كيف تبدو الصورة وكيف ينتظر لها ان تتطور بعد القبض على صدام حسين؟ ما هي اهم العوامل المنتظر لها ان تكون مؤثرة في تقرير مجريات الامور في المستقبل المنظور؟ ولنبدأ بما يتعلق بالمستفيد الرئيسي بما حدث، الرئيس الامريكي بوش. لقد احرز لا شك انتصارا كبيرا ومؤكد انه سيسخره لتعزيز فرص اعادة انتخابه رئيسا للولايات المتحدة سيكون ذلك هم بوش الاول والقضية التي ستطغى على كل قضية اخرى في المرحلة القادمة.
لقد كانت نتائج الحرب على العراق حتى هذه اللحظة مهزوزة وغير محسومة اذ لم يكن قد قبض على صدام كما لم يكن قد قبض على ابن لادن ولم يكن من المقرر هل انتهت الحرب او ما انتهى هو مجرد جولة اولى فيها والانتخابات الرئاسية الامريكية قد باتت على مسافة عشرة اشهر فقط.
ان ابرز ما بات يشغل بوش هو كيفية اضفاء صفة شرعية على الحرب التي اطلقها فانها في نظر دول كبرى عديدة تعسف في تفسير قرار لمجلس الأمن هو القرار 1441 ذلك ان الحرب قد شنتها واشنطن بمنأى عن الامم المتحدة ودون الحصول على موافقة منها ثم برر بوش الحرب بانه يعلم علم اليقين ان صدام يملك اسلحة مخفية للدمار الشامل.. غير ان الحرب قد جرى خوضها، ثم اعلنت نهايتها ولم يكشف عن اثر لهذه الاسلحة على وجه الاطلاق.
كيفية اكساب الحرب شرعية ولو بأثر رجعي؟ هل جاز القول ان خلع صدام حسين من السلطة ثم اختفاءه عن الانظار يضفيان على القبض عليه صفة شرعية؟ الشيء المؤكد ان محاكمة صدام ستستخدم لاثبات هذه المقولة بصرف النظر عن مدى نجاح الرئيس الامريكي في بلوغ هذا الهدف.
ان ابرز ما بات يشغل بوش هو كيفية اضفاء صفة شرعية على الحرب التي اطلقها فانها في نظر دول كبرى عديدة تعسف في تفسير قرار لمجلس الأمن هو القرار 1441 ذلك ان الحرب قد شنتها واشنطن بمنأى عن الامم المتحدة ودون الحصول على موافقة منها ثم برر بوش الحرب بانه يعلم علم اليقين ان صدام يملك اسلحة مخفية للدمار الشامل.. غير ان الحرب قد جرى خوضها، ثم اعلنت نهايتها ولم يكشف عن اثر لهذه الاسلحة على وجه الاطلاق.
كيفية اكساب الحرب شرعية ولو بأثر رجعي؟ هل جاز القول ان خلع صدام حسين من السلطة ثم اختفاءه عن الانظار يضفيان على القبض عليه صفة شرعية؟ الشيء المؤكد ان محاكمة صدام ستستخدم لاثبات هذه المقولة بصرف النظر عن مدى نجاح الرئيس الامريكي في بلوغ هذا الهدف.
أوراق صدام
من المؤكد ان صدام سيحاول استغلال نقاط الضعف في حجج بوش وهو يحاول تبرير ما تعرض له سيتثمر المواقف المتعارضة للدول الكبرى في مجلس الأمن حول شن الحرب سوف يستغل استمرار الخلاف حتى بعد الحرب في هذا الصدد بين فريق جمع امريكا وبريطانيا واسبانيا وايطاليا من جانب وفريق جمع فرنسا والمانيا وبلجيكا من الجانب الاخر وليقل ما يقال عن القتلى العراقيين بمئات الالاف ــ وقد يصل عددهم الى المليون ــ على يد صدام خلال سنوات حكمه. فإن الأمر حسب القانون الدولي يخص شؤون العراق الداخلية واي تدخل خارجي في هذا الصدد انتهاك للسيادة الوطنية.
ثم قد ثبت من محاكمة الزعيم الكردي اوجلان بعد خطفه وترحيله الى تركيا ومحاكمة الزعيم الصربي ميلوسوفيتش عما ارتكبه من جرائم حرب امام محكمة دولية ان هناك فرصا متاحة لدرجة او اخرى للاحتماء بالقانون والاستناد اليه في بعض جوانب الدفاع خاصة وان هذه المحاكمات تجرى علنا وفي حضور شخصيات قانونية مرموقة بوسعها كشف اي سلوك معيب.
