاص بـ«الخط الساخن» للشرطة، والذي تلقى قرابة 26 ألف مكالمة لم تدل على المجرم وكذلك كل ماله علاقة بحادثة القناص خصوصا انه حصد أرواح اكثر من أحد عشر انساناً. عن تغطية الـ«واشنطن بوست» يقول ستيف فرانكلين، الصحافي في صحيفة «شيكاغو تربيون» الأميركية «ان الصحيفة الجيدة لا تبدع فقط في تقديم الأخبار ولكنها تقدم موقعها على انه مكتبة متكاملة، وهذا ما تفعله «الواشنطن بوست» في تغطيتها للأحداث». ويقول في «الواشنطن بوست» تجد مقالاً عن قضية معينة لكنك تجد معه قرابة ثلاثين مقالاً تشرح خلفية القضية وتاريخها».
القنوات التلفزيونية الاخبارية بدورها تنافس الصحف في مواقعها على الانترنت حيث تتصيد الهاربين من شاشات التلفزيون الى الشبكة العنكبوتية من خلال تحديث موقعها على الشبكة مرافقا لصور عن كل ما تم التقاطه، الحكمة تقول الصورة تساوي ألف كلمة. فاذا كان المتابع في مكتبه، أو في جامعته ولا يستطيع مشاهدة نشرات الأخبار أو الاستماع اليها فسوف يجدها على سطح مكتبه على مدار الحدث، لا فرق بينه وبين الرئيس الأميركي، الا أن الأخير يحصل على تفاصيل دقيقة، ولكن في وقت متأخر. وهذا ليس بالأمر المزعج فسوف يحصل المتابع على الأخبار أيضا لأنها سوف تتسرب عبر صحيفتي «نيويورك تايمز» أو «الواشنطن بوست». ولتسريب المعلومات قصة أخرى. يكفي أن نذكر ان القاء القبض على «قناص واشنطن» جون الين محمد، 41 عاماً، من خلال معلومة سربت للاعلام من داخل مركز شرطة ولاية ماريلاند، بعد أن كان الاعلاميون يشكون من قلة المعلومات وعدم تعاون الشرطة معهم.
الصحف الأميركية أو القنوات الاخبارية جميعها تبدع في تقديم الغرافيك الذي يوضح موقع الحادث من خلال خرائط مفصلة. فسرعة تقديم الغرافيك والخرائط تمنحك الانطباع بأن المؤسسات الاعلامية لا تنطلق من رؤية اعلامية واضحة وحسب، بل هي مؤشر على امكانات مالية ضخمة، وطاقات مؤهلة، وقبل هذا وذاك مفهوم واضح لادارة الأزمات اعلاميا.
اقتصاديا استغلال الصحافة للانترنت «قرار واع» حسبما يراه ستيف فرانكلين، مبررا ذلك بأنها «ترسخ العلاقة بين القارئ والصحيفة وتدعم ولاءه لها»، وبالتالي تجلب الصغار الذين لا يقرأون الصحيفة على الورق في الوقت الذي يفضلون فيه تصفح الشبكة العنكبوتية. يقول ستيف «مهمتك تصيدهم هناك وجلبهم لموقعك ليصير هناك تواصل بينهم وبين الصحيفة عبر الانترنت». والنتيجة برأي ستيف هي جلب المعلنين. ففي أميركا الصحيفة الورقية تهدف الى زيادة نسبة التوزيع، لكن على الانترنت الهدف هو جلب المعلن».
وسائل الاعلام الأميركية بدورها لم تنج من النقد لكثافة تغطيتها لوقائع «قناص واشنطن». الشكوى تتردد في وسائل الاعلام نفسها. أحد الصحافيين الأميركيين تساءل «هل كل ما يفعله القناص هو فقط من أجل أن يهرع الى منزله مستمتعا بمتابعة وسائل الاعلام؟». في تاريخ الولايات المتحدة حالات مشابهة. في الستينات ظهر قاتل عرف باسم «زيودك» يرتكب جريمته ويرسل الى الصحافة الأميركية برسائل مشترطا عليها نشرها في الصفحة الأولى. ونجح في احتكار الصحافة، بينما لم تفلح الشرطة في كشف لغزه حتى الآن. لكن من المهم التذكير بأن الشرطة الأميركية تتواصل مع «القناص» عبر وسائل الاعلام كذلك. وآخرها عندما طلبوا منه الاتصال هاتفيا للتحدث معهم. وقال نيكمان، رئيس تحرير قناة «إم. إس. إن. بي. سي» الأميركية ومقدم برنامج «نيكمان الحواري»، رداً على من اتهم وسائل الاعلام بخلق الرعب لدى الناس «نحن لا نخلق الرعب، لكننا ننقله».
وأيا كان رأي المتخصصين فالمحصلة النهائية هي اطلاع المتابع على مكان ووقت وقوع الحدث. «النبأ العاجل» لا ينتظر حتى نشرة التاسعة مساء، أو حتى خروج الطبعة في الصباح. فما ساعد الشرطة في النهاية على القاء القبض على «قناص واشنطن» كان سائق شاحنة، استمع لنشرة الأخبار ومواصفات السيارة ورقم اللوحة فقام بابلاغ الشرطة بعد ساعة فقط من تسريب أوصاف السيارة لوسائل الاعلام. أهمية التعامل مع الخبر وقت حدوثه في أي مجال كان، لم تعد ترفاً. فقط اسأل مولعا بكرة القدم: هل يمكن أن ينتظر حتى الغد ليعرف نتيجة مباراة؟
الشرق الأوسط
التعليقات