من اخطر المظاهر السلبية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ظاهرة الفلتان الأمني، وما يصاحبها من ممارسات واعتداءات أودت بحياة أشخاص وشوهت آخرين، وأتلفت أموالا وعقارات.
ويتخذ الفلتان الأمني اشكالا عدة، فبعض المسلحين يستعملون أسلحتهم لأخذ ثارات عائلية وعشائرية وتصفية حسابات شخصية، وكل الجناة بهذا الخصوص يعطون أنفسهم quot;فرماناquot; وطنيا لتبرير جرائمهم، وكأن الوطن يدعو الى قتل أبنائه في أحلك سنوات حياتهم عبر أجيال طويلة سابقة وحاضرة ولاحقة، ولذلك أسباب أيضا، وهو ان البعض انتقل من العشائرية العائلية الى العشائرية السياسية، لأنه قد يرى في التنظيم السياسي مصالحه الشخصية أكثر مما يراها في عائلته وعشيرته، كما أن التنظيمات في الغالب تبرر خطايا المحسوبين عليها وبدلا من أن تعاقبهم لسبب بسيط وهو أن من بدهيات العمل الوطني هو الأخلاق الحميدة والتي تتمثل في جوانب منها بحماية الضعيف، وعون الفقير، وردع المعتدي، وتوفير الأمن الشخصي والجماعي لأبناء الشعب.
وبعض أشكال الفلتان الأمني هو الفلتان العشائري الجامح وغير المنضبط، والذي يسعى الى شق الصّف واثارة الفتنة لتحقيق أهداف عشائرية يعتبرها البعض وجاهة ويسعى لفرض هيبة للعائلة والعشيرة، مع أن هذه quot;الوجاهةquot; تثير الشفقة لبؤس أصحابها وبؤسها، لكنها مع الأسف موجودة في صفوفنا وبين أبناء شعبنا وفي مختلف المناطق، حتى بات التناقض العشائري يشكل خطرا محدقا أكثر من خطر العدو الخارجي الذي ينمي هذه الظاهرة ويشجعها، لأنه يرتاح من quot;غلبةquot; طرفي الصراع العشائري بانشغالهم ببعضهم البعض، والفوضى العشائرية، والفلتان العشائري اصبح عبئا ثقيلا على من لا يوجد لهم سند عشائري، لأن شعار العشائرية quot;انصر اخاك ظالما أو مظلوماquot; بالفهم الجاهلي فلا يردعونه عن ظلمه بل يساعدونه في طغيانه، وقد حذّر الرسول العظيم من العصبية العشائرية عندما قال صلوات الله عليه quot;دعوها فإنها منتنةquot; ومشعلو نيران الفتن العشائرية قد يعلمون متى يبدأون بها، لكنهم لا يعلمون لاهم ولا غيرهم متى تنتهي، والذي يشجع الفتنة العشائرية هو عدم سيطرة الأمن الفلسطيني على كافة المناطق الفلسطينية، وفوضى السلاح المنتشرة، وغياب القانون الرادع.
والمؤسف حقا أن الفلتان العشائري والعائلي لم يتوقف حتى في أقدس أيام السنة عند المسلمين، وهو عيد الأضحى المبارك، حيث تم الاعتداء على أشخاص يوم عرفة، وأيام الأضحى، وقد يأخذ الفلتان العشائري أبعادا خطيرة quot;بالفزعاتquot; العشائرية، وانهاء بعض الاعتداءات والمشاجرات quot;بتبويسquot; اللحى.
والباحث في الصراعات العشائرية قد يجد أنها متوارثة، بالتربية العشائرية المتخلفة، والتي قد تنجر فيها العائلة أو العشيرة في صراع طويل لاسباب تافهة كمشاجرة أطفال في الشارع أو الحارة أو المدرسة، وquot;البلطجةquot; العشائرية تنتج quot;منحرفينquot; يحترفون اللصوصية، ويعتدون على الأخرين وعلى ممتلكاتهم.
مع التأكيد على أنه من المضحك المبكي أنّ بعض تنظيماتنا، و سلطتنا تعتبر بعض ضحايا جرائم الفلتان العشائري، وبلطجة السلاح شهدا، وكأننا نملك مفاتيح الجنّة، فرفقا بشهدائنا الحقيقيين.
وكل ذلك وغيره كثير يستدعي تقوية الأجهزة الأمنية، وتشريع قوانين رادعة تحاسب quot;ابن الأمير قبل ان تحاسب ابن سوّاق الحميرquot; وفتح المحاكم والسجون، فسيادة القانون هي التي ستوفر الأمن والطمأنينة للمواطنين.
جميل السلحوت
التعليقات