يعتبر الأرهاب من أهم المشاكل التي تواجه العالم المتحضر، كونه كمصطلح -أي الأرهاب- يحوي بدواخله سلسلة من الديناميكيات المعقدة التي مازالت محط أهتمام الباحثين وعلماء السياسة.
الأرهاب كمفهوم ليس أقل تعقيدا من شرحه كمصطلح، كون ديمومة المنظمات الأرهابية تعتمد بالدرجة الأساس على أعمالها الأرهابية، لذا فهي لا تعيش أو تدوم بلا فعاليات أرهابية، والتأريخ زاخر بالمنظمات أو المجموعات التي بدأت، ولم تستطع أكمال مسيرة الأرهاب وتنفيذ الفعاليات الأرهابية بما فيه الكفاية لضمان أستمرارها.
لحد الأن لم يوجد حل سحري لمقارعة هذه الآفة الفتاكة بالرغم من أهميتها؛ فتعتبر المؤسسات المضادة للأرهاب(counter - terrorism) هي الوحيدة التي تعمل بطريقة فعالة لعلاج الحالات الآنية التي تنتج من قبل الفعل الأرهابي، وكذلك الهيئات التي تعالج المشاكل بطريقة أكاديمية (think - tank) لكن ماينتج عن عمل المؤسسات المضادة للأرهاب، يؤثر سلبا في الحريات المدنية ويقيدها، محدثا حالات من الفوبيا وهلع الجماهير، أو على الأقل فرض حالة من القلق الجماهيري. لذلك نجد أن المجموعات الأرهابية دائما تسبق المؤسسات المضادة للأرهاب بخطوة على الأقل، لأن دور المنظمات الأرهابية هو الفعل، ودور المؤسسات المضادة للأرهاب هو رد الفعل. وبما أن هذه المؤسسات تعالج الحالات الناتجة عن الأرهاب، أو تحاول منعه في أكثر تقدير، فهي بذلك لا تعالج المشكلة من أساسها، بل تتخذ النتائج ذريعة لفعالياتها. كمثل الجسد الذي فيه حمى، فتعالج الحمى وتترك أسبابها، لذلك تبقى الآفة الأساسية كما هي بدون علاج.
لشرح معالم مصطلح معقد كالإرهاب، يجب أن نتحدث بعمومية وحذر شديدين، كون الخلط بين المصطلحات ولغة الاستعارة قد تكون غير ميسورة في مسألة شرح هكذا مفاهيم.
شرح مفهوم كالإرهاب، يحتاج الى منظومة لغوية جيدة ومفاهيم سياسية كأدوات معيارية لنقوم بالعمل، وكذلك قوانين وقواعد متفق عليها أو أنظمة سياسية ذات دقة وخبرة طويلة، حتى نجنب أنفسنا المتاهات والكلام الفارغ الذي يتكاثر على رفوف المكتبات دون أن يغير من الواقع شيئاً.
يعتبر مفهوم الإرهاب، أو على الأقل اصطلاحه "نقيضة لغوية" من الصعب تحديد أبعادها دون سبر أغوار المتعلقات والمخلفات التي تنتج عن مجمل أسباب ونتائج الأفعال التي استخلصت المفهوم، كون القيمة التفسيرية ستخذلنا دون ربط مجموعة من السمات والمراحل الديناميكية.
ربما نستطيع تعريف مفهوم الإرهاب بأنه منهج سياسي يستخدم العنف وسيلة، أو ينتج الهلع والخوف في نفوس المدنيين لجعل قوى سياسية معينة ترضخ لمطالبها؛ وذلك بالضغط على البنية أو التركيبة المدنية أو معاقبة الضد أو فرض حالة معينة؛ سياسية، دينية أو اجتماعية على مجتمع معين.
يعتبر الأرهاب من الحالات التي تكررت في التاريخ الكلاسيكي والمعاصر وتعتبر ممارسته حالة ملازمة لكل الحقبات الزمنية بأشكال مختلفة.
