بكل الصراحة والوضوح أتوجه لمن يفترض بهم أن يضعوا شعبنا على سكة الخلاص ألا تعرفون أن خلافاتكم تخدم الاحتلال والاحتلال فقط والا تدرون انكم تختلفون مع بعضكم ولا تولون ما يقوم به الاحتلال على الارض الاهمية المطلوبه وان خلافاتكم تخدم مواصلة احتلال الارض وتحقيق الاهداف، والسؤال الثاني على ماذا تختلفون ومن قال لكم ان اسرائيل ترغب بمفاوضة ايا منكم او انها تضع في حسبانها ان هناك فلسطيني جيد سوى الفلسطيني الميت قطعا لا تعرفون ولو كنتم كذلك لاغلقتم عليكم ابوابكم والقيتم بهواتفكم النقالة في بحر غزة وقطعتم كل اتصال لكم بالعالم الخارجي وجربتم جوع الناس من غير المحسوبين والمستفيدين والمتسلقين من كل الوان طيفكم لساعات، وجلستم امام بعضكم تستحضرون الشهداء كل الشهداء والجرحى كل الجرحى والمعتقلين كل المعتقلين والجوعى والعراة والمشردين ووضعتم على طاولة الحوار اللعين الذي بات هدفا كاذبا لا وسيلة، فقط شعبكم ومعاناته وقضيتكم وتواصل ضياعها على ايديكم بدل الحديث عن الاعتراف علنا او ضمنا باسرائيل وبشرعيات ليس لها وجود سوى تحت ياقات قمصانكم المنشاة ذلك انه لن يجدي ابدا الاعتراف باسرائيل ولا بالشرعيات العربية او الدولية ولن يجدي ابدا حتى الاقرار لاسرائيل بحقها المطلق بارض فلسطين ولن يجدي لو تهافت كل العرب على الصلح والاعتراف والتطبيع مع اسرائيل، ولن يجدي لو وقع كل مواطن عربي على صك الاعتراف والتنازل لاسرائيل، فحقيقة الامر تنبع اساسا من ان اسرائيل وجدت لتبقى جسما غريبا مرفوضا وهي اداة الاستعمار العالمي في المنطقة ويدرك العالم الهدف الحقيقي من زرعها بهذه المنطقة بالذات منذ ان تم التفكير بذلك للسيطرة على الشرق الاوسط والوطن العربي بهدف الامساك بمنطقة مركزية في العالم وابقائها تحت السيطرة لاهداف اقتصادية اولا ولمنعها ثانيا من التوحد ومواجهة الغرب اكان ذلك بصفتها القومية العربية او بصفتها الاسلامية الدينية فكلا الامرين يهم الغرب لمنعنا من النهوض مهما كلفهم الامر، من اهم الانجازات الاستعمارية الى جانب تقسيم المنطقة ووضعها في حالة فوضى وصراعات واختلافات بدءا من قضية البربر وقضية الاكراد والخلافات الحدودية واثارة النعرات المذهبية وانتهاء بوجود اسرائيل والحرص على ابقاءها جسم غريب ومرفوض ليستخدم عند الحاجة في مواجهة حركة التحرر العربية ومنعها من القيام بدورها في مواجهة الاهداف الاستعمارية وقد حدث ذلك وبسبب من السيطرة الانجلو سكسونية التامة على المنطقة والخواء الرسمي العربي المنصاع كليا لارادة الاستعمار فقد كانت بريطانيا تملك القدرة الرسمية والعملية على تمكين الحركة الصهيونية من فلسطين بكاملها فهي صاحبة الوعد المشؤوم الذي استخدمته الحركة الصهيونية ذريعة رسمية رغم سخافته ومجانبته لكل الاعراف والقوانين والشرع الدولية وبذا فقد كانت تملك القدرة على ارغام اصحاب الارض الشرعيين على الهجرة القسرية وتوزيعهم في بقاع الارض وحتى الغاء ظاهرة المخيمات الفلسطينية ولكنها لم تفعل ذلك لانها تريد لهذه القضية ان تعيش وان تبقى العصا التي تهدد الكيان الصهيوني الذي زرعوه هنا ليبقى العصا الاستعمارية وليبقوا قادرين على استخدامها بالشكل الذي يخدم المصالح الاستعمارية في المنطقة.