ثم لم يكن صدام دائما خصما للغرب وحتى لو كان الغرب ينظر اليه نظرة الخصم كان الغرب في الحرب العراقية الايرانية اقرب اليه منه الى الخميني مفجر الثورة الاسلامية في ايران وليس بمستبعد ان جرت صفقات سلاح بين صدام وعواصم غربية الأمر الذي قد يفسر اصرار بعض هذه العواصم على ان صدام ما زال الى اليوم يملك اسلحة للدمار الشامل هذه اسرار ــ ان وجدت ــ بوسع صدام ان يحرج عواصم غربية بها واستخدامها ــ وهو في احوج الحاجة الى ذلك ــ اداة للابتزاز ولوضع خصومه في موقع الدفاع.
وثمة سيناريوهات ثلاثة جديرة بالدراسة في هذا الصدد.
ثم قد ثبت من محاكمة الزعيم الكردي اوجلان بعد خطفه وترحيله الى تركيا ومحاكمة الزعيم الصربي ميلوسوفيتش عما ارتكبه من جرائم حرب امام محكمة دولية ان هناك فرصا متاحة لدرجة او اخرى للاحتماء بالقانون والاستناد اليه في بعض جوانب الدفاع خاصة وان هذه المحاكمات تجرى علنا وفي حضور شخصيات قانونية مرموقة بوسعها كشف اي سلوك معيب.
ثم لم يكن صدام دائما خصما للغرب وحتى لو كان الغرب ينظر اليه نظرة الخصم كان الغرب في الحرب العراقية الايرانية اقرب اليه منه الى الخميني مفجر الثورة الاسلامية في ايران وليس بمستبعد ان جرت صفقات سلاح بين صدام وعواصم غربية الأمر الذي قد يفسر اصرار بعض هذه العواصم على ان صدام ما زال الى اليوم يملك اسلحة للدمار الشامل هذه اسرار ــ ان وجدت ــ بوسع صدام ان يحرج عواصم غربية بها واستخدامها ــ وهو في احوج الحاجة الى ذلك ــ اداة للابتزاز ولوضع خصومه في موقع الدفاع.
وثمة سيناريوهات ثلاثة جديرة بالدراسة في هذا الصدد.
سيناريو أول
هل من الممكن موازنة الانتصار الذي احرزه بوش بانجاز عربي مقابل يتمثل في مصالحات عربية ــ عربية تحمل صدام كل اسباب الردة العربية؟ هل وارد تحويل صدام الى كبش فداء وان يكون غيابه عن المسرح حافزا للحد من صراعات كثيرة باتت تنال بشكل مؤثر من القدرة العربية.
لا بد اذا ما اخذنا بهذا السيناريو من ادراك ان العديد من الانظمة العربية لا تملك ان تتبنى موقف الغرب عموما ــ ولا من باب اولى موقف امريكا ــ ضد صدام اية كانت المآخذ على هذا الاخير فليس من المسلمات ان بوش ــ من وجهة نظر عربية ــ افضل من جميع منافسيه من المرشحين الديمقراطيين لمقعد الرئاسة الامريكية لقد ساد لوقت طويل الاعتقاد ان الحزب الديمقراطي في امريكا هو دائما اقرب الى الصهاينة منه الى العرب واظهر بوش انه كفيل بمناصرة غلاة التطرف اليميني في اسرائيل اكثر من اي رئيس امريكي قبله على وجه الاطلاق.
من هنا ليس من المتصور ان ينحاز الشارع العربي بكل اتجاهاته ومكوناته الى جانب امريكا بل من الصعوبة بمكان انحياز الانظمة العربية الى امريكا ــ دون ابداء تحفظات ــ في ظرف بلغ فيه عداء الشارع العربي لامريكا حدا غير مسبوق نتيجة الحروب التي تخوضها امريكا ضد عدد من الدول الاسلامية بدعوى محاربة الارهاب.
لا بد اذا ما اخذنا بهذا السيناريو من ادراك ان العديد من الانظمة العربية لا تملك ان تتبنى موقف الغرب عموما ــ ولا من باب اولى موقف امريكا ــ ضد صدام اية كانت المآخذ على هذا الاخير فليس من المسلمات ان بوش ــ من وجهة نظر عربية ــ افضل من جميع منافسيه من المرشحين الديمقراطيين لمقعد الرئاسة الامريكية لقد ساد لوقت طويل الاعتقاد ان الحزب الديمقراطي في امريكا هو دائما اقرب الى الصهاينة منه الى العرب واظهر بوش انه كفيل بمناصرة غلاة التطرف اليميني في اسرائيل اكثر من اي رئيس امريكي قبله على وجه الاطلاق.