ان افعالا كالاغتيالات والخطف والتفجيرات والقتل الجماعي والتخويف، كلها من سمات الإرهاب أيا كان شكله. والإرهاب يجب أن يكون منظما من قبل جماعة أو منظمة تنتهجه ضد مدنيين، كذلك هنالك إرهاب الدولة كالإرهاب التركي ضد الكورد والإرهاب الأسرائيلي ضد الفلسطينيين، ألذي يعتبر إرهابا منظما ضمن أيديولوجية لإبادة عرق أو أضطهاد شعب. بينما نجد أن مفهوم الإرهاب يستخدم من قبل الولايات المتحدة كتهمة جاهزة تطلق عشوائيا على أية مجموعة تعمل ضد مصالح الولايات المتحدة فحسب.
يذهب بعض المفكرين الأوربيين ذوي نزعة الاستقلالية عن سياسة الولايات المتحدة إلى القول مثلا "لماذا نعدّ بن لادن عدوا مادام لا يهاجم مصالح بلداننا أو يستهدف مصالحنا إجمالاً؛ فأنا لست أمريكيا، وبن لادن لايستهدفني، فلماذ أعتبره عدوا إرهابيا؟ ربما الأمر ليس بهذه السهولة، فهناك نظرية للعقد السياسي والعلاقات الدولية مثلما هناك منظومة اجتماعية تلزم الفرد باتباع قوانينها والانصياع الى أوامرها في حدود الواجبات والحقوق، وإن أساءت الولايات المتحدة الأميريكية استعمالها كنظام عادل. إن قيام الولايات المتحدة بالحرب الباردة نيابة عن المجتمع الليبرالي الغربي له وجه آخر، ولا يمكن أن يكون بنفس الأبعاد بعد انتهاء الحرب الباردة، فأوربا مثلا لن تفوض الولايات المتحدة لتقوم بالحرب على الإرهاب لأجل القيم الليبرالية التي لم تعد الولايات المتحدة وحدها ممثلة شرعية لها.
يعتبر التاريخ الحديث متأثرا بالبنيوية السياسية، أو أستنباط فكرة الدول القومية والمجتمع المدني بأفكاره وقيمه المختلفة، من ثيوقراطيات عفى عليها الزمن لها جذور أوربية تمتد الى القرن الخامس عشر، والأستعدادات المنهجية لتبديل المذهب الأرسطي وأنهاء حقبة فلسفية سياسية عمرها عشرات القرون.
ان التيارات السياسية في المنهج الأوربي قد تغيرت جراء التطورات الحديثة في العلوم الاجتماعية والإنسانية داخل محورالفكر الأوربي، ولقد تخلت عن المركزية الأوربية تحت وطئة اكتشافها لثقافات مغايرة في الرؤى السياسية والمنطق، وكذلك تأثيرمخلفات الحرب العالمية وتأثيرات الحرب الباردة؛ وإن التيارات النقدية في النظرية السياسية قد تشكلت وبطرق مختلفة، مما منح نزعة المركزية الأوربية شكلا أخر بعد الحرب الباردة.
إذا كانت العولمة قد تخطت الحدود وعبرت القارات وأخرجت التكنولوجيا والنظام الأقتصادي الغربي من الحدود الأقليمية، فإن منظمات إرهابية كالقاعدة مثلا قد تخطت الحدود الأقليمية أيضا، وأصبحت منظمات عالمية دخلت أبواب النظام العالمي الجديد، لتكون ندا يستنبط منه قطب ما، مقومات الوجود والسيرورة بعد زوال الند الأقدم بانهيار الأنظمة الشيوعية في أوربا.
"هنالك تعارض في استخدام العنف في بعض الأحيان، في حين يكون الإرهاب دائما غير قانوني ، هناك بعض الحالات التي تحتاج العنف لمقارعة الإرهاب والتفوق عليه" . يعتبر مفهوم الإرهاب في عصرنا هذا سمة تطلق على أية مجموعة تعمل ضد سياسات الولايات المتحدة ومصالحها بغض النظر عما تطالب به، وماهي الأهداف ومدى شرعيتها وفق القيم والأخلاق السياسية التي تسعى إليها، ربما يكون الهدف غير أرهابي، لكن الوسيلة اليه أو السبيل هو الذي يؤثر على سمعة المجموعة.
لقد استطاع الأيرلنديون في حرب الأستقلال ضد بريطانيا وعلى مدى سنوات إنتاج الأسلحة الجرثومية أو الدمار الشامل، لكنهم أبوا أن يستخدموها كون ذلك يؤثر في سمعتهم السياسية النضالية ويسحب منها الشرعية، كذلك الكورد وعلى مر العصور التي ناضلوا فيها من أجل الحرية والاستقلال الذاتي أبوا أن ينتهجوا طرقاً إرهابية تؤثر في شرعية نضالهم لدى الرأي العام العالمي الذي ضل ساكتا طوال هذه العصور. الرأي العام العالمي الذي ينتهج مفهوم الديموقراطية ويعتبره ندا للأرهاب، محاولا نشر مفاهيم الليبرالية في باقي أرجاء العالم.
يشكل التخبط الناتج من فشل الثيوقراطيات في إيجاد أجوبة لأسئلة الأنسان الخالدة نوعا من الفشل أمام سرعة تطور التكنولوجيا، لذلك نجد الأديان ورغم أستقطابها لعدد هائل من البشر على هذه المعمورة، تشكل ثقلا يرتبط بالقيم التي لا تتقبل كل شيء بسهولة، وتقف بالند ضد الأفكار التي لا تفسير لها في اليوتوبيات، فنحن على أبواب عصر جديد من الأكتشافات، أعتبارا من الأستنساخ البشري مواكبا للأكتشافات العلمية الأخرى في علوم الفضاء.
- يعتبر الأرهاب ظاهرة مرتبطة أرتباطا جدليا بمفهوم الأغتراب، فالمغترب فردا كان أم جماعة، يحاول تسريب حقده بشكل أو بأخر ليؤذي المجتمع الذي لا يشعربأي أنتماء اليه، مكللا بوعود في مجتمع أفضل، فيه نوع من العدالة التي يفتقر اليها اللامنتمي
لست أفهم لحد الأن كيف يمكن لعقل صالح للعمل بأن يفكر بقتل نفسه أولا!! وبعدها يأتي الحديث عن قتل الأخرين، لماذا يأتي شاب في مقتبل العمر ويحرم نفسه من الحياة الجميلة حتى في مشاقها، وأي نبي هذا الذي يعانق قاتل نفسه وقاتل الأخرين الأبرياء الذين لا ذنب لهم، وليسوا أصلا طرفا في الصراع، اذا كان لنا تسميته اصلا صراعا!
إن مفاهيم الفكر الثيوقراطي تلغي نفسها فلسفيا بعدم فصل الدين الذي أنزل أساسا لأسعاد البشرية، بعدم التنأي من كذا أفعال وفصل السلطات وتغيير مفهوم الجهاد والأندماج الكامل في المجتمع المدني بما يتوافق مع القيم الأجتماعية وليدة الأيديولوجيات أساسا، وإن لم يكن هنالك خلل في التطبيق فالمفهوم بالأحرى محط تسائل! وإلا، فلماذ يتم تشويه مبدأ جميل أنزل أساسا لأسعاد البشر؟
نحن أمام حالة صعبة جدا، وصعوبتها تكمن في فشل السبل لمعالجتها وعقوبة الجاني، لأنه يعاقب نفسه أولا بقتلها! فكيف لأحد أن يعاقبه بعد هدر الروح؟ يبقى أن تركز السلطات المعنية على الأرشاد الصحيح وتعليم هؤلاء الضالين بأن قواعد وقيم الأديان لا تسمح بقتل النفوس؛ وإذا كان هنالك أي دين يبيح هذا، فستصبح شرعيته معرضة للمسائلة الفلسفية.
* صرح بعض الذين كانوا مشروع تفجير بأنهم وعدوا بأربعين حورية في الجنة، وأن النبي (ص) سوف يعانقهم أذا ما قاموا بتفجير أنفسهم
كاتب المقال صحفي كوردي مقيم في أستراليا.
دبلوم عال في الدراسات الدولية- جامعة أديلايد
[email protected]




التعليقات