رؤية إخوان الأردن للإصلاح.. أكثر من تساؤل؟

لا يمكننا اصدار الاحكام من الان على طبيعة مبادرة الاصلاح التي سيطلقها اخوان الاردن قريبا وسيقدمون خلالها رؤيتهم للديمقراطية والاصلاح في الاردن وفي المنطقة عموما.

لكن يحق لنا التساؤل فيما اذا كان الهدف والغاية من تقديم هذه الرؤية رغبة حقيقية بالإصلاح ام مجرد رسائل ايجابية لواشنطن وعواصم اوروبا ردا على ما دار من حوارات هنا وهناك بين رموز الإخوان الأردنيين من قياديين وحزبيين وبرلمانيين وحتى "اعلاميين " مع الأمريكيين والاوروبين.

نظرية الرسائل الاخوانية للخارج اكثر الاحتمالات اقناعا بالنظر الى ما ذكره الاخوان انفسهم في تصريحاتهم الصحفية حول شكل المبادرة التي ستجيب على بعض الاسئلة "الغريبة"التي طرحها الغربيون والأمريكيون في حواراتهم معا.

التساؤلات مبررة.. خاصة وان المبادرة المعنية تاخرت كثيرا وكان من المفترض ان تكون في وقت ابكر من ذلك بكثير.. على الاقل تزامنا مع مبادرتي الاصلاح التي قدمها الاخوان في كل من مصر وسوريا..

والشكوك حول نوايا الاخوان الحقيقية من اصدار هذه الرؤية اكثر واقعية عندما نعلم ان حزب جبهة العمل الاسلامي الذراع السياسي للاخوان والواجهة السياسية له كان اصدر قبل فترة وجيزة فقط رؤيته هو الاخر للإصلاح..فهل نفهم ان ثمة تضارب وتخبط ما بين اداء الحزب والجماعة..ام ان كلا من هما يمتلك رؤية مغايرة ومختلفة..؟
يبرر الاخوان بالقول انهم يعتبرون مذكرة الحزب مجرد مذكرة مطلبية لقضايا محددة لا تمثل رؤية الحركة الشاملة للاصلاح السياسي والديمقراطية.

الملفت ان مبادرة اخوان الاردن جاءت تباعا بعد مبادرتي اخوان مصر وسوريا مما يشير الى ان التنظيم العالمي للاخوان المسلمين يحاول تنظيم تحركات الاخوان تجاه قضية الحوار مع الغرب كلا حسب دوره الامر الذي يعني بالضرورة تسليم الاخوان بفكرة التقرب والحوار مع الولايات المتحدة.

الاكثر اثارة ان هذا كله ياتي في وقت تكشف فيه مادلين اولبرايت وزيرة الخارجية الامريكية السابقة عن دراسة حول امكانية اشراك إسلاميي الشرق الأوسط تحديدا في السلطة.

فهل توافق الاخوان داخليا على جدلية الدخول في السلطات وفق المنظور الامريكي في المنطقة للاصلاح والتغيير؟..وهل منح التنظيم العالمي للإخوان قواعده في البلاد العربية ضوءا اخضر للمشاركة في السلطة السياسية؟.

أسئلة كثيرة بحاجة الى إجابات ربما نجدها في نص الرؤية التي ستخرج إلى العلن قريبا الا ان ثمة ملاحظات مسبقة ينبغي الاشارة اليها..

أولها ضرورة ان يحتكم الاخوان لقاعدتهم الجماهيرية العريضة التي يتم تهميشها اليوم اكثر من ذي قبل وثانيها توسيع دائرة المشورة لتحديد صياغة جماعية للموقف بدل ان تنكفئ كل جماعة لوحدها على تحديد رؤيتها بشكل منفصل.


أعتقد أننا اليوم أمام موجة نخشى أن تفرغ من محتواها ان لم تكن مبنية على اسس سليمة بعيدا عن الاستعراض الاعلامي او توجيه الرسائل لهذه الجهة او تلك.

اذا كانت هذه المبادرة اعلان رسمي من الاخوان لشكل مشاركتهم في السلطة مستقبلا فلا بد من تحديد شكل هذه المشاركة وهويتها واسبابها ومبرراتها ولا بد ان يستحضر الاخوان بعض تجارب الاسلاميين في الحكم سواء في الجزائر او تركيا على اختلاف الظرف السياسي والمرجعيات ولا بد ان ياتوا بالجديد.


في الاحتكام للقاعدة الجماهيرية نتسائل مرة اخرى ثم هل تعكس هذه الرغبة بالمشاركة الاخوانية في السلطة رغبة شعبية وجماهيرية ايضا وإذا كان كذلك فاين هو دور المجتمع والقوى الشعبية والتيارات القريبة والمناصرة للاخوان من كل هذا؟

ثم ما مدى تكييف هذه الرؤية مع التطورات الأخيرة في الأردن وفي المنطقة عموما؟
وهل هي نتاج التغيير في الرؤية الاخوانية للأمور وما المراد بالمشاركة أصلا


وهل يمكن ان يترتب على اساها بعض التعديلات في الوجوه والاسماء والمرجعيات الاخوانية في ظل صراع التيارات الاخوانية ما بين حمائم وصقور ووسط ذهبي وما الى ذلك من مسميات وتصنيفات اخوانية.

وماذا عن الخطاب الاخواني وفق هذه الرؤية الجديدة؟ هل يمكن ان يتم تعديل لغة الخطاب وبعض سماته؟

الإخوان اليوم اذا على مفترق طرق وهم يخوضون معركة التأقلم مع المتغيرات والانحناء حينا ورفع الراس حينا اخر والمطلوب منهم جماهيريا ان يكونوا اكثر وضوحا على الاقل امام قاعدتهم الجماهيرية فيما هم مقبلون عليه من مشاريع.