من هنا ليس من المتصور ان ينحاز الشارع العربي بكل اتجاهاته ومكوناته الى جانب امريكا بل من الصعوبة بمكان انحياز الانظمة العربية الى امريكا ــ دون ابداء تحفظات ــ في ظرف بلغ فيه عداء الشارع العربي لامريكا حدا غير مسبوق نتيجة الحروب التي تخوضها امريكا ضد عدد من الدول الاسلامية بدعوى محاربة الارهاب.
سيناريو ثان
ونعني به السيناريو النقيض للسيناريو السابق ويتلخص في: هل بوسع صدام بعد القبض عليه وتقديمه للمحاكمة ان يكون له دور ما في اسقاط بوش وحرمانه من مقعد الرئاسة؟ واقول: ليس هذا بالاحتمال المستحيل فإن الاوضاع الاقتصادية في امريكا تحيط بها علامات استفهام كثيرة وقد بلغ العجز التجاري حدا غير مسبوق والانسحاب من العراق عملية بالغة الصعوبة والتعقيد فلم يتحقق انتصار يبرر الانسحاب ويبدو البقاء وكأنما هو تعبير عن فشل غير معلن.
ان محاكمة صدام ستأتي بالدليل عن جرائم كثيرة ارتكبها ولكنها ستمكنه من تذكير العالم بانه كان له مؤيدون خارج العراق لافي الاتحاد السوفييتي السابق وحسب ولكن حتى في دول عربية وايضا في الغرب وهذه الحقائق من شأنها ان تحرج كثيرين ربما بالذات جاك شيراك ودونالد رامسفيلد.
لقد صور صدام نفسه في صورة صلاح الدين الايوبي الذي تصدى للصليبيين ودخل التاريخ العربي من اوسع ابوابه بوسعه طرح السؤال: لماذا هؤلاء الذين باتوا يعارضونه بقسوة قد منحوا له من قبل امكانيات فنية وعسكرية ودبلوماسية؟
اهم ممون كان الاتحاد السوفييتي زوده بأكثر الاسلحة السوفييتة رقيا: الميج 29، ودبابات تي 72 صواريخ سكود.. الخ ولم يسدد صدام كل ديونه ما زال العراق مديونا لروسيا بمبالغ تصل الى مليارات من الدولارات.
ثم جاء دور فرنسا.. زار شيراك بغداد بصفته رئيسا للحكومة الفرنسية عام 1479 وفي السنة التالية زار صدام باريس وتفاوض على شراء مفاعلين نوويين وفي عام1981 ضرب بيجين احدهما بدعوى ان صدام قد اراد بالمفاعل صنع اسلحة نووية ثم باعت فرنسا ايضا للعراق 133 طائرة ميراج ف/1 والحقيقة ان 40% من مبيعات فرنسا من الاسلحة في الثمانينات (اي في سنوات الاندلاع الحرب العراقية الايرانية) انما كانت تتجه الى العراق.
لقد بررت فرنسا هذه المبيعات بأن دولا عديدة اخرى كانت تفعل الشيء ذاته.. بما فيها الولايات المتحدة وبريطانيا والمانيا الغربية وايطاليا كان العراق منظورا اليه على أنه الجانب التقدمي (العلماني) في حربه ضد الثورة الاسلامية في ايران.
لقد برزت الثورة الايرانية عند اندلاعها عام 1979 بصفتها الخطر الاكبر في نظر واشنطن بالذات لقد اهانت الولايات المتحدة باستيلائها على السفارة الامريكية في طهران واسرها للعاملين بالسفارة لمدة تجاوزت العام الأمر الذي ترتب عليه فقد جيمي كارتر مقعد الرئاسة عام 1980 ومع تصاعد العداء لايران زادت واشنطن تقاربا مع العراق وكان لرامسفيلد بصفته وزيرا للدفاع في عهد ريجان دور بارز في صنع هذا التقارب.
ان محاكمة صدام ستأتي بالدليل عن جرائم كثيرة ارتكبها ولكنها ستمكنه من تذكير العالم بانه كان له مؤيدون خارج العراق لافي الاتحاد السوفييتي السابق وحسب ولكن حتى في دول عربية وايضا في الغرب وهذه الحقائق من شأنها ان تحرج كثيرين ربما بالذات جاك شيراك ودونالد رامسفيلد.