على العرب والفلسطينيين ان يدركوا ان بيد امريكا تنفيذ ما تريد خلال خمس ثواني فقط وان حكاية اللوبي الصهيوني هي صناعة امريكية مائه بالمائه يحلو لعرب امريكا ترديدها تبريرا سخيفا للاصرار الامريكي على الوقوف الى جانب اسرائيل بكل هذه الصلافة والوقاحة لتبدو الادارة الامريكية مغلوب على امرها في مواجهة اسرائيل ومنصاعة كليا لارادة اسرائيل وليس العكس، ومن تابع احداث لبنان الاخيرة والمعركة التي حرصت امريكا على استمرارها ومنعت وقف اطلاق النار رغم حاجة اسرائيل له فلقد كانت امريكا معنية كليا بمواصلة المعركة على امل توجيه ضربة خلفية لكل من سوريا وايران وسائر الحلف المقاوم والممانع في المنطقة وذلك بهدف اضعاف التاثير السوري الداعم للمقاومة العراقية وكذا اضعاف التاثير الايراني في العراق وافغانستان ومنع ايران من استكمال تخصيب اليورانيوم على طريق امتلاك سلاح استراتيجي.
الاستعمار الغربي معني باستمرار وجود اسرائيل كجسم غريب حتى تبقى عصا يسهل استخدامها عند الحاجة وقد فعلت ذلك كل من بريطانيا وفرنسا عندما زرعتها هنا، كما استخدمتها في حرب عام 1956 في حربها على مصر ضد قرار تاميم قناة السويس واستخدمتها امريكا في عام 1967 ضد سوريا ومصر لاضعاف القوى الرسمية وضد الاردن كذلك لاضعاف الحركة القومية المتنامية المعادية لامريكا في الوطن العربي وكذا استخدمتها امريكا في ضرب المفاعل النووي العراقي، ولا زالت اسرائيل الان تشكل المساعد الرئيسي للاحتلال الامريكي في العراق ومواجهة المقاومة العراقية الباسلة، ويذكر العالم كيف منعت امريكا اسرائيل من الرد على القصف العراقي للمنشآت الصهيونية خلال حرب الخليج لمنع التعاطف العربي مع العراق في مواجهة العدو الصهيوني، ولن يكون غريبا اعادة استخدامها مرة اخرى ضد المفاعل النووي الايراني، والاعتداء الاخير على لبنان كان نموذجا لذلك، لذا فان قبول اسرائيل في المنطقة واستتباب الامن والسلام هو منافي كليا للمصالح الامريكية في المنطقة وتحرص امريكا على عدم وجود حالة هدوء حقيقية في المنطقة ولعذا لم تمكن احد من تحويل اوسلو الى اتفاق سلام ولم تسعى لانجاح محادثات السلام مع سوريا لمعرفتها بان ذلك سيوفر لسوريا القدرة على المناورة والالتفات لقضايا اكثر جوهرية في موضوعة الوجود الامريكي في المنطقة بينما مكنت ذلك في الاردن ومصر ووفرت الاجواء لعلاقات ايجابية اسرائيلية قطرية بهدف تمتين الحلف الامريكي في المنطقة، وامريكا تحرص على توتير الاجواء العربية العربية ودفع اسرائيل الى بوابات هذه الصراعات مدركة ان تدخل اسرائيل في اي صراع عربي عربي يزيد من حدة هذا الاختلاف ويصعده اكثر فاكثر.
حرصت امريكا على انجاز اتفاق اوسلو ليس من باب الحرص على حقوق الفلسطينيين ولا حرصا على تمكين اسرائيل من الارض الفلسطينية بل لاهدافعا هي وحدها:
1- تركيز وجود الفكر المقاوم في مواجهة اسرائيل بهدف الغاء الوجود الفلسطيني بفكر ونموذج المقاومة في الاوساط العربية والتي شكلت اداة دعم متنامي وقوي للفكر المعادي للوجود الامريكي في المنطقة، والادارة الامريكية تدرك اليوم ان استمرار الحلف المقاوم السوري الايراني الفلسطيني العراقي اللبناني في المنطقة سيشكل نواة هزيمة المشروع الامريكي في المنطقة، وهي ترى في مواصلة الصمود السوري في مواجهة الضغوط الامريكية وكذا اصرار ايران على مواصلة عملية تخصيب اليورانيوم والانتصارات المتواصلة للمقاومة العراقية والخسائر المتعاظمة لقوات الاحتلال هناك وصعود حماس الى السلطة في الاراضي الفلسطينية بواسطة الانتخاب الحر والمباشر، وما انجزته المقاومة اللبنانية في مواجهة جيش الاحتلال الاسرائيلي في الحرب الاخيرة، كل ذلك دفع بامريكا لاستنهاض قوى الردة.
