تعودنا في الحلقات التي نكتبها أن نلخص أهم ماجاء في سابقتها حتى يستطيع القاريء أن يتابع ماقد سبق ويمكن تلخيص الحلقة السابقة كمايلي: توثيق تاريخي لما نشر في صحيفة quot;يولاند بوسطنquot; من رسوم كاريكاتورية تتعرض للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، تفاعلات القضية ومطالبة العلماء بمعاقبة الصحيفة وطلب تقديم إعتذار رسمي، تثمين دور الجهود الدبلوماسية التي سارعت بالرد، تعنت الحكومة الدانماركية برفض الإعتذار حيث أنهم إعتبروا هذا العمل المشين هو من حرية الرأي، رواية لبداية الأزمة، تزايد تداعيات الحدث داخل وخارج الدانمارك.

لم يقف الحد عند نشر هذه الصحيفة ولكن تبعها بعض الصحف الأخرى، تزايد حملات الشجب والإستنكار من المنظمات والجمعيات الإسلامية والعربية في الدانمارك وباقي دول العالم، وصف ما جاء في الرسوم الكاريكاتورية حتى تتضح الصورة لدى القاريء، بدء المناداة بالمقاطعة والحرب الإعلامية، التذكير بعدد المسلمين في الدانمارك ومدى معاناتهم وتجاهل حقوقهم، توقعات الكاتب بردود الفعل الغاضبة على ماحدث.

وفي هذه الحلقة سوف نضيف العديد من الأفكار التي تم تداولها في مختلف الصحف العربية والعالمية كتعليقات على الحدث الجلل فالمسلمون يعتبرون إن التهجم على شخص النبي يأتي في سياق الحرب على الإسلام سواء كانت بطريقة خفية بهدف إبقاء مشاعر المسلمين ساكنة أو علنية لتأجيج المشاعر وهي في الواقع إسقاط لمايدور في خيال الحاقدين على الإسلام ويريدونها أن تكون حرب في سلسلة الصراع الطويل الذي يمارسونه منذ فجر الإسلام قال تعالى } ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا {[سورة البقرة: 217].

فالاية مبينة للقاعدتين معاً حتمية الصراع (ولا يزالون يقاتلونكم ) وغايتهم من الصراع (حتى يردوكم عن دينكم ان استطاعوا ) إذن لا بد ان يكون هذا الامر واضح عند المسلم غاية الوضوح فمن يحاربك فهو يطاردك أو يقاتلك أو يفاوضك إنما هدفه أن يردك عن دينك حتى يتسلل الخلل الى شخصك وأمتك ليغير إتجاه مسيرتها.

والرسومات التي وردت في الصحيفة الدانماركية قد مست كرامة ومشاعر المسلمين بالتجني على رسولهم المرسل من رب العالمين وفي السياق نفسه نجد أن المسلمين تعرضوا للأذى والإهانة في كثير من الدول فالتعدي على حقوق المرأة المسلمة وحجابها في دولة ما، وأظهرته بعض الصور المنشورة في الصحيفة المذكورة تأتي ضمن حملة تم التخطيط والإعداد لها مسبقاً، كما أن تدنيس المصحف الشريف في أكثر من مكان وتم نشره في أكثر من صحيفة له دلالات معادية.

وفي الصور التي نشروها عن النبي صلى الله عليه وسلم صوروه كأنه زعيم الإرهابيين في نظرهم، ويعتبر الإسلام في نظر العديد من وسائل الإعلام لديهم هو المعنى اللغوي الرديف لكلمة الإرهاب، والجماعات الإسلامية المتشددة هي منظمات إرهابية كما يحلوا لهم وصف بعضها مثل حماس والجهاد والجماعات الإسلامية في العراق بأنها منظمات إرهابية ولهذا فإنهم يخوضونها حرباً دينية ولكنها تحت شعارات إنسانية وبمسميات جديدة وينبغي على العاقلين فضحها وتبيين دلالاتها فالحرب ضد الإرهاب تم إلصاقها بالمسلمين ليتم وصفهم بالإرهابيين ومن ثم تعلن الحرب عليهم.

ألم يصرح رئيس إحدى الدول أن حربه مقدسة وصليبية وأن quot;الربquot; هو الذي أرسله وفي بعض الدول وغيرها يعتبر الحجاب هو شعار الإرهاب وهنا يتسائل أحدهم بالقول لماذا لايكون هناك لجان تابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي تتابع إعلاميا وثقافيا وسياسيا مثل هذه الحملات؟ التي يبدو أنها بدأت تأخذ منحى وشمول الحرب المنهجية المؤسسية التي لا يجوز أن يكون الرد عليها إلا منهجيا ومؤسسيا ومكافئا لها في القوة والمقاومة ومضاد لها في الإتجاه.

أما الآخر فيوجه التسائل التالي لماذا لانستطيع أن نحرك المحكمة الدولية وهيئة الأمم لإيقاف مثل تلك الإهانات بحق الشعوب والدول الإسلامية؟، ويتسائل ثالث بالقول لماذا لايتحرك البرلمانيون الإسلاميون للدفاع عن دينهم ممثل في الإهانات ضد رسول الإنسانية؟، ويتسائل رابع بالقول أين دعاة حقوق الإنسان؟ ويتسائل سادس بالقول أين دعاة السلم العالمي؟.

ويتسائل سابع مندهشاً أين مؤتمرات الحوار والتقارب بين الأديان؟، ويتسائل ثامن مستغرباً أين الملحقيات الثقافية لسفارات ست وخمسين دولة إسلامية من هذه القضية التي تعتبر ثقافية من الطراز الأول؟ ويتسائل تاسع مستهجناً أين قادة الفكر quot;العربي والإسلاميquot;؟ وآخرهم قال وتعلوا وجهه الحيرة ويعتصر قلبه الألم متعجباً بالقول هل تتذكرون يوم هدمت تماثيل بوذا كيف تحرك لها المجتمع الدولي ومجلس الأمن وحتى دول إسلامية ورموز علمية!!!.

وقبل أن نودعكم توقفت كثيراً عند تلك العبارة المقتبسة } الدنمارك، وما أدارك ما الدنمارك، التي تشير دراسات علمية إلى احتمال انقراض شعبها خلال نصف قرن { فهل هناك علاقة ذات دلالة علمية أو دينية ستؤدي الى غزوة كوبنهاجن؟ وهل ستكون من الداخل أم من الخارج؟ وأنتم إيها القراء على موعد مع الحلقة الثالثة قريباً.

الحلقة الاولى

مصطفى الغريب

شيكاغو