الموقف الشجاع و الوطني الذي عکسه السيد نوري المالکي أمام ذلک التصريح السقيم و السمج للرئيس الترکي، أکد مجددا النهج السليم و الصحيح الذي يتمسک به العراق الجديد والذي برغم کل تلک التحديات و المؤامرات الاقليمية فإنه مايزال يمثل النموذج الافضل من بين رکام من الانظمةquot;الاستبداديةquot;المبنية أساسا على سياسيةquot;الحديد و النارquot;في عموم المنطقة.


الغريب في تصريح الرئيس الترکيquot;نجدت سيزرquot;، إنه ضرب کل الاعراف و المقاييس الدبلوماسية عرض الحائط و خاطب رئيس الوزراء العراقي وکأنه مجرد تابع لهم و يأتمر بأوامرهم، وهذه quot;الصفاقةquot; في الخطاب السياسي الترکي ليس بأمر جديد، إذ لطالما کررته الدبلوماسية الترکية وفي محافل دولية و إقليمية متباينة، وهي مسألة لها علاقة بالخلفيةquot;العثمانيةquot;للدولة الترکية، ذلک إن أنقرة مازالت تتصور معظم البلدان المحيطة بها مجردquot;سناجقquot;وquot;ولاياتquot;تابعة لهم.


والمسألة الاخرى الملفتة للنظر، هي أن السياسة الترکية ومع کل تلک الاخفاقات السياسية التي منيت بها الجبهة الترکمانية، مازالت تعول على هذا التنظيم السياسي الذي تمتع و يتمتع بدعم سياسي ـ عسکري ـ أمني ـ إقتصادي ترکي إستثنائي وتسعى جاهدة لإستخدامه کورقة لأغراضها السياسية في العراق، وتفضل هذهquot;الجبهةquot;على رئيس الوزراء العراقي ذاته!

ومع إن السيد نوري المالکي قد ألقم السياسة الترکية حجرا حين قطع زيارته الرسمية لترکيا إحتجاجا على تصريح السيد نجدت سيزر والذي عاتب الوفد العراقي بعدم وجود ممثل للجبهة الترکمانية quot;العتيدةquot;ضمن الوفد الزائر، إلا إن السياسة الترکية سوف لن تتعظ من جراء ذلک وسوف تمشي على ذات النهج السياسي الاخرق، وقد يکون من الممکن جدا أن يقارن الرئيس الترکي بين منطقة حظر الطيرانquot;NO FLY ZONEquot;التي أقامتها دول التحالف للشعب الکوردي لحمايتهم من شرور الحکم الاستبدادي البعثي، وبين التجربة السياسية العراقية الحالية و يتوهم إن الدولة العراقية ليس لها من منفذ تتنفس من خلاله سوى الشباک الترکي وبناءا على ذلک تنصب الجبهة الترکمانيةquot;حرفوشاquot;أوquot;قيماquot;برغم أنف الحکومة العراقية على الدولة العراقية برمتها!!


هذه الجبهة التي دأبت على ممارسة أعمال تغرق جلها في التضليل و الکذب و الضبابية، هي نفسها التي أوهمتquot;أستانة أيام زمانquot;بأن نسبة الترکمان في العراق 13% وقد طبل الاعلام الترکي و زمر لذلک طويلا حتى جاءت الانتخابات فقصمت ظهر الجبهة الترکمانية وأظهرت کذبها و إفترائها على الحقيقة و واقع الامر، ومن الجائز جدا أن يکون السيد سيزر مازال يعول على تلک السجلات القديمة للهلال الاحمر الترکي الذي کان يرسل مساعداتهquot;الانسانيةquot;للشعب الترکماني و يوزعها عبر قوائم quot;منظمة ومعدةquot; من قبل الجبهة الترکمانية التي إستغلت سوء الوضع الاقتصادي للعوائل الکوردية وzwnj;أغرتهم بأن يدعون أنفسهم ترکمانا أملا في نيل المساعدات الترکية، لکن حتى لو إعتمد السيد سيزر على تلک القوائمquot;المزيفةquot;فإنها قطعا لاتکفي أبدا لجعل نسبة الترکمان13%مقارنة بسکان العراق.


ومهما يکن من أمر، فإن الرد المنطقي لرئيس الوزراء الترکي کفيل ببعث شئ من الواقعية في العقلية السياسية الترکية ودفعها صوب جادة الحق و الصواب، جادة تدرک فيها بجلاء إنها أمام دولة و علم و دستور وليس أمام حارات تعبث فيها الحرافيش!

نزار جاف
[email protected]