2- ابقاء الوضع في المنطقة بكامل توتره وترك اسرائيل ملزمة ابدا بالالتحاق بالمشروع الامريكي وتنفيذ ارادة امريكا في المنطقة مقابل حمايتها لوجود اسرائيل ككيان مرفوض من قبل العرب جميعا رغم القبول الرسمي العربي لذلك.
3- اضعاف حالة المقاومة المتمثلة بالحلف اللبناني السوري باخراج الطرف الفلسطيني من هذه المعادلة وبالتالي ابقاء سوريا ولبنان وحدها في المواجهة تمهيدا لاخراج لبنان وهو ما يجري منذ بدأت حكاية مقتل الرئيس الحريري والردة التي انتشرت على الارض اللبنانية والعلنية في انتقاد المقاومة بل ومعاداتها.
اسرائيل معنية باستمرار الصراع ايضا فهي تدرك انه لا توجد ولن توجد ادنى امكانية لان يقبل الفلسطينيين والعرب بوجودها على الارض الفلسطينية الى الابد وان اي هدوء يعني زيادة الوجود الفلسطيني على الارض الفلسطينية وهي تدرك ان عامل الزمن والعامل الديمغرافي مع الوقت ضدها ولذا فهي حريصة على استمرار التوتر وتنغيص حياة الناس الفلسطينيين لدفعهم الى الرحيل او الابقاء على حالة الانقاص العددي او اضعف الايمان منع الزيادة الطبيعية التي تعني الاخلال بموازين الوجود الديمغرافي على الارض الفلسطينية ولا يفوت المخططين الاستراتيجيين للفكر الصهيوني فرصة الا ويتحدثوا عن الخطر الديمغرافي القادم من قبل النمو السكاني للفلسطينيين ولا يفوتون فرصة للمساهمة في تغريب وتهجير الفلسطينيين ليس فقط من هم على الارض الفلسطينية بل وحتى من هم في بلاد اللجوء ولقد حرصت اسرائيل على استخدام القوى العميلة في العراق لارهاب الفلسطينيين لدفعهم للهجرة الى كندا وغيرها بعيدا عن الوطن وكذا شكل الضغط المتزايد على الفلسطينيين في لبنان بهدف دفعهم للبحث عن موطن ابعد وانهاء الوجود الفلسطيني على الارض اللبنانية، ويذكر المراقبون جيدا كيف حرصت اسرائيل على احباطحتى المحاولات الاردنية تاريخيا لاقامة قرى او مخيمات للفلسطينيين في مناطق الاغوار المحاذية لنهر الاردن، بل وهددت بقصفها ان باشرت الاردن بانشائها.
يقول مئير بار زوهر في معرض حديثه عن تشجيع الهجرة اليهودية الى فلسطين،quot; ان علينا ان نبحث عن اليهود في البلدان التي يعيشون فيها في بحبوحة من العيش ثم ننغص عليهم عيشتهم لدفعهم للهجرةquot;، وبالتالي فان من يفكر بهذه الطريقة مع من يعتبرهم ابناء جلدته فان من الاسهل عليه ان يفكر بما هو اقسى بشان اعدائه لدفعهم لمغادرة الارض التي يحتلها، ومن هنا فان اي حديث عن حلول متوقعه مع الحركة الصهيونية يعني اعتقاد ساذج بالنيات الحسنة لهم وللامبريالية الغربية بكل مكوناتها، وعلى العرب والفلسطينيون ان يروا قدرة الحركة الصهيونية على اتقان الانتقال من حضن السيد الامبريالي الى حضن السيد القادم ايا كان.
ان المعركة هي معركة المستقبل العربي برمته وهي حرب الوجود القومي والاستقلال الناجز ليس للعراق وفلسطين وانما لكل الوطن العربية والعالم الاسلامي، فالامبريالية العالمية تدرك الخطر الداهم ان تمكن العالم العربي النائم من الاستيقاظ ولذا تدور الحرب على العروبة والاسلام ويجري التشويه المتعمد للعروبة والاسلام على اشده وفي كل مكان وتغرس وتنمى الخلافات العربية العربية والاسلامية الاسلامية بحجج وادوات مختلفة.
