محالفة الاخوان المسلمين.. بين النظرية، والممارسة السياسية!
ان أهل القلم والرأي والفكر في السياسة أشبه بمهندس التخطيط.. أما السياسيون الممارسون.. فهم أشبه بالمهندس التنفيذي....، فأهل الرأي والفكر هم أصحاب مباديء نظرية ثابتة، مخطوطة.. أما المهندس التنفيذي فمطلوب منه.. مثلا.. تسليم مدينة كاملة بعماراتها بشوارعها بمرافقها بشققها.. علي المفتاح.. وهو عند تنفيذ ما هو مخطوط علي الورق بمعية مهندس التخطيط.. قد يفاجأ بأشياء ومواقف وظروف لم تدر ببال ولا بعلم مهندس التخطيط.. ومطلوب منه العمل.. الانجاز.. وهنا لا مفر أمامه سوي الخروج عن الخط المرسوم - النظري - وتحمل المسئولية.. حسب الواقع الميداني الذي أمامه واما أن ينجح باجتهاداته وينال الثناء والتصفيق.. واما أن يفشل وتصب عليه اللعنات، الا أنه لابد أمامه من أن يعمل ويتصرف، باعتباره رجل عمل لا رجل تفكير وتنظير وقول أو تخطيط بالكتابة..
ومن حق رجل الرأي أو الفكر، أي يصيح عند خروج رجل التنفيذ عن الخط وينبه ويحذر من الخطورة المنتظرة لذلك، ومن حق وواجب رجل التنفيذ أن يستمع ويراجع أو لا يستمع ولا يراجع وينطلق في طريقه لأجل العمل والانجاز..
ومن المعروف أن السياسة فيها مثل ما في الحرب : تكتيك - مؤقت -، واستراتيجية - ثابتة -..
فقد يضطر السياسي لاجراء تحالفات سياسية تكتيكية مؤقته مع غرماء، أو أعداء..، ويقبل أعداؤه التحالف المؤقت معه..
وكل منهما يعلم أنه تحالف مؤقت ماكر، وكل منهما يعلم أنه مضطر لمثل ذاك التحالف، ورغم مرارته الا أنه في حاجة اليه لزوم النجاح، ولزوم الخروج من عنق زجاجة، ولأجل الخلاص من عدو أخطر، وبعدها ينظر في أمر عدوه الأقل خطرا، وهل سيستمر
التحالف معه ؟ والي أي مدي ؟ أم ستبدأ معركة الحسم.. التصفية النهائية ( بلغة أهل الدورات الرياضية )، أم أنه سيتمكن من ترويض هذا العدو واستئناسه وتحويله، وادخاله الي حظيرته..
وقد جربت أحزاب معارضة، التحالف التكتيكي مع الاخوان باعتبارهم - أي الاخوان المسلمون - فرس يراهن عليه الكثيرون.. مثل حزب العمل الذي من المفروض أنه حزب علماني.. وظنوا أنهم سوف يمتطون ظهر فرس الاخوان لحين وصولهم الي السلطة
فاذا بالاسلاميين يذيبون هذا الحزب العلماني بداخلهم اذابة، فأطلقت قياداته اللحي، وتغيرت جلودهم وسحناتهم وراحت هويتهم..
بعكس ما فعله عبد الناصر، الذي تحالف مع الاخوان المسلمين في بداية استيلاء حركة الضباط بقيادته علي السلطة، ولكنه كان يرقب عن كثب تحركات ذيل الاخوان المسلمين، وعند أول حركة للذيل ناحيته انقض عليهم علي الفور ومحقهم شر محقة..
ان تقارب كل من حزب الوفد، وحزب الغد – أو تقربهم الي - مع الاخوان المسلمين، أصاب الكثيرين من اليسار واليمين بالغضب وربما الرعب،، وهؤلاء محقون، فاللعب مع ثعبان لعبة خطرة شديدة الخطورة، فاما أن، يتمكن اللاعب من نزع أنياب الثعبان مثلما فعل عبد الناصر، واما أن يتثعبن، ويسكن جحر الثعابين كما تثعبن حزب العمل..
ونعتقد في أن خطورة اللعبة تشتد كلما طال أمدها فان طال عمر التقارب أو التحالف، فانه في الغالب ستكون الغلبة للثعبان، أما اذا كان التحالف سريعا وقصيرا فمن المكن أن يحدث العكس
والسياسي في حالات كثيرة يجد نفسه، أو نجده مثل لاعب السيرك يقف فوق سلك عال مرتفع كثيرا عن الأرض ومطلوب منه أن يقفز عاليا في الهواء ثم ينزل واقفا علي قدميه.. وهنا نصفق له.. أو يخفق فيسقط علي الأرض فتدق عنقه، فيؤلمنا ويبكينا عليه
ومن حق السياسي عندما يجد نفسه مضطرا، أن يلعب مثل تلك اللعبة، وأن يفقز مثل تلك القفزة..
والآن : بعد أن لعب كل من " نعمان جمعة"، و " أيمن نور " مثل تلك اللعبة وقفزا تلك القفزة..
من منهما الذي سيتثعبن، و يدخل جحر الثعابين.. ؟ ويسقط..؟!
ومن منهما الذي سينزل واقفا علي قدميه ؟
هذا ما سوف تكشف عنه الأيام...
التعليقات