لم تشهد أمة من الأمم انهيارات سياسية واجتماعية وعسكرية واقتصادية مثلما تشهده شعوب الأمة العربية،والحقيقة أن هذه الانهيارات قد فتت من عضد هذه الشعوب،فاستبيحت دول الأمة من كل طامع وتدخل فيها كل ذو غاية أو مصلحة أو طموح،حتى بدت هذه الدول انحراف تاريخي ملفت ذات شعوب يائسة ضائعة تتلقفها الأفكار الظلامية المتشنجة المتردية وحكامها غارقون بفسادهم،لا رادع ولا عبرة ولا حدث جسيم يفيقهم وهم سكارى وما هم بسكارى.
وأمسى حكام هذه البلدان يفسرون الأحوال والأوضاع حسب المقاسات الخارجية ومعايير ((الشرعية الدولية)) التي لم تكن شرعية إلا عندما تتوافق مع مصالح الدول النافذة.
السبة في الحكام والمتنفذين الذين بخطأ وتخلف وحمق سياستهم يقدمون المبررات الحيوية للآخرين لكي يحاسبوهم ويحاكموهم ويسحقوهم،انهم شيوخ وأمراء القبائل، ومشايخ التكيات والمساجد والأب القائد الرمز والى آخره من التسميات،أما أحزابهم فما هي إلا عناوين وشعارات قبيحة ومكاتب للفساد والإثراء وتسبيح للقائد السيد الرئيس،والرعية غوغاء لاتفقه إلا الصراخ المتشنج الظلامي الممزوج بالمقدس، الذي ينزه عن كل نقد أو ملاحظة وإلا فالكفر والزندقة وعدم طاعة الشيخ أو الإمام تهمة جاهزة تنتظر المارقين.
في بلادنا العزيزة الكريمة المؤمنة الشريفة من كل عهر يموت الجياع لان قدرهم هذا،ويقتلون الأبرياء كيفما اتفق لان الاحتلال الغاشم يجب أن يخرج من بلادنا، لكي نقاتل بعضنا بعض ونسحق المرتدين ويسحقنا المؤمنون والكل يعبث في لعبة الموت المجانية والتسميات حسب الموجود والمطلوب،فهذا إسلامي وذاك قومي،وهذا شيعي وذاك سني،وهذا كري وذاك عربي...الخ، ونستمر في إنتاج المصطلحات والتسميات وما هي إلا في حقيقتها عناوين ومسارات للتخلف والانحطاط والتغييب.
في بلادنا نتأسى بالماضي ونتشدق بالأمجاد وأول من يبرأ منا اؤلئك الذين ندعي انتسابنا إليهم ونحن لا نمت لهم بأي صلة، فأن صانوا العهود نحن نكثناها،وان آمنوا وصلح إيمانهم فما نحن إلا مسلمون بالانتساب،وان بنوا حضارة وأنتجوا علما فما نحن إلا مجترين أدعياء لانفقه علما ولا نملك إنجازا،فهل يوجد أعظم من هكذا تلفيقية.
في دول الأمة تسطع شمس عالية وتنير كل أراضي بلادنا الحبيبة،ولكن عقولنا تبقى مظلمة في كهوف جماجمنا، فلا يوما قدرنا فأحسنا التقدير، ولا ساعة فكرنا فأنتجنا خطة عمل وسرنا بموجبها،نتكلم حينما يكون السكوت واجبا ونصمت عن الحقيقة عندما يكون إعلانها عملا وطنيا،معاييرنا متخلفة مشوشة ومقاساتنا مشوهة بالية،فقدنا الإحساس بالوجود وسنغادر الواقع أن استمر هكذا حالنا،فلن يرحمنا أحد لأننا لم نرحم مستقبلنا،اختلفنا عندما كان الاتفاق ضرورة،وتفرقنا في لحظة الوحدة،أصبحنا شيعا ونحن أمة واحدة،دعونا للتوحيد ونفوسنا شتى،تمسكنا بالأقوال ورفضنا أي فعل يسعى للإصلاح.
أمة فقدت كل شيء إلا الادعاءات....!


جمال البزاز