صرح نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في حديث نشرته الاحد صحيفة quot;تشرينquot; السورية ان بلاده تدعم quot;خيار الشعب اللبناني في اقامة حكومة وحدة وطنيةquot;.
أريد أن أذكر السيد المقداد قبل التدخل بشؤون لبنان، بكلماته المستهجنة في مجلس الأمن يوم اغتيال الشهيد جبران تويني التي لا تصدر عن شقيق عربي. هذا إذا كان يعتبرنا أشقاء، وأنا أشك في ذلك.
فنحن أشقاء عندما نخنع لنظامه، ونقدس كلام بشَّاره وصيا علينا، ونصبح أعداء عندما نطالب بتبادل السفارات وترسيم الحدود وتحقيق السيادة والاستقلال والقرار الحر.
نحن أشقاء عندما نسكت عن قتلة زعمائنا، ونصبح فورا ألد الأعداء عندما نطالب بالكشف عن الحقيقة في الاغتيالات التي أدمتنا.
رئيس حكومتنا شقيق عندما يكون عبد مأمور بيد بشار، ويصبح فورا عميل أمريكي عندما يفكر بمصلحة لبنان ويعمل على تشكيل المحكمة الدولية لردع المجرم، ولكي لا يتابع مهنته التي أتقنها في نظام مخابراتي إرهابي لا يقيم وزنا للحياة.
ملالي إيران يفكروا بمصلحة إيران، أي إيران أولا. حاكم سوريا يفكر بمصلحته في التخلص من المحكمة والتملق من أجل ذلك لأمريكا. أما لبنان فممنوع عليه أن يقول لبنان أولا، بل عليه أن يكون ساحة مفتوحة لحروبهم.
أريد أن أسأل فيصل المقداد قبل أن يدعم خيار الشعب اللبناني، هل هناك خيار عند الشعب السوري المغلوب على أمره منذ أكثر من أربعين سنة بنظام استبدادي ظالم؟
دمر الشخصية السورية الأبية تدميرا كاملا وأوصلها إلى مرحلة الخنوع في كل شيء. أي يجب على السوري أن لا يفكر وأن لا يكون عنده أي خيار سوى البعث وبشار.
بشار أوصل بأخطائه سوريا إلى العزلة الكاملة والإنسان السوري إلى الفقر المدقع لكي لا يفكر بالسياسة بل ببطنه.
قبل أن يدعم فيصل المقداد خيار الشعب اللبناني، لماذا لا يدعم حق الشعب السوري في تحرير جولانه المحتل.
لكنه نظام عاجز عن حل أي مشكلة بل يراكمها على سورية بتدخلاته ضد جيرانه.
وبعد ذلك يأتي المقداد ليعطينا دروسا في quot;حكومة الوحدة الوطنيةquot; مع أن نظامه يستميت من إشعال نار الفتنة بيننا تارة من خلال فضيحة quot;فتح الانتفاضةquot; واغتيال 36 شخصية لبنانية من أحرار 14 آذار، وتارة أخرى بافتعال المشاكل بواسطة عناصر سوريّة مدسوسة في كل زاوية. وهذا ما تبدّى في اليوم الأول من مظاهرات quot;حزب اللهquot;، بعد توقيف السوري حمزة محمد صادق اسماعيل الذي قام بشتم السيد حسن نصر الله في ساحة الشهداء وفرّ باتجاه الأشرفية المسيحية ليلحق به قرابة 300 عنصر من quot;حزب اللهquot; ليعيثوا خرابا، لو لم تتمكن قوّة من الجيش اللبناني من اعتراضهم وعملت على تفريقهم.
وماذا لو لم يكن الجيش جاهزا في المنطقة ورد أبناء المنطقة عليهم فالفتنة مبرمجة.
أيضا المشكلة التي وقعت في منطقة قصقص، حيث اتهم كل فريق الطرف الآخر بالاستفزاز. وتبين فيما بعد أن سببها ثلاثة سوريين ضُبطوا على سطح بناء قريب من جامع الخاشقجي في بيروت يرمون الحجارة على القوى الأمنية وعلى سكان المحلة، فيما كان يمرّ موكب لـquot;حزب اللهquot;، الأمر الذي تسبّب بإشكال وقع فيه أربعة جرحى وإحراق عدد من المحال. العامل السوري الذي يريد كسب لقمة عيشه لا يمكن أن يقوم بهذه الأعمال المنكرة. العامل السوري في لبنان هو ضحية مخابراته التي تجلب له الشر والأذى.
كم جميلا أن يسكت فيصل المقداد. ويهتم بشؤون بلاده التي لا يأتي منها للبنان إلا التفجيرات والاغتيالات والمخابرات.
نحن لا نحتاج لدعمه في خياراتنا الوطنية.
إقامة حكومة وحدة وطنية هي مهمة القوى اللبنانية الممثلة بمجلس النواب الذي انتخبه الشعب. الحكومة تحصل على الثقة من مجلس النواب وهو الذي يحجب الثقة عنها. الدعم العربي والدولي لحكومة السنيورة هو دعم معنوي للشرعية.
هذه الشرعية هي شوكة في عين النظام السوري والإيراني وعملائهما في لبنان لأنها تعمل لمصلحة لبنان أولا.
حكومة الوحدة الوطنية لا يمكن أن تقوم على أساس تعطيل هذه الوحدة من خلال الثلث المعطل الذي يطالب به quot;حزب اللهquot;.
انسحاب وزراء quot;حزب الله وأملquot; لتعطيل الحكومة الشرعية ليس له أي مبرر سوى أوامر النظام السوري في عرقلة قيام المحكمة، وإلا فلماذا مجرد طرح موضوع المحكمة في مجلس الوزراء قدمت الاستقالات؟
على الرغم من أن السنيورة كان لينا جدا كعادته في تعامله مع طرح الموضوع قائلا لهم وللحودquot; إذا لم يعجبكم عقد جلسة مجلس الوزراء اليوم نؤجلها إلى يوم آخر، ولكن هناك أمر عمليات صادر من إيران وسوريا لوقف المحكمة وهدف التظاهرات الحالية ليس حكومة وحدة وطنية كما يرددون بقدر ما هو إيقاف المحكمة لكي يفلت المجرم ويتابع قتل أحرار لبنان.
الشعب اللبناني يعبر عن خياراته من خلال انتخاباته.
كل الانتخابات التي جرت منذ أكثر من عام: من نقابة الصيادلة إلى أطباء الأسنان إلى المحامين إلى طلاب الجامعات إلى موظفي المطار اكتسحتها قوى 14 آذار.
إذا جرت انتخابات نيابية الآن، رغم صعوبة تحقيق ذلك بسبب الوضع الأمني، فإن النصر سيكون حليفها، لأنها تحمل هموم الشعب المعيشية وتعمل حقا من أجل مصلحة لبنان، عكس شلل 8 آذار الذين لا هم لهم من مظاهراتهم إلا شل الاقتصاد اللبناني خدمة الآخرين.
حكومة السنيورة لن تسقط لأنها صاحبة قضية وطنية. حكومة كرامي سقطت لأنها كانت تركيبة مخابراتية، سهلت اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بإنقاص عدد حراسه.
سعيد علم الدين
التعليقات