ديمقراطية الاقصاء الانتخابي الاردني بقانون 1

التاريخ الاردني الحديث به قوانين انتخابية هوائية ساخنة لمجلس البرلمان مع كل دورة انتخابية حقيقة. و قانون الانتخاب هو احد كروت اللعب التى في العادة ما يلوح بها اي رئيس حكومة اردنية فور اعتلائه كرسي الرئاسة، اما ليظهر للغرب ديمقراطية حكومته، او يهدد ضمنيا المجلس النيابي بالحل،او يمرر رسالة الى الفعاليات السياسية و النقابية و غيرها بأنه الداعي الى الحريات و الديمقراطية واسبابا اخر كثيرة.

انه مثلquot; قانون الجزرة و العصا للسياسيين quot; و على شاكلة quot; الاستمرار او الحل للمجلس النيابي quot;، وبات يأتي لمكأفاة اشخاص عوضا عن مكافأة الوطن، فيعاد النظر فيه و كأن المطلوب برلمان يقبل بكل حكومة و بكل ما تعرضة الحكومات المتعاقبة.

1.اختراع القوانين سنه غير حميدة

قانون الانتخاب لا يُخترع و انما يُمارس من اليوم الاول في مدارس الحكومات الديمقراطية. و تكرار اصدار القانون الانتخابي و اجراء الانتخابات في فترات قصيرة يُكلف ميزانية الدول المال، و يأخذ من وقت الادارات الحكومية و يهدرها، و يجهد الطاقات.

المطلوب قانون لا يغلق الافكار الجيدة و لا يحرم الاشخاص الجيدين بالمشاركة و الترشح.قانون يمنح الحياة للدولة الاردنية و لا يقُتلها. ليس مطلوبا بأي حال من الاحوال قانون تفريخ quot; هتيفه quot; و مصفقين و نواب مصابين بانفلونزا الطيور السياسة. و بالطبع ليس مطلوبا العكس، اي برلمان يرفض كل حكومة، و لكن مطلوب توازن و مصداقية سياسية من خلال ديمقراطية فاعلة على اسس اقتصادية و منهاج بحث علمية و فكرية.

ان افضل القوانين الانتخابية هي التى تفرز بحرية مطلقة، و دون اقصاء لاحد، نوابا قادة في مجتمعات تنافسية لديهم الحاسة السادسة لاجراء التغيير المطلوب من خلال شروط الكفاءة للترشح والمقدرة على ادارة الازمات التى تتعرض لها الدولة من خلال اصدار تشريعات تؤثر ايجابيا على حياة المواطنيين و تجنبهم التعرض للازمة نفسها اكثر من مرة. قانون بلا شروط الجغرافيا و الدين و العرق و بلا اعداد quot;اولومبيةquot; ترهق ميزانية الدولة و تضيع الوقت في المناقشات و تكلف الخزينة المال في شكل سيارات و مياوامت ورواتب و سفر و جهاز عامل و غيره من المصاريف بلا حاجة و لا نتيجة.

أن مشروع اصدار قانون انتخاب quot;جديد quot; او quot;عصريquot; او نزيه quot; و غيره من مسميات الترويج التى يطلقها المرشح للمجلس النيابي في حملته الانتخابية، كان و لا يزال هو من اهم بنود المرشحين في الانتخابات النيابية.

2.الاستقرار الديمقراطي مرهون بديمومة القانون العادل

و يعتقد البعض ان تغيير قانون الانتخاب في كل دورة انتخابية او ربما كل عامين يعتبر مؤشرا على عدم الاستقرار الديمقراطي السياسي في الاردن الذي يتواكب مع تغيير الوزارات، او قد يكون بسبب الارتهان لمرحلة بعينها او ضعف في ادارة الحكومة او ربما صفقة سياسية ضمن العديد من الصفقات بين فئات السلطة التنفيذية و جهة التشريع.