لقد صور صدام نفسه في صورة صلاح الدين الايوبي الذي تصدى للصليبيين ودخل التاريخ العربي من اوسع ابوابه بوسعه طرح السؤال: لماذا هؤلاء الذين باتوا يعارضونه بقسوة قد منحوا له من قبل امكانيات فنية وعسكرية ودبلوماسية؟
اهم ممون كان الاتحاد السوفييتي زوده بأكثر الاسلحة السوفييتة رقيا: الميج 29، ودبابات تي 72 صواريخ سكود.. الخ ولم يسدد صدام كل ديونه ما زال العراق مديونا لروسيا بمبالغ تصل الى مليارات من الدولارات.
ثم جاء دور فرنسا.. زار شيراك بغداد بصفته رئيسا للحكومة الفرنسية عام 1479 وفي السنة التالية زار صدام باريس وتفاوض على شراء مفاعلين نوويين وفي عام1981 ضرب بيجين احدهما بدعوى ان صدام قد اراد بالمفاعل صنع اسلحة نووية ثم باعت فرنسا ايضا للعراق 133 طائرة ميراج ف/1 والحقيقة ان 40% من مبيعات فرنسا من الاسلحة في الثمانينات (اي في سنوات الاندلاع الحرب العراقية الايرانية) انما كانت تتجه الى العراق.
لقد بررت فرنسا هذه المبيعات بأن دولا عديدة اخرى كانت تفعل الشيء ذاته.. بما فيها الولايات المتحدة وبريطانيا والمانيا الغربية وايطاليا كان العراق منظورا اليه على أنه الجانب التقدمي (العلماني) في حربه ضد الثورة الاسلامية في ايران.
لقد برزت الثورة الايرانية عند اندلاعها عام 1979 بصفتها الخطر الاكبر في نظر واشنطن بالذات لقد اهانت الولايات المتحدة باستيلائها على السفارة الامريكية في طهران واسرها للعاملين بالسفارة لمدة تجاوزت العام الأمر الذي ترتب عليه فقد جيمي كارتر مقعد الرئاسة عام 1980 ومع تصاعد العداء لايران زادت واشنطن تقاربا مع العراق وكان لرامسفيلد بصفته وزيرا للدفاع في عهد ريجان دور بارز في صنع هذا التقارب.
سيناريو ثالث
اي سيناريو لا هو السيناريو الاول ولا هو الثاني هل من المتصور بعد غياب صدام مواصلة المقاومة العراقية للاحتلال الامريكي حتى تتسم بصفة الحرب الطويلة الأمد وتكتسب صفة الحرب الاهلية؟
ليس من المستحيل ان يؤدي غياب سلطة مركزية عراقية واستمرار الاحتلال الامريكي الى تأجيج الصراعات العرقية والطائفية داخل العراق وبالذات بين الشيعة والسنة والاكراد غير ان هذا اذا ما حدث فمن الصعب تصور ان ينسب الى صدام في سجنه والارجح ان ينسب الى اطراف جديدة ليست هي القيادات التقليدية التي نهضت بدور او اخر على اختلاف اتجاهاتها طوال العقود الماضية ثم من الصعب تصور ان الحرب في العراق سوف تظل حربا تمس العراق وحده اذا ما بلغت حد الحرب الاهلية خاصة وقد اصبحنا بصدد احتلالين امريكي للعراق واسرائيلي لفلسطين ودرجة من الغليان يصعب حصره في موقع بعينه من الشرق الاوسط.
ليس من المستحيل ان يؤدي غياب سلطة مركزية عراقية واستمرار الاحتلال الامريكي الى تأجيج الصراعات العرقية والطائفية داخل العراق وبالذات بين الشيعة والسنة والاكراد غير ان هذا اذا ما حدث فمن الصعب تصور ان ينسب الى صدام في سجنه والارجح ان ينسب الى اطراف جديدة ليست هي القيادات التقليدية التي نهضت بدور او اخر على اختلاف اتجاهاتها طوال العقود الماضية ثم من الصعب تصور ان الحرب في العراق سوف تظل حربا تمس العراق وحده اذا ما بلغت حد الحرب الاهلية خاصة وقد اصبحنا بصدد احتلالين امريكي للعراق واسرائيلي لفلسطين ودرجة من الغليان يصعب حصره في موقع بعينه من الشرق الاوسط.
التعليقات