اجتمع القادة السياسيون العراقيون اليوم في بغداد في محاولة حل خلافاتهم في القضايا المهمة التي سيتضمنها الدستور الجديد. ومن ضمنها علاقة الدين بالدولة وقضية كركوك بالإضافة الى توسيع حدود اقليم كردستان. وكل هذه القضايا تهم المسيحيين بصورة جوهرية لا بل تقرر مصيرهم في العراق. والقرارات التي ستؤخذ في هذه الإجتماعات سيكون من الصعب جدا تغييرها مهما كانت الحجة قوية او كانت لها مبرراتها وخاصة إذا كانت تخص طرفا ضعيفا مثل المسيحيين والكلدوآشوريين.

فعلاقة الدين بالدستور ستقرر فيما إذا المسيحي في العراق سيكون مواطنا متساويا مع بقية اطياف الشعب العراقي ام سيكون من اهل الذمة. اما مطاليب الأكراد بضم سهل نينوى الى كردستان فإنه يعني ضياع آخر قطعة ارض يسكنها الكلدوآشوريون واعتبارها جزءا من كرستان اي(ارض الأكراد) بعد ان كانوا يحلمون بالإدارة الذاتية فيها. اما مسألة كركوك فإن حلها سيؤثر على الآلاف من الكلدوآشوريين الساكنين فيها بالإضافة الى نتائجها على مستقبل العراق كله.

ومما يثير الدهشة والإستغراب هو غياب التمثيل المسيحي والكلدوآشوري في هذه الإجتماعات المخصصة (للقادة الكبار). نعم القادة الذين يعتبرون أنفسهم اليوم كبارا لا يأخذون اي اعتبار للمسيحيين و(الكلدان الآشوريين السريان) اصحاب الأرض الأصليين بعد ان كانوا معا رفاق السلاح وسوية يدافعون عن الشعوب العراقية المظلومة.

وفي حين لم ينس السيد مسعود البارزاني أن يأخذ معه احد الإخوة التركمان للإجتماعات فإنه نسي او تناسى بأن الكلدوآشوريين لا زالوا موجودين داخل العراق وإنه انما يطالب بارضهم التاريخية ويتفاوض على حقوقهم الدستورية فيأخذ معه احد المسيحيين الموجودين في برلمان كردستان. فهم،اي الأكراد، يجلسون ويتقاسمون اراضيهم ويساومون على حقوقهم من دون ان ان يدعوا احد المسيحيين الكلدوآشوريين حتى للإستماع فقط.

إن الأكراد لا يريدون ان يكون هنالك ممثلا للمسيحيين هناك كي يكونوا احرارا في التفاوض مع الأحزاب الشيعية على الحقوق الدينية ومبادلتها بصفقات قد تجري على حساب اراض جديدة ومن ضمنها ارض الكلدوآشوريين في سهل نينوى. وبذلك يكونون في منأى عن عيون الرقيب الذي يعرف اسرار الصفقات التي ستعقد من وراء المسيحيين وحقوقهم الإنسانية والدينية وكذلك الكلدوآشوريين وحقوقهم القومية والإدارية او يتخلصون من صاحب الرأي الذي انما يصعب فقط من مهمتهم.
اما الاحزاب الشيعية عموما والإسلامية بوجه الخصوص فإنها تتعمد عدم ذكر المسيحيين والإلتقاء بهم تجنبا وخوفا من ان يأتي لذكر حقوقهم ويصبحوا عائقا امام تأسيس الجمهورية الإسلامية العراقية. لذلك لم يدعى احد من المسيحيين المنتخبين ان كان من ضمن لجنة كتابة الدستور او من خارجها للإنضمام الى الإجتماعات ومناقشة بعض القضايا التي تهمه اكثر من غيره وخاصة المتعلقة بالدين.

لدى المسيحيين ممثلان في لجنة صياغة الدستور التي من واجبها تقديم مسودة الدستور الجديد الى الجمعية الوطنية وكان امل المسيحيين ان هذين العضوين سيدافعان عن حقوقهم ويوصلوا صوتهم ومطاليبهم الى الجمعية الوطنية لكن على ما يبدو أن القضايا الهامة ستحل من دونهم والملفات الساخنة سيجري البت بها بمعزل عنهم. وبالنتيجة فإن وجودهم في لجنة كتابة الدستور لا معنى له عمليا لأنه ما عليهم إلا ان يقولوا "موافج".
انه من الأفضل والحالة هذه هي ان يعلنوا انسحابهم من لجنة كتابة الدستور التي لا اهمية لها وكي لا يعطوا الشرعية لأي دستور يهضم حقوقهم القومية او يعتبرهم مواطنين مسيحيين من الدرجة الثالثة او الرابعة بعد الشيعة والسنة والعرب والأكراد و.......