ما يُستغرَب من حديث النائب السابق لرئيس الجمهورية عبد الحليم خدام لفضائية العربية نزوعه نحو لغة الشرف والفروسية وهو الفاسد ابن النظام الفاسد على مدى يزيد على أربعين عاماً نأت خلالها سورية عن أن تكون دولة حق، وناءت بما حمّلها خدامُ وزملاؤه من أعباء الفقر والتجهيل وسياسات البطش الشمولية. وفي هذا الحديث ذهب خدام إلى اتهام زملائه بالإثراء الفاحش من دون أن يشير إليهم بالاسم، وإن أشار إلى الدائرة القريبة من النظام، ونسي أنه أحد الذين أثروا ثراء فاحشاً في ظل الحكم البعثي .
ورفضي، كما هو حال الكثيرين، لحديث خدام لا يأتي في إطار الدفاع عن نظام أصابته الشيخوخة، وإنما في إطار وضع الحقائق مكانها. على أن ما هو مهم في هذا الحديث هو دلالته، فهذا ركن من أركان نظام أرعب سورية في فترة ماضية، وهو نفسه الذي قضى على ربيع دمشق، وهو الذي رافق الرئيس الراحل حافظ الأسد في مراحل حياته السياسية كلها، وخروجه اليوم على هذا النظام لا يبشر بالخير له، للنظام، بل يدق ربما المسمار الأخير في نعشه. ويذكرنا أيضاً هذا الخروج أو الانقلاب بخروج وانقلاب صهري الرئيس العراقي السابق وغيرهما عليه.
وليس من جديد في ما ذهب إليه النائب السابق، فالشارع السوري ومن خلال أزمته الاقتصادية يعلم جيداً أن الذين أفقروه هم خدام ونظامه، غير أن الجديد، هو في فضح البعثيين بعضهم بعضاً، وعلى رؤوس الأشهاد، والجديد أيضاً أن هؤلاء هم البعثيون الذين سرقوا الوطن وهم اليوم الذين يقومون على بيعه. المضحك هو ما ظهر في مجلس الشعب السوري، فأين كان أعضاؤه من فساد خدام قبل انشقاقه على نظامه، لماذا لم يذهب هؤلاء quot;الشرفاءquot; إلى طلب محاكمته يوم دفن النفايات النووية طالما أنهم يمثلون الشعب، ولماذا لم يتنادوا إلى محاكمته يوم سرق ما كشفوا عنه، مليار ومئة مليون دولار، ولماذا لا يذهب هذا المجلس quot;العتيدquot; إلى محاكمة مَن هم على رأس عملهم ينهبون ويسرقون، أم تراه حقاً مجلس دمى بحسب وصف البعض له؟ لماذا يعيب البعثيون عبر مجلسهم الهالك على خدام فساده اليوم ولم يعيبوا عليه هذا قبل اليوم، ولماذا لم يحاكموه، وهو بين ظهرانيهم؟ إن من يجب أن يُقدّم إلى المحاكمة ليس خدام فحسب وإنما حزب البعث بكامله، مع مؤسساته الخربة.. بهذا فقط يستقيم الحديث. ولا يستحق خدام أن يُمنح من المعارضين كتاب البراءة بقدر ما يستحق أن يُشنق مع أمثاله في ساحة المرجة الدمشقية عبرة للفاسدين في كل مكان وزمان سوريين.

ماجد رشيد العويد