&
إيلاف من دمشق: يقع سوق العطارين أو سوق البزورية في أحد أحياء دمشق القديمة ويتفرع عن سوق الحميدية و هو سوق واسع للتوابل و البهارات و المواد الغذائية. ويشتهر بفاكهته الغريبة وأعشابه الطبية وحلوياته المتنوعة، ويقع وسط السوق حمام لا يزال يعمل منذ القرن الثاني عشر الميلادي، كما يضم السوق فندقاً كان خاناً لأسعد باشا العظم صاحب قصر العظم في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي.
و تشهد سوريا تزايدا ملحوظاً في عدد زبائن التداوي بالاعشاب ‏ ‏والنباتات وما يسمى بـالطب الشعبي وعدد بائعي الاعشاب والنباتات الطبية.‏
ونظرا لهذا الاهتمام الشعبي يشهد سوق البزورية المعروف في دمشق القديمة ‏ ‏رواجا منقطع النظير لاسيما ان متاجره تتميز ببيع النباتات الطبية والاعشاب ‏ ‏ومركباتها التي تعالج معظم الامراض التي تصيب الانسان.‏
ويتميز هذا السوق بالحوانيت التي تنتشر على جانبيه والمختصة ببيع الأعشاب الطبية والخلطات الغريبة، والوصفات السحرية التي لا تزال حتى الآن تشكل علاجاً لبعض كبار السن الذين لا يعرفون إلا طريق العطارين عند مرضهم، أو لبعض النوعيات من الناس التي تؤمن بالفوائد الخارقة والسحرية لوصفات العطارين السحرية.
وتجد في هذه الحوانيت منظرا لا تستطيع أن تحول دون التمتع بغرابته فهناك الأعشاب الغريبة والقوارير التي تحتوي بداخلها حبيبات لها أشكال غريبة وألوان مختلفة وتحمل أسماء هي الأغرب ومنها عين الديك ذات اللون الأحمر وأخرى كثيرة.. إضافة إلى بقايا الحيوانات المعلقة بحبال على واجهة الحوانيت، والحيوانات البحرية والإسفنجيات ونجمة البحر والقواقع والأصداف.
وظاهرة التداوي بالأعشاب والوصفات الغريبة ليست حكرا على هذا السوق بل هناك حكايات كثيرة من هذا النوع تفسر مدى التطور الذي بلغته ظاهرة التداوي بالاعشاب والعلاج البديل في العديد من بلدان العالم وهناك قناعات راسخة حاليا في فعالية مركبات دوائية مشتقة في معظمها من النباتات وبعضها الآخر من الحيوان لدرجة ان ما ينفق على الطب البديل يوازي ثلاثة اضعاف ما ينفق على الوصفات الدوائية الكيميائية المعروفة
ويتهم الطب البديل بأنه ممارسة لشكل من اشكال الشعوذة وان مستحضرات الاعشاب تطرح في الاسواق دون الخضوع لتجارب سريرية وتكون نتائجها في افضل الحالات هدرا للمال وضحكا على الذقون، ويذهب بعض المختصين في الشؤون الدوائية الى ان الامر اسوأ من ذلك بكثير حيث ان شراسة عمليات تسويق هذه العلاجات البديلة تهدد بنسف اسس المعالجات الطبية التقليدية في العيادات والمشافي
وتعود حوانيت سوق العطارين إلى عائلات دمشقية توارث أفرادها هذه المهنة منذ مئات السنين، أحد الباعة يدعى محمد الخطيب قال ان عائلته ‏ ‏عملت بالاعشاب الطبية منذ 250 سنة وبرغم انه يحمل شهادة جامعية في هندسة الكهرباء والالكترنيات منذ 1960 إلا أنه فضل ‏ ‏العمل في مهنة الاعشاب الطبية ولم يعمل في مجال تخصصه العلمي لأنها مهنة الآباء ‏ ‏والاجداد.‏

وحول الاقبال الكبير على المعالجة بالنباتات قال ان الاعشاب شيء حضاري برع فيه ‏ ‏الآباء والاجداد منذ القدم وعالجوا بها امراضا كثيرة.‏
وعزا سبب الاقبال على النباتات الطبية الى عدم تسببها في أي اعراض جانبية كما ‏ ‏هي الحال في الادوية الكيميائية:
وقال ان هناك امراضا لا تعالج بالاعشاب في حين توجد امراض تفوق طب النباتات ‏ ‏في معالجتها وبخاصة امراض المعدة والقولون والالتهابات الصدرية والاعصاب.‏
واضاف ان العديد من الاطباء يوصون مرضاهم بالتداوي بالاعشاب وهذا يدل على ‏ ‏الشهرة الواسعة التي تحظى بها النباتات والاعشاب الطبية حتى بين الاطباء.‏
وقال بائع آخر يدعى ابو عمار :زبائني بالعشرات ويأتون يوميا من ‏ ‏مختلف الشرائح.. هناك البسطاء والمثقفون ومن يحمل شهادات جامعية الى جانب السياح ‏ ‏العرب والاجانب الذين يأتون الينا طلبا للاستشارة.
وقال آخر (برع العرب في معرفة الاعشاب وكان المشتغل بالعطارة يسمى اصلا ‏ ‏العشاب وتطورت التسمية
الى العطار بسبب الروائح التي تصدرها الاعشاب لذلك تعد ‏ ‏هذه المهنة الصيدلية العربية الشعبية).‏
والاعشاب تنمو بشكل طبيعي في مناطق جبلية وفي السهول والوديان وفي مختلف ‏ ‏الفصول وهناك اناس يدركون اهميتها فيبادرون الى قطفها حسب الجزء المستفاد منها ‏ ‏وبيعها في سوق البزورية قبل قطعها وتقشيرها وتجفيفها حسب نوعها وتغليفها وتعبئتها.‏
والبيئة السورية غنية بالنباتات الطبية اذ يوجد فيها ما يقارب ثلاثة الاف نوع ‏ ‏وكلها ذات خصائص علاجية اكتشفها المشتغلون في مهنة التداوي بالاعشاب منذ مئات ‏ ‏السنين او توارثوا هذه المهنة واصبحوا يصفون لكل مرض نباتا للعلاج اضافة الى ‏ ‏تجهيز النباتات بشكل علمي وعرضها في محلاتهم بسوق البزورية.
ومن ابرز نباتات البادية السورية القيصوم الذي يستعمل كعلاج هضمي وطارد ‏ ‏للديدان والشيح الذي تحوي ازهاره زيتا طيارا يستعمل كمشروب يزيل الحرارة ويعالج ‏ ‏الروماتيزم.‏
وهناك الخلة التي تغلى ثمارها ويشرب ماؤها لادرار البول وتسكين آلام المغص ‏ ‏الكلوي والتخلص من الحصوات الموجودة في الجهاز البولي.‏
وفي المنطقة الساحلية هناك نباتات طبية تعالج العديد من الامراض منها الحبق ‏ ‏البقدونس الصخري والبابونج والمريمية والزعتر البري والنعناع الذي يعالج ‏ ‏امراض المعدة في حين ان الزعتر البري يعالج التهاب القصبات وامراض الصدر.‏
وفي ريف دمشق هناك الزلوع وهو نبات جذري مقو للاعصاب واطلق عليه البعض في ‏ ‏الآونة الاخيرة اسم فياغرا سوريا.