العالم يحبس انفاسه لما سيتمخض عنه القرار العراقي في الانتخابات البرلمانية، العالم يترقب ماذا سيحكم الفرد العراقي في أهم مقطع تاريخي لأرض السواد، المنطقة والقوى السياسية تنظر بحذر شديد لما يقرره الصوت العراقي في 15 كانون الاول، هذا الصوت الذي أصبح بين ليلة وضحاها لا يقدر بثمن، فلا غرابة حينتشير الاندبينت البريطانيةأن حكومة بليروضعت ميزانية ضخمة للتاثير على هذاالصوت العراقي،
ولا غرابة حين يستنفر الاعلامالعربي والعالمي ويعمل بكل طاقته للتاثير على الانتخابات، ولا غرابه في شن حرب نفسي شعواء للتشويش على القرار العراقي في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ العراق والمنطقة والعالم، فالاشاعات ورسائل الرعب التي تحملها البهائم الانتحارية بادامة الحرب الشاملة وأستخدامها الوسائل القذرة في قتل الصوت العراقي، و لاغرابه بان يستنفر الحكماء والعقلاء قدراتهم وجعلها في خدمة ترشيد الصوت العراقي وجعله في المكان المناسب، أنها مرحلة الحسم، أنها الصفحة الاخيرة من معركة الوجود للشعب العراقي، أنها معركة الانتخابات التي أصبح الحسم فيها للصوت العراقي فقط وفقط..

عوامل عديدة جعلت من الصوت العراقي قيمة لاتقد ربثمن واهمها:

اولا : النظام الانتخابي :فالبرلمان القادم يتكون من 275 مقعد، تم توزيع 230 منها بنسبة متفاوته على المحافظات، و ان عدد المقاعد المخصصة لمحافظة بغداد بلغ 59 أي بنسبة 57 في المئة من عدد السكان، تليها نينوى ب19 مقعداً، والبصرة (16) والسليمانية (15 ) واربيل (13) وذي قار (12) وبابل (11) وديالى عشرة مقاعد، وتسعة مثلها في كل من الانبار وكركوك وثمانية في كل من واسط وصلاح الدين والقادسية والنجف، وسبعة في كل من دهوك وميسان، وستة مقاعد في كربلاء وخمس مقاعد في المثنى. أما 45 مقعد المتبقي من 275 سيحسم مصيرها فائض الاصوات من المحافظات اضافة للاصوات عراقيي المهجر.

أما عدد الكيانات التي رشحت نفسها للأنتخابات البرلمانية القادمة فبلغت 228 كيانا سياسيا بينها 21 ائتلافا، توزعت تلك الكيانات بأعداد مختلفة لمحافظات العراق، فبعض المحافظات العراقية تتميز بكثرة للقوائم الانتخابية ومحافظات اخرى تتميز بقوائم محدودة العدد. فمثلا في البصرة يتنافس 70 كيان سياسي 620مرشح على 16 مقعد والموصل ينتافس 43 كيان سياسي و128 مرشح على 19 مقعد، وفي كربلاء ينتافس 56 كيان سياسي و 130 مرشح على 6 مقعد فقط.

هذه النماذج الثلاثة (البصرة، والموصل، وكربلاء) تجعلنا نستخلص بعض النتائج المهمة من خلال مراجعة رياضية لعدد الكيانات والمرشحين والتي منها :

1-
تتميز محافظات الوسط والجنوب بكثرة الكيانات والمرشحين وهذا مما يؤدي الى تشتت الاصوات وهذا بلاشك سيضعف من الكيانات القوية المحسوبة على تلك المناطق وبالخصوص قائمة الائتلاف الموحدة التي تعتبر الرقم الحاسم في الخريطة السياسية للبرلمان القادم.

2-
المحافظات الغربية والشمالية تتميز بعدد الكيانات والمرشحين فيها اقل عدد من المحافظات المتبقية وهذا سيعطي فرصة جيدة للقوائم المترشحة منها مما سيضع لها ثقل أستراتيجي ومحكم في البرلمان القادم بسبب عدم تشتت أصواتها.

3-
النظام الانتخابي وأرقام الكيانات والمرشحين لهذا النظام يمكن أن تحصل محافظات الوسط والجنوب سيكون حصتها تقريبا 90 مقعد عدا بغداد، أما المحافظات الشمالية فالمخمن ان تحصل على 35 مقعد، والمحافظات الغربية وبعض المحافظات الوسطى فيخمن لها 40 مقعد عدا بغداد وديالى يبقى 110 مقعد ستحسمها بغداد والمقاعد التعويضية ( 45) مقعد.
بناء على ماتقدم من حقائق أصبح واضح أهمية الصوت العراقي في هذه المرحلة الحاسمة في تاريخ العراق والمنطقة بل العالم باجمعه، ولهذا ليس بغريب ان يوجه حكيم العراق (السيستاني) بعدم التفريط بالصوت العراقي الثمين وجعله في قوائم ضعيفة وصغيره، فالعراق بحاجة ماسة الى برلمان قوي يستند على قائمة قوية تحسم وضع العراق الفوضوي،

