مفاعل ديمونة النووي الإسرائيلي الذي يقع وسط صحراء النقب جنوب فلسطين في منطقة قريبة من الحدود المصرية والحدود الأردنية يشكل خطراً على المنطقة بأكملها لأسباب ثلاثة وهي :
الأول : في حالة تعرضه للخطر سواء من الخارج أو الداخل.
الثاني : بما ينتجه من أسلحة الدمار الشامل التي تهدد شعوب المنطقة العربية بأكملها بل يمتد تأثيرة الى خارج نطاق المنطقة العربية.
الثالث : بحجم النفايات والمواد المشعة الناتجة والتي يجب التخلص منها بطرق شتى.
وجميع الأسباب السالفة الذكر تهدد حياة البشر والبيئة الطبيعية والأمن والسلام العالميين.
والسؤال الذي يفرض نفسه هو لماذا تريد إسرائيل إمتلاك مثل تلك الأسلحة النووية ؟
تقول معظم التقارير عن هذا المفاعل النووي أنه قد زود إسرائيل بأكثر من 200 رأس نووي جديد، وهنا نتساءل هذه المعلومات هل نستطيع أن نؤكدها من مصادر دولية موثوقة أم نصدقها على علاتها.

دعنا نبحث في الأمر ونعمل التفكير قليلاً، المعلومة تقول 200 رأس نووي وهنا من واجبنا أن نتساءل ماهو حجم الدمار الذي سوف تحدثه القوة التفجيرية لهذا العدد الهائل من الرؤوس النووية ولنعود الى التاريخ لنجد أن العالم لم يستخدم القنبلة الذرية إلا مرتين فقط على هيروشيما ونجازاكي وكان حجم الدمار من القنبلة الواحدة هائلاً ومدمراً ومازالت اليابان والعالم يتذكر الحدث كل عام.

وكثيراً مانسمع عن خطر مفاعل ديمونة لأسباب منها التقادم حيث أنشيء في عام 1963م وأن العمر الإفتراضي لهذا المفاعل هو 30 سنة مما يتوقع تسرب إشعاعات نووية منه في أي لحظة ليشكل كارثة للمنطقة تذكرنا بكارثة تشيرنوبيل الروسية. أو لعدم تزويد السلطات الإسرائيلية المفاعل بأبراج تبريد منذ عام 1971م.
وهنا نود أن نعمل التفكير أيضاً في مثل المعلومات التي وردت أعلاه المعلومة الأولى تقول أن العمر الإفتراضي لهذا المفاعل هو 30 سنة وهنا سنناقش عدة أمور منها
أولاً : إن العمر الإفتراضي قد إنتهى ولم يحدث شيء فنحن الآن في عام 2005م أي أنه قد مضى إثنان وأربعون عاماً وهذا يعني إن معلومة العمر الإفتراضي هي معلومة خاطئة يجب أن لانستند إليها في تقاريرنا أو معلوماتنا.
ثانياً : إن التشبيه بكارثة تشيرنوبيل هو إفتراضي خاطيء وذلك لأن الدول تهتم بسلامة سكانها قبل أن تهتم بسلامة أعدائها فمن باب أولى أن تهتم إسرائيل بسلامة شعب إسرائيل وهذا أمر طبيعي وخصوصاً إسرائيل.
ثالثاً : إن معلومة عدم تزويد السلطات الإسرائيلية المفاعل بأبراج تبريد منذ عام 1971م هي معلومات خاطئة لأن إسرائيل قادرة على ذلك مادياً وتقنياً. كما أن مساحة فلسطين هي مساحة صغيرة وهذا يعني إن أي تسريب إشعاعي لابد أن يتعدى حدود فلسطين الى الدول المجاورة وهذا يعتبر مثابة إنتحار لإسرائيل إذا أقدمت على مثل هذا العمل فهي وجدت لتبقى لا أن تدمر نفسها بنفسها.

وكثيراً مانسمع أن إسرائيل ترفض التفتيش الدولي والتوقيع على معاهدة حظر إنتشار الأسلحة النووية وهذه معلومات إذا ماكانت صحيحة فهي لأن إسرائيل بهذا المفاعل تريد أن تحيط نفسها بهالة من القوة لإرهاب الدول العربية وشعوبها نفسياً حتى لاتفكر أي دولة في الإعتداء عليها.

وتقول رابطة العلماء الأميركيين أن تقديرات المخابرات لقدرات "إسرائيل" النووية في عام 1990م كانت تشير إلى امتلاكها ما يتراوح بين 75 ـ 130 سلاحاً نووياً ويبلغ المعدل السنوي لإنتاج البلوتونيوم في المفاعل «20» كيلوغراماً حيث أن الدولة العبرية في الوقت الراهن هي الدولة الوحيدة التي تمتلك أسلحة نووية في المنطقة ولكنها ترفض الاعتراف بملكية هذه الأسلحة.