اذن فان الحديث عن السلام في الشرق الاوسط بادوات امريكية وبريطانية هو مضيعة للوقت ومواصلة للمأسة وامعان اكثر في انقسام العالم العربي وتعميق الخلافات اكثر فاكثر، وكذلك فان البحث عن تخريجات للازمة الحالية واضاعة الوقت في البحث عن صيغ ما هي الا ابر للتخدير تساهم اكثر في اطالة عمر الاحتلال وتهويد الارض وانقاص السكان، وتساهم الصراعات الفلسطينية الداخلية اكثر من اي شيء آخر في تحقيق ما يسعى له الاحتلال من شطب كلي للقضية الفلسطينية وهو الحلم الذي يراود الحركة الصهيونية والتي لا تسعى ابدا ولا تفكر بايجاد حل من اي نوع كان مع الشعب الفلسطيني لادراكها التام بان ذلك سيقود يوما الى نهايتها وهي بالتالي حريصة كليا على استمرار الصراع واطالة امده وجعل الشعب الفلسطيني يعيش طوال الوقت تحت حالة من الضغط والقهر تدفعه رغما عنه الى مغادرة القضية والوطن وبالتالي افراغ فلسطين من اهلها لصالح المحتلين.
ان الخيارات المطروحة الآن والتي يجري استنزاف للشعب والقضية بشانها حول انماط واشكال حكومات لا تغني ولا تسمن من جوع مثل حكومة كفاءات او حكومة وحدة وطنية او حكومة من لون واحد او طواريء، اقالة الحكومة الحالية او اجراء انتخابات او استفتاء، كل ذلك مهزلة فلا احد سيفاوض اي حكومة ايا كانت حتى لو تشكلت من عملاء يعملون علنا لصالح جهاز المخابرات الاسرائيلية، وكل ما في الأمر ان شعبنا يفاوض نفسه ويضيع قضيته بيديه ودون خجل وهو يدرك ان احدا لن يفاوضه.
نحن امام حالة فريدة من الحكم فلا احد يدعو رئيس السلطة الى لقاءه الا اذا اراد الضغط عليه اكثر، ورئيس الوزراء يعلن امام الآلاف ان احدا لم يدعوه لزيارته سوى قطر، quot; لاحظوا قطر ndash; يا فرحتنا quot;، قطر الدولة العربية الوحيدة المحتلة من امريكا علنا تتحدى امريكا وتدعو رئيس وزراءنا لزيارتها، بربكم اية مهزلة هذه ونحن نرى حاكم قطر وسيطا بين الفلسطينيين والفلسطينيين والاسرائيليين والفلسطينيين واراه سينجح في وساطته الثانية وقطعا سيفشل في وساطته الاولى، رئيس سلطة لا يملك القدرة على اصطحاب احد وزرائه معه لاية زيارة ايا كانت، رئيس لا يملك مغادرة رام الله الا بمشيئة ضابط احتلالي سخيف واذا قرر جيش الاحتلال اجتياح رام الله فهو قطعا لن يستطيع الخروج الى شرفة منزله، اما رئيس الوزراء فكان الله في عونه وعون وزراءه ومن هم في الاعتقال خاصة، ونوابنا كان الله في عون من كان مستقلا حقيقيا منهم فهو لا راتب ولا سيارة ولا قدرة على تنفيذ وعوده لناخبيه ولا حتى جاه كاذب، ومع كل ذلك نختلف ونقتتل على هذه الحالة الكاريكاتورية المزرية.