ثانيا : الصراع على هوية العراق: المرحلة الانتخابية القادمة جعلت من الصوت العراقي لا يقدر بثمن، لانه هو الرقم الحاسم في معركة الهوية التي اخذت شكل أنتخابي في هذه المرحلة، بعد أن كانت أخذت وجوه مختلفة في المراحل السابقة، فبعد سقوط صدام كانت الفوضى وعمليات التخريب لمرافق الحياة الضرورية والترقب بحذر هو المنطق السائد في تشخيص هوية العراق، الا أن وبعد تشكيل مجلس الحكم وطرح مشروع الانتخابات للسيد السيستاني دخل الشعب العراقي في معركة جديدة للصراع على هويته، هي تعويق هذا المشروع ومعارضته باي وسيلة ممكنه، من مقاطعة الانتخابات،الى التهديد بالعمليات الارهابية، كل هذا في سبيل عدم أظهار الهوية الحقيقية للغالبية من الشعب العراقي، الا أن وبعد أن تحققت الانتخابات بفضل الارادة القوية للشعب العراقي،أخذ الصراع على الهوية شكل اخر هو الحرب الشاملة والعمليات الاستئصالية والقتل على الهوية في سبيل اضمارها وعدم ابراز حقيقتها للعالم باجمعه ولكن رغم تلك الحرب الشاملة الا أنها لم تستطع في منعالشعب العراقي منابراز هويته في المرجعية الدستورية التي أقر بشرعيتها الانسانية جمعاء، ولهذا أن المرحلة القادمة هي محاولة مسح تلك الهوية في صراع جديد يختلف عن المراحل السابقة وذلك بمعركة انتخابية حاسمة جعلت من الصوت العراقي هو الاداة الوحيدة لاستخدامها في ميدان المعركة، فصوتك هو الذي سيحسم تلك المعركة وهو الذي سيظهر الحقيقة التي لطالما اراد الاخريين بتزويرها بشتى الوسائل وبالفعل هذا الصوت لا يمكن أن يقدر بثمن

ثالثا : المرجعية الدستورية : أن الدستور العراقي أعطى للصوت العراقي دفعة قوية في المعركة الانتخابية، واصبح هذا الدستور وما تضمنه من فقرات حيوية ومصيرية مادة أنتخابية بين القوى السياسية للتشويش على الصوت العراقي ومحاولة كسبه باي ثمن، فالفيدرالية و أجنثاث البعث وتوزيع الثروات،قضايا مصيرية أصبحت لا يمكن تغييرها الا بالصوت العراقي الموالي أو المعارض لها، فكل ما يمكنتم تعبئته من أصوت لصالح حفظ تلك القضايا المصيرية سسيعطي نصر معنوي ومادي لأنصار المرجعية الدستورية. والتي تأمل أن تحول فقرات هذا الدستور و الذي نال اعجاب الكثير من الحقوقيين والسياسيين الى واقع ملموس واليات عملية تنعكس على واقع المجتمع العراقي، فالمشروع الدستوري المتكامل لا يمكن ان يرى النور الا بحشد اصوات الغالبية من الشعب العراقي خلف القوى التي تؤمن بالدستور وتحوله الى مشروع عمل.

رابعا: الثورة الادارية : أن النظام الاداري في العراق بحاجة الى صوتقوي،يحدث أنقلابا على الواقع الفاسد في أجهزة الدولة،و التي لا زال يعشعش فيها سرطان البعث والقوى الفوضوية الارهابية، و لا يمكن أن يتم هذا التغيير الجذري الا بيد ابناء الشهداء والذين غيبوا في طوامير السجون، أن الشعب العراقي يمتلك شريحة واسعة من المتضررين والتي لم تمنح الفرصة لحد الان، بسبب نفوذ القوى الانتهازية ولعبة التوازن التي تحاول تمسك العصا من الوسط و التي لا تدع المجال امام المخلصين من الشعب العراقي، فالصوت العراقي هو الذي سيحسم بعودة أبناء الشهداء والمقابر الجماعية وذلك بالحضور القوي والفعال لأبناء هذا التيار، فأي تسويف بالصوت العراقي المخلص هو تفريط بالدماء التي سفكت على مدى عهود النظام البائد، فالصوت العراقي في هذه الانتخابات هو الصوت الذي سيأخذ بثأر من ظلموا طيلة العقود الماضية، فصوت ابناء الشهداء والمقابر الجماعية لا يمكن ان يقدر بثمن.

خامسا: رسالة العدالة للأنسانية جمعاء : العالم يترقب العملية الديمقراطية بحذر شديد لنتائجها، فالصوت العراقي هو الذي سيحسم أستقرار وسلام المنطقة والعالم باجمعه، فالاهتمام العالمي بنتائج مايقرره الصوت العراقي يدل على هذه الحقيقة، فقائمة نخب الشهداء والمحرومين(555) التي سيعكسها الصوت العراقي الحاسم، سوف توصل رسالة مفادها، انه كما كان الخير في السيد السيستاني هذا الخير الذي نال أعجاب الانسانية جمعاء، سوف يدرك ان الخيربتحالفه الاستراتيجي مع أبناء المرجعية، فالعالم المتمدن بعد ان عاش التجربة الناجحة مع الاسلاميين الاتراك فهو يتطلع الى تكرار تلك التجربة في مرحلة مهمة تمر بها الانسانية، فالصوت العراقي الحاسم المساند لابناء المرجعية سوف يساهم بنقل تلك الرسالة الصادقة للعالم بأجمعه وبلا شك الصوت الذي يحمل تلك الرسالة هو صوت لا يقدر بثمن.

الايام المقبلة هي ايام حاسمة في بروز عراق جديد،يختلف كليا عن الماضي التعيس لوادي الرافدين، هذه الصفحة السوداء ستنطوي، بصوتك ايها العراقي، فلا تبيعه بابخس الاثمان، انه صوت الارامل التي فجعت بثكالى أبناءها، انه صوت البتامى الذين طمروا في غياهب السجون والمقابر الجماعية، أنه صوت المحرومين الذين حرموا من خيرات العراق العظيم، والتي لا يمكن التمتع بها مرة أخرى،الابصوتك أيها العراقي الذي لا يقدر بثمن.

صلاح التكمه جي