أما المعلومات الواردة أعلاه فتفتقر الى الدقة لعدة أسباب ومنها أن رابطة العلماء الأمريكيين لم تحدد من هي الجهة الإستخبارية التي أمدتها بمثل هذه المعلومات، كما لاتوجد أجهزة إستخبارية تستطيع أن تتجسس على إسرائيل وخصوصاً في مثل هذا الموقع ولاسيما أن قضية فونونو الذي قضى بموجبها 18 عاماً في السجن لمجرد تصريحات صحفية وكيف إن إسرائيل إختطفته وأعادته الى إسرائيل.

كما أن باقي المعلومات الواردة يمكن العودة الى أول المقال لتفنيدها. عوضاً عن المعلومات التي لابد أن تحظر على مثل هذه الرابطة أن تبثها حسب القوانين الأمريكية.

وأنشأت دولة إسرائيل مفاعل ديمونة عام 1963 بمعونة من فرنسا التي كانت تربطها بها آنذاك علاقات تعاون وثيقة وبتمويل من الولايات المتحدة ومساعدات متعددة من بينها نقل بعض اليورانيوم المخصب.

أما المعلومات الواردة أعلاه فقد تكون صحيحة ولكن في حدود الحجم الصغير لعمل التجارب المعملية أو لإستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية وهذا يعتبر حق ومطلب شرعي لكل الدول إن أرادت أو إستطاعت إستخدام ذلك.

وهنا يتبادر الى الذهن سؤال مهم للغاية وهو لماذا إسرائيل منذ العام 1963م وهي تفكر بطريقة إيجابية ؟ ثم لماذا لم تقوم أي دولة عربية بما قامت به إسرائيل ؟
وهنا يجعلنا نبدي إعجابنا بالتقدم الذي يحظى به بلد يعتبر حتى هذه اللحظة عدو لمعظم الدول العربية والإعجاب بالعدو لايعني تأييده ولكن يعني الإستفادة من أفكاره والإستعداد الجيد له.
وتعتبر دولة "إسرائيل "القوة النووية الخامسة في العالم فبالإضافة إلى القنابل النووية التي يمكن إلقاؤها من الجو. تتضمن الترسانة النووية الصهيونية أيضا رؤوساً نووية يمكن إطلاقها إلى مسافات تصل حتى «1500» كيلومتر باستخدام صواريخ «أريحا» الإسرائيلية الصنع.

أما المعلومات الواردة أعلاه لانستطيع تأكيدها أو نفيها ولكن إن كانت صحيحة فهذا يعني مدى التطور الذي تحظى به إسرائيل مقارنة بقدرات العالم العربي مجتمعة سواء من ناحية أنها قوة نووية أو أن لديها ترسانة أسلحة متطورة أو حتى إمكانية إمتلاكها الى صواريخ هي تصنعها بنفسها وبالتالي تستطيع أن تبيع منها ماتشاء ولأي دولة تشاء وهذا مايجعلها متطورة تقنياً الأمر الذي يجعلها قوة إقتصادية لأن من يدخل هذا المضمار يعتبر من الكبار.

وذكرت «يديعوت أحرونوت» في عددها الصادر في 27 فبراير 2002م أن ايفي ايتام وزير البنية التحتية أصدر تعليمات للشروع في بناء مفاعل نووي جديد في صحراء النقب جنوب "إسرائيل" يخصص للأغراض المدنية وأضافت الصحيفة أن المسئولين يتوقعون بدء إنشاء محطة الطاقة النووية بعد سبع سنوات على أن يتم تشغيلها عام 2020م بفرض توليد الطاقة بكلفة نصف مليار دولار على الأقل. وقال الوزير ايتام «إن إنشاء محطة الطاقة النووية سيكون بالنسبة لإسرائيل بمثابة صعود درجة إضافية فيما يتعلق بقدرتها على ضمان استقلاليتها في توليد الكهرباء».

ومن الخبر أعلاه لابد أن نأخذ الدروس والعبر من دولة قامت بيننا وإحتلت أرضنا وتفوقت علينا في كل شيء فمتى سنحقق طموحات شعبنا ونصبح قادرين على اللحاق بركب التطور العلمي حتى نصبح دول مؤثرة في المجتمع الدولي وقادرين على أن نعيش بكرامة كباقي الدول لا أن نبقى في الخيام إما لاجئين أو مشردين أو المعذبين في الأرض

مصطفى الغريب – شيكاجو