حكومة عمل، حكومة شغيلة على الارض، حكومة كفاح، حكومة ثورية، حكومة شعب يقرر مرة واحده ان مهمته الكفاحية لم تتنهي بعد، شعب بدون اربعمائة الف جهاز هاتف نقال وبدون ما يقرب المليون من هاتف ارضي، حكومة تقرر استخدام الدراجات الهوائية بدل السيارات الخاصة الفارهة والخنادق بدل الفلل، حكومة تدري ان على شعبها ان يواصل الكفاح حتى تعلن اسرائيل مرة واحدة ان باب المفاوضات مفتوح الآن، حكومة تدري انه دون حلف اقليمي قوي ودون العودة الى الاصول ودون الامساك بالخيار العربي فلا امل يرجى على الاطلاق، نحن بحاجة لحكومة تحصل على شرعيتها من الارض، تماما كما يحصل الفلاح على حقه بالارض من حراثتها، سموها ماشئتم، حكومة ثورية، حكومة كفاحية، حكومة سلام، فقط عودوا للشعب وقضيته وانشغلوا بهمها لا بهموم مناصبكم والقابكم وكراسيكم، فوالله ان احدا الآن لا يفكر بفلسطين ولا بمستقبلها ولا بحريتها ولا بالعودة بقدر ما يفكر بتحقيق مكاسب وهمية سيجد نفسه يفقدها رغما عنه امام دبابات الاحتلال وتحت قصف طائراته، عودوا الى ذواتكم الوطن، ذواتكم الشعب، ذواتكم القضية فاية حكومة كاذبة لا تحكم هذه التي تختلفون عليها.
ايها السادة ان فلسطين محتلة فحكومة اي بلد التي تختلفون عليها هذه، لم يختلف الفيتناميون على حكومة بلادهم ايام الاحتلال الامريكي وكذا لم يفعل الفرنسيون ايام الاحتلال النازي، نحن وحدنا من دون شعوب الارض من جعلنا الاحتلال مربح وبدون تكاليف فهو يحتلنا علنا وعلى روؤس الاشهاد ونحن نرفع عنه اية كلفة للاحتلال بل على العكس من ذلك هو يمارس الربح علنا الان وعليكم ان تعودوا لحساباتكم، كم ندفع له ثمن كهرباء تولد على ارضنا وماء يسرق من جوف ارضنا وبترول ياتي من بترولنا وثمن الهواء الذي تدفعه الاتصالات لهم، نحن لسنا اكثر من شركة استثمارية مربحة للاحتلال وتاكل نفسها ويدرك الاحتلال ان دور هذه الشركة هو ان تتآكل تدريجيا لصالحه ما دامت تتقن استنزاف ذاتها واراحته من عبء دفع استحقاقات الاحتلال، حتى ان العالم انشغل بخلافاتنا واشغلنا بها وتناسى معنا ان هناك احتلال على الارض يمارس القتل والتدمير والتهويد علنا دون ان تهتز لنا رقبة، والاكثر من ذلك هو ان وزيرة الخارجية الامريكية باتت تتباكى على ضحايا الخلافات الداخلية ونسيت من يذبحوا يوميا على ايدي قوات الاحتلال، يتباكوا على جندي اسرائيلي وحيد انا واثق انه معزز مكرم وتناسوا عشرة آلاف فلسطيني يعذبون يوميا هم واسرهم، العالم تباكى على ما لحق بالمحتلين من عدة صواريخ وقعت على بيوته الفارغة ونسي شعب كامل دون ملاجيء الا العراء يقتل ويقصف وينسف علنا، اي حكومة سخيفة هذه التي نختلف عليها دون ان نملك القدرة حتى على عقد اجتماع كامل لاعضائها.
للتذكير فقط فانني اسرد امام الجميع ملخصا سريعا لكارثة الاختلاف الداخلي بدل الصراع مع الاحتلال:
1- المجلسيين والمعارضين شكلوا النموذج الاول والذي ظهر بعد ذلك وكانه نمط حذا الجميع حذوه بعد ذلك وصولا الى يومنا هذا.
2- ظهور البناء الرسمي لمنظمة التحرير بقيادة الشقيري وظهور الفصائل وبروز الصراع على قيادة المنظمة بعد هزيمة 1967 مباشرة.
3- الصراع مع السلطة اللبنانية والاقتتال مع السلطة في الاردن وما آلت اليه الامور من خروج المقاومة من الساحة الاردنية واتفاق القاهرة عام 69 مع لبنان.
4- ظهور الصراع الداخلي في اوساط منظمة التحرير بين تحالف فتح الديمقراطية والقوى الرافضة للحلول الاستسلامية.
5- الحرب الاهلية اللبنانية والانغماس الفلسطيني بها والوصول للاجتياح الاسرائيلي للبنان والخروج الرسمي للمقاومة من لبنان.
6- ظهور الانقسام الحاد في المنظمة بين التحالف الوطني والتحالف الديمقراطي واللجنة المركزية لفتح.
7- الانتقال الى محادثات مدريد واوسلو واعلان الاتفاق وظهور محور اوسلو ndash; الفصائل العشر.
8- تاسيس السلطة والتخبط الذي اصاب الجميع بين مشاركة حيية ومعارضة اكثر خجلا ومواقف بلا معنى بدأت بمقاطعة الانتخابات وانتهت بالمشاركة المطلقة التي انتهت بالانتقال الرسمي لللادارة الاسمية لسلطة اسمية ليس لها وجود فعلي ولا سلطة فعلية على الارض.
9- ما نعيشه الآن من خلافات وصراع لا نعلم الى اين سيقودنا بين فتح وحماس وانتظار ليس له ما يبرره من قبل الآخرين.
كل ذلك والحركة الصهيونية سعيدة وتمارس نشاطاتها في ظل خلافاتنا، فلقد انتصرت اسرائيل على المجلسيين والمعارضين وانتصرت على المنظمة والاردن وها نحن نكمل توفير الاجواء لها للانتصار دون ان يحقق ايا منا شيئا بشان القضية فلا المجلسيين استمروا بحكومة عموم فلسطين ولا المنظمة انتصرت باخراج الاردن من الدائرة وتحول قرار مؤتمر الرباط من قرار لصالح القضية الفلسطينية الى فرصة لتفريغ المكان امام الاحتلال من مطالب عربي آخر، وكذا تحول فك الارتباط القانوني والاداري بين الضفتين الشرقية والغربية الى تسهيل لامعان اسرائيل في نهب ارضنا وتهويدها وبالتالي فلم نجد في سلتنا سوى سلطة هزيلة سرعان ما انقلبت عليها واعادت الاحتلال عمليا دون استحقاقاته وابقت على السلطة شكلا، فهل لهذا ادرنا معارك لاحصر لها لتحقيق شعار استقلال القرار الفلسطيني، واي استقلال غريب عجيب هذا الذي كنا نحارب في سبيله وكم اخجل من نفسي اليوم لانني حاربت في سبيل شعار اقل ما يقال فيه انه سخيف وغبي ومعادي لقضيتنا، فهل استقلال القرار الفلسطيني بمنع العرب من المطالبة بارضنا، واستسهال ابقاءها تحت سلطة الاحتلال تنهب وتهود، لقد استمعت الى السيد احمد جبريل في برنامج شاهد على العصر الذي تبثه قناة الجزيرة وهو يروي ما قاله الامريكان للشهيدين ابو اياد وابو جهاد في فندق الاردن في عمان عام 1970 من اننا نريد اعادة الضفة الغربية لكن المشكله ان الملك ايضا يريدها قلمن نعيدها؟، كم كنا سذجا ونحن نستمع لهذا الكلام الذي كان يعني ببساطة اتركوا بلادكم للاحتلال حتى تتفقوا لمن هذه الارض، هذا بالضبط ما يحدث اليوم، نحن نختلف ونقتتل على حكاية الاعتراف باسرائيل وهي تواصل استكمال بناء الجدار والاستيطان والتهويد وابتلاع الارض واقرافنا حياتنا لدفعنا لمغادرة وطننا فالى متى سنبقى في غينا وحالة التيه هذه ومن غير الاحتلال يستفيد من صراعاتنا؟.
المطلوب حكومة حراثين في الارض وعلى الارض وللارض، حكومة اعضاؤها حراثين يتقنون الامساك جيدا بسكة الحراثة وزرعها في الارض والمضي قدما، حراثين يقبضون باسنانهم بالارض ليحملوا لقب الحراثين بجدارة والا فالاولى لهم ان يتركوا ايديهم التي تمسك بالفراغ وتحرث الهواء كذبا، فالتاريخ لن يرحمكم ايها السادة، لن يرحمكم ابدا، لن يرحمكم ابدا، والافضل لكم ان تعودوا لما قاله السيد فاروق القدومي hellip; ان اريحوا واستريحوا وعودوا الى بيوتكم وسلموا الشأن لاهله فقد يكون رؤساء البلديات اكثر قدرة منكم على ادارة شؤون الناس وتفرغوا انتم لخلافاتكم حتى تتفقوا، هذا ان اتفقتم.
عدنان الصباح
التعليقات