&
نصـر المجالي من لندن: مدينة بام الإيرانية هي المدينة الأقدم في العالم التي تبنى من الطين، وهي كانت حاضرة العصر الساساني الذي حكم بلاد فارس (224 ـ 635 قبل الميلاد) وانهار مع ظهور الدعوة الإسلامية التي قوضت عرش الطاووس الممثل بعرش كسرى أنو شروان.
هذه الواحة الجميلة الطينية في عمق الصحراء الإيرانية، ظلت تحافظ على استراتيجيتها حتى غزوها العام 1722 من جانب أفغانستان، حيث طردت من الحكم عائلة سفاويد التي حكمت المنطقة ما بين 1502 و1722 للميلاد، ثم أنها تعرضت إلى غزو آخر من ولاية شيراز الفارسية العام 1810 ميلادية.
وعاشت بام عصرا ذهبيا في العهد الإسلامي حتى ظهور الإسلام إذ كانت محجا لعبدة النار كونها تضم معبد النار "زورو أستريان" ، وتم تدمير هذا المعبد في العهد الإسلامي، وحين حكمت عائلة سفاويد أقامت مكانه مسجدا هو مسجد "جام" الذي لا يزال قائما في وسط المدينة التي كان عدد سكانها في عهد تلك العائلة حوالي 13 ألف شخصا.
وأقامت عائلة سفاويد اسوارا وقلاعا وابراجا من الطين بلغ عددها 38 برجا حصينا لا تزال آثارها قائمة إلى الآن.
وحين تسلم آل قاجار حكم بلاد فارس في القرن التاسع عشر بدأ عصر هذه المدينة الذهبي في التراجع ولم يبد الحكم القاجاري الذي انهار في مطلع القرن الفائت على يد أسرة بهلوي.
وفي العهد البهلوي الذي انتهى العام 1979 على يد الثورة الإسلامية التي قادها الإمام الراحل آية الله الخميني، بدأت العام 1953 مهمة إعادة إعمار المدينة والحفاظ على تاريخيتها واستمرت هذه المهمة إلى أن صحت مدينة بام على كارثتها عبر الزلزال الذي دمر أكثر من 60 بالمائة من مساكنها وشرد غالبية سكانها وبلغ عدد ضحايا حسب آخر إحصائية رسمية أكثر من 4000 قتيل.
وفي الأخير، فإن هذه المدينة المنكوبة التي تتبع لإقليم كرمان الإيراني كانت مرتكزا تجاريا بين تركيا وإيران وأقاصي آسيا، وتعتبر تمورها من أجود أنواع التمور في إيران لا بل في العالم.&