لا نعرف سبب الاستغراب والقلق المبالغ فيه من بيان التهديد بحجب الثقة عن الحكومة الأردنية، فهو أولا حق للسلطة التشريعية لا يحتاج لتبرير أو تعليل فالسلطات السيادية سلطات تقديرية 0 ثم ان الحكومة هي احد فروع السلطة ومثلما يسقط ثلثي النواب عند إعادة ترشيح انفسهم في انتخابات جديدة، فلا يسأل الشعب لماذا لم يصوت لهذا أو ذاك، كذلك بنفس المقياس، فسقوط الحكومة أي حكومة في الثقة البرلمانية حق للشعب الأردني،الذي أوكل هذه المهمةلمجلس النواب بالإنابة عنه في مراقبة الحكومة، وتقويمها والطلب من جلالة الملك راس السلطات باستبدالها اذا كان فياستبدالها مصلحة حسب تقدير أعضاء المجلس وهي سلطة شرعية جماعية لا يجوز ان نشكك فيها وإلا نشكك في أنفسنا ودستورنا ونظامنا السياسي 0
لا يجوز الخلط بين الحكومة كسلطة وبين النظام الذي هو محل إجماع واحترام وتقدير الشعب الأردني ، ولا يجوز كذلك الخلط بين الموقف من الحكومة وبين المصلحة الوطنية ، فالمصلحة الوطنية تقتضي أحيانا استبدال الحكومات من قبل جلالة الملك وكذلك من قبل مجلس النواب 0
والقول ان هذه الحكومة حكومة الملكفي تأويل في غير مكانه، فالشعب هو شعب الملك والمجلس مجلس الملك والكل للملك والملك للكل، وقد أوضح جلالة الملك ان الخلاف بين الحكومة والمجلسأمر طبيعي يتحمله النظام السياسي الأردني الناضج دستوريا والدستور يتكفل بحل أي خلافات بين السلطات 0
الأمور الدستورية في الأردن واضحة والمصلحة الوطنية ليست مرتبطة بحكومة بعينها و إسقاط أي حكومة من خلال الحقوق التي منحها لنا الدستور هو تطبيق للدستور،فلماذا نقلق ونخشى ذهاب الحكومة؟ التي ستذهب أجلا أم عاجلا وقد لا يكون من المصلحة الوطنيةان نهدر سنوات في تجارب فاشلة0
بل أني اقدر ان إسقاط الحكومة من قبل المجلس فيه مصلحة وطنية أولها كسر الحاجز النفسي الذي نعيشه تجاه الحكومات والفصل بين الحكومة والنظام وهو يشكل درسالنا جميع في فهم بنية نظامنا السياسي ، فضلا عن هذا الأمر يضع علىالحكومة القادمة معالجة الأمور معالجة موضوعية والالتزام بواجبها ويصبح أمر تشكيل الحكومة أو المشاركة فيها لا يتصدى لها الا لمن يطمئنالى نفسه ويثق بقدرته على إرضاء وتحقيق مطالب الشعب، وليس كما هو الحال الآن حيث يعتبر المشاركة في الحكومة كمن أدركته ليلة القدر، ليحقق مصالحه الذاتية 0
نظامنا السياسي غير مرتبط بهذه الحكومة أو غيرها واعرق الديمقراطيات تسقط حكوماتها كثيرا ولنتذكر حكومات ايطاليا وأسبانيا وغيرها، بعضنا
لا زال يعيش في مرحلة ما قبل تقنيين الدولة، والدولة الأردنية دولة مستقرة وسقوط الحكومات أمر طبيعي ومنسجم مع الدستور وظاهرة ان لم تكن صحية فهي على الأقل ليست مرضية 0
التعليقات