و لا احد ينزعج من تغيير القانون الى الافضل ليتواكب مع العصر، و لكن بأي مفهوم يترجم العصر؟. و السؤال في الشارع هو ما الذي تغير ليتغير القانون؟، و هل القانون الحالي المطبق فاشل او سيء؟، و الى متى سيتم التلاعب بالاستقرار الانتخابي؟. و الى اين تسير عجلة القانون هذه المرة؟، و من هي اللجان و الاشخاص اللذين سيعهد اليهم بقرأة مسودة كتبت سلفا لاصدار القانون؟، خصوصا و انه لم يتغير شيئا على ساحة الاحزاب و الاسلاميين الذين شاركوا في اجتماعات سابقة او وصل اعتراضهم على قانون اسبق؟، و ما الذي وجدته الحكومة الجديدة تقصيرا او معيبا في القانون لتغيره؟، و هل سيحاسب واضعي القانون السابق في حال انه معيبا او فاشلا؟. و الحقيقة ان الذي يخيف المواطن أن الحكومة لا تزال تريد ان تجتمع و تدرس لاجل اصدار قانون اهٌلك نقاشا على مدار سنوات. فأين كل ملفات المناقشات و التوصيات و الاجتماعات التى كانت خلال السنوات الماضية و كل ما كتب في الجرائد؟.

لماذا اعادة اضاعة الوقت؟. هذا الحديث مُقلق للشارع السياسي...!!

3.القوانين الخاصة بالتمثيل الفلسطيني و المرأة

شاهدنا قوانين سمحت للفلسطنيين من عام 1948 بالانتخاب، و من حضروا للاردن لاجئين في 1967 و بعدها بعض من حاملي جوازات غزة، و ربما الان للعراقيين الحامليين للجوازات الاردنية لمدة عامين و غيرهم. و شاهدنا قانونا يبيح للمرأة بالتمثيل في البرلمان من خلال فقرات عجيبة و طريقة اعجب و اصواتا اغرب، و ثم تمثيل للشركس و المسيحيين من خلال مقاعد بعينها ينتخبهم المسلم و المسيحي و الشركسي معا. و يشكو البعض ان المقاعد المسيحية ربما لا تماثل النسب الحقيقية لتعداد مسيحي الاردن مقارنة بالمقاعد الاخرى للمسلمين. و لكن من ضمن ايجابيات القوانين الانتخابية السابقة ان جميع فئات المجتمع كانت منتخبة هناك في فترة او اخرى و شاركت باراء مهمة في حينها، و الان جاء الوقت الحقيقي لقانون انتخاب مُستمر و دائم، لا قانون اقصاء مؤقت.

و شاهدنا انتخاب البرلمان لمقعد شاغر بوفاة نائب من قبل البرلمانيين انفسهم، و انتخاب نواب الضفة الغربية من قبل نواب الضفة الشرقية. و رأينا على مدار التاريخ السياسي كل انواع الانتخاب و في كل قانون عكس ما يرد فيما قبله و شاهد المجتمع الاردني المجالس الوطنية الاستشارية المعينة. الا يعني هذا تخبطا في اصدار القوانين؟.ام انها ايجابية التعامل مع مستجدات و طلبات الحكومة؟ ام انها تجارب و محاولات ضمن معادلة quot;الصح و الخطاء الحسابية quot;؟. هل هنالك جرد لكل القوانين الانتخابية و نتائج الانتخابات و اهدافها و الى اين اوصلت الاردن؟ و كم كلفت الخزينة ماليا؟، في محاولة جادة للخروج من ازمة عدم الاستقرار الانتخابي لنصل الى قانون يصمد على الاقل ثلاث دورات انتخابية و لا نقول عقدين زمنيين؟.

4.القوانين الامنية تتناسب طرديا مع الديمقراطية

البعض يرى ان القانون ليس انتخابيا صرفا بقدر ما هو محاولة للقضاء على تيارات بعينها و يذهب البعض في تحليلاتهم الى ان القانون يحمل الصبغة الامنية اكثر منها الديمقراطية في بعض من جوانبه، و لعل من اهمها الحد من التيار الديني السياسي و التاثير الفلسطيني، و ضمان تمثيل العشيرة في اقل بؤر المملكة فضلا عن تقوية العمل الحزبي، خصوصا اذا ما عُرف ان الاحزاب اغلبها يمتد الى خارج الاردن في تأسيسه،و ان قام بالتوقيع على نظام الاحزاب الاردني في المرحلة الديمقراطية الاخيرة خلال عقدين من الزمان.

و يعتقد البعض ان جزأ ليس بالهين من الاحزاب الاردنية لم يصل بعد الى التأثير الجماهيري الفاعل، و طموحات بعض منها لا يتجاوز شخصنة الرئيس و بعض من رفاقه. و هذا دفع بتشكيل وزارة تنمية سياسية ولدت قيصرية في الخداج و لم تخرج بعد منه، فاضافت الي الطمي السياسي حصى في زمن كان النهج هو المصافي الرملية.

و التجارب الاخيرة على سبيل المثال في قانون الصوت الواحد ادت الى ضمان ان يكون الصوت الاسلامي ممثلا بعدد محدد من المرشحين، حيث لا يمكن انتخاب اكثر من مرشح من قبل الناخب و بالتالي يدهب صوتا واحدا الى مرشح واحد. و في مرحلة اخرى كان توسيع عدد المقاعد الى مائة و نيف لضمان اذابة اي تجمع قد يشكل اغلبية سواء كان تيارا دينيا او حزبيا.

و يرى اخرون ان حتى التيار الديني كان جزءا من اللعبة السياسية و اتفاق مع الحكومة في مرحلة بعينها على عدد معين من المقاعد، ويفسر البعض عدم اعطاء الثقة للحكومة الاخيرة من قبل التيار الديني كان لاظهار ان هنالك معارضة و كان مرحبا به، هكذا يعتقد البعض و يتناقلونه في احاديثهم.

لقد اثبتت التجارب السياسية الغزل الاخواني للحكومة في مراحل و الاعتراض في مراحل اخرى بالاتفاق البيني و التنسيق المسبق بكل احترام و دون ازعاج لاحد. و هذا يحسب لتيار الاخوان المسلميين في الاردن الذي شارك بعض من ممثليه في برلمان اعتمد اتفاق السلام مع اسرائيل، و اخرون في حكومة مدير مخابرات رغم معارضتهم للنهجين...!!!!

5.قوانيين الاقصاء بين التعددية و الديمقراطية

يظن البعض ان الانطلاق في فكر اصدار قانون الانتخاب سابقا في الاردن كان يتمحور في quot;الاقصاء quot; و ليس في المشاركة، وفي الاذابة و التجميد. و يرى البعض غير ذلك، و لكل من التيارين المختلفين الحجج و البراهين على ما يدعونه.

الاجراء الانتخابي من حيث الانتخاب كان يتم بشفافية ودون اي تزوير بالمعنى الشامل وهذا يسجل للاردن، لكن القانون كان يحدد سلفا عينات من سيفوز و التوجهات بنسب تتعدى الثمانيين بالمائة من المقاعد. و كان شرط الحصول على ورقة تثبت الجنسية اول معيقات الترشيح و تفصل بين من هو الاردني و غير الاردني، و هو ما يلزم تغييره، لان المرحلة تقول ان الكل اردنيين، رضى من رضى و انزعج من انزعج.و هذا يعتير مؤشرا خطيرا في مرحلة من هو الفلسطيني و من هو الاردني.؟

على الاردن ان يتجاوز هذا الفكر العقيم في التفرقة الاقليمية، دون المساس بسيادة الدولة الاردنية و احقيتها و مشروعية اقامة الدولة الفلسطينية. و تلك شعرة معاوية السياسة..!!!

هذه القوانين، و بهذا الاسلوب كانت تقلل من الديمقراطية بمعناها الواسع و تسمح بمشاركة ضيقة. وفي نفس الوقت كان التأكيد على اقصاء الاغلبية يندرج في اطلاق فكرة التعددية و التى تتعارض مع الديمقراطية. ذلك لأن الديمقراطية تعنى حكم الشعب للشعب بناءا على انتخابات كاملة يسمح فيها للاغلبية الفائزة باصوات الناخبين بفرض القرار مع احترام رأي الاقلية.

و لكن في الجانب الاخر فأن التعددية تعنى quot;تمثيل فئات معينةquot;، د ون quot;حق حكم الشعب للشعبquot; عن طريق الاغلبية البرلمانية. و ان كان يظهر للرجل العادي في النهاية ان القرار يصدر باغلبية نيابية و لكنها مختارة بعناية من خلال القانون الذي يتم تفصيله للمراحل المختلفة.

انها ديمقراطية الاقصاء بطريقة تبدو مثل الزواج العرفي بين التحليل و التحريم.

نأمل ان يتجاوز القانون الانتخابي الذي، تحدث عنه رئيس الوزارء الدكتور معروف البخيت منذ يومين، تلك المعيقات و ان يأخذ في الحسبان العلاقة المتوازية بين الانتفاخ في عدد النواب و مصاريف الخزينة الاردنية و للحديث بقية.

د.عبد الفتاح طوقان

